في ذكرى رحيله.. خوان رامون خيمينيث، شاعر الروح والنور

في ذكرى رحيله.. خوان رامون خيمينيث، شاعر الروح والنور

في مثل هذا اليوم من عام 1881، ولد خوان رامون خيمينيث بمدينة موغير بإقليم الأندلس الإسباني، ليصبح لاحقا أحد أعظم شعراء إسبانيا في القرن العشرين، وحائزا على جائزة نوبل في الأدب عام 1956.  عرف خيمينيث بلقب “شاعر الروح والضوء”، إذ مثل شعره رحلة عميقة في الذات، والجمال، والصفاء، متجاوزا الشكل التقليدي ليؤسس لمدرسة شعرية خاصة تعرف بـ”النقاء الشعري”. بدأ خيمينيث كتابة الشعر في سن مبكرة، بتأثير من الرمزيين الفرنسيين والرومانسيين الإسبان، لكن سرعان ما تطورت لغته لتغدو أكثر تجريدا وتأملا، متحررة من الزخارف الشكلية، ساعية إلى جوهر الشعر الخالص، كان يرى أن الشعر لا يجب أن يكون وسيلة تعبير، بل غاية في ذاته، تجربة شعورية تتجاوز الكلمات. أصدر ديوانه الأول عام 1900 بعنوان “نفوس البنفسج”، تبعه عدد من المجموعات الشعرية التي كرست مكانته الأدبية، لكن أشهر أعماله يبقى كتاب “بلاتيرو وأنا”، وهو نص نثري شعري نشر عام 1914، يتناول عبره علاقة الشاعر بحماره الرمزي “بلاتيرو”، في رحلة وجدانية تختلط فيها الطفولة بالحكمة، والحياة بالموت، في لغة بسيطة عميقة، جعلت الكتاب من أحب الأعمال في الأدب الإسباني، ومادة دراسية للأطفال والكبار على السواء. عرف خيمينيث بتأثره بالفلسفة الصوفية، خاصة تعاليم القديس يوحنا الصليبي، كما كان متأثرا بالشعراء الإنجليز والأمريكيين مثل وولت ويتمان، ما انعكس في نزوعه نحو الطبيعة والتأمل، وفي أسلوبه الحر المتدفق، ورغم شهرته الأدبية، عاش خيمينيث حياة مضطربة نفسيا، عانى فيها من الاكتئاب، وقضى فترات طويلة في مصحات عقلية، غير أن حبه العميق للأدب، وزوجته الكاتبة زينوبيا كامبروني، كانا مصدر قوته ومصدر إلهامه الأكبر. مع اندلاع الحرب الأهلية الإسبانية عام 1936، اضطر خيمينيث إلى مغادرة وطنه، متنقلا بين أمريكا اللاتينية والولايات المتحدة، حيث واصل الكتابة والتدريس، وظل صوته حاضرا في المنفى، في عام 1956، وبعد عقود من العطاء الأدبي، منح جائزة نوبل في الأدب تقديرا لـ”شعره العالي، الحساس، والموحى، الذي يمثل مثالًا للغة الإسبانية الصافية”، لكن القدر كان قاسيا، إذ تلقى الخبر بعد وفاة زوجته بأيام، فغرق في حزن عميق، وتوفي بعدها بعامين في 1958.