ما سبب أهمية “الرواد الرقميون”؟

إن اهتمام الرئيس عبدالفتاح السيسى بمبادرة «الرواد الرقميون» لم يكن وليد الصدفة، بل تجسيد لرؤية استراتيجية طموحة تهدف إلى تسريع وتيرة التحول الرقمى فى مصر، وإطلاق العنان لإمكانات الشباب المصرى فى بناء اقتصاد معرفى مستدام. ويدرك الرئيس أن العصر الحالى عصر المعرفة والابتكار، وأن القدرة على المنافسة عالميًا ترتبط ارتباطًا وثيقًا بمدى امتلاك الدولة كوادر بشرية مؤهلة فى مجالات التكنولوجيا الرقمية المتطورة. وهنا جاءت هذه المبادرة كمحرك رئيسى لتمكين الشباب وصقل مهاراتهم ودمجهم فى مسيرة التنمية الشاملة التى تشهدها البلاد.وتتعدد أوجه هذا الاهتمام وتتجسد فى العديد من الإجراءات والقرارات التى تعكس جدية الدولة فى دعم هذه المبادرة. فمنذ إطلاقها حظيت «الرواد الرقميون» بدعم مباشر من أعلى المستويات السياسية، ما منحها زخمًا كبيرًا وفتح أمامها الأبواب لتوفير الموارد اللازمة والتعاون مع مختلف الجهات الحكومية والخاصة. ولم يقتصر هذا الدعم على التصريحات الرسمية، بل امتد ليشمل تخصيص ميزانيات ضخمة للبرامج التدريبية المتخصصة، وتوفير أحدث التقنيات والبنية التحتية اللازمة لمراكز التدريب. كما شهدنا توجيهات رئاسية متكررة بضرورة التوسع فى أعداد المستفيدين من المبادرة وتغطية مختلف المحافظات، لضمان وصول فرص التدريب والتأهيل الرقمى إلى أكبر شريحة ممكنة من الشباب المصرى، خاصة فى المناطق الأقل حظًا.إن دور مبادرة «الرواد الرقميون» فى الحياة المصرية يتجاوز مجرد تأهيل الشباب فى مجالات التكنولوجيا، وإنما بمثابة حجر زاوية فى بناء مجتمع رقمى متكامل، قادر على مواكبة التطورات العالمية والاستفادة من الفرص الهائلة التى يوفرها الاقتصاد الرقمى. وتسهم المبادرة فى تعزيز سوق العمل المصرية بكفاءات رقمية عالية الطلب، ما يقلل من الفجوة بين مخرجات التعليم واحتياجات الصناعة. وهذا يعزز من قدرة الشركات المصرية على الابتكار والتوسع، ويجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة فى قطاعات التكنولوجيا والاتصالات، ويزيد من تنافسية المنتجات والخدمات المصرية على الصعيدين الإقليمى والدولى. كما أنها تفتح آفاقًا جديدة لريادة الأعمال، حيث يتم تشجيع الخريجين على تأسيس شركات ناشئة فى مجالات التكنولوجيا، ما يسهم فى خلق فرص عمل جديدة وتحقيق قيمة مضافة للاقتصاد الوطنى.كما أن المبادرة تسهم فى تمكين الشباب وتزويدهم بالأدوات اللازمة لمواجهة تحديات المستقبل. فهى لا تقتصر على تعليم المهارات التقنية فحسب، بل تعمل على تنمية المهارات الشخصية مثل التفكير النقدى، وحل المشكلات، والعمل الجماعى والإبداع. وهى مهارات أساسية للنجاح فى أى مجال. كما أن المبادرة تسهم فى بناء جيل جديد من الشباب الواعى بأهمية التكنولوجيا ودورها فى بناء مجتمع أكثر تطورًا وشمولية. وذلك من خلال تدريب الشباب على استخدام التقنيات الحديثة فى مختلف المجالات، ما يمكنهم من المساهمة فى تحسين الخدمات الحكومية، وتطوير حلول مبتكرة للمشكلات المجتمعية، وزيادة الوعى الرقمى لدى شرائح أوسع من المجتمع. وهذا يصب فى النهاية فى صالح المواطن المصرى، من خلال توفير خدمات أسهل وأكثر كفاءة، وتسهيل الوصول إلى المعلومات، وتعزيز الشفافية. وتلعب المبادرة دورًا حيويًا فى تعزيز مكانة مصر كمركز إقليمى للابتكار والتكنولوجيا. فمن خلال تخريج أعداد متزايدة من الكفاءات الرقمية، تصبح مصر وجهة جاذبة للشركات العالمية التى تبحث عن المواهب فى هذا المجال، ما يعزز من مكانتها على خريطة الاستثمار العالمى فى قطاع التكنولوجيا. كما أن المبادرة تسهم فى بناء مجتمع رقمى شامل، حيث يتم تدريب الشباب على استخدام التكنولوجيا فى مجالات متنوعة مثل الرعاية الصحية والتعليم، والزراعة، ما يعود بالنفع على جميع قطاعات الدولة ويسهم فى تحقيق أهداف التنمية المستدامة. إن اهتمام القيادة السياسية المصرية بمبادرة «الرواد الرقميون» ليس مجرد دعم عابر، بل استثمار استراتيجى فى مستقبل مصر. هذا الاهتمام يعكس إيمانًا راسخًا بأن رأس المال البشرى، وبخاصة الشباب المجهز بالمهارات الرقمية، هو المحرك الحقيقى للنمو والازدهار. ومع استمرار هذا الدعم وتوسيع نطاق المبادرة، والتأكيد على جودة مخرجاتها، فإن مصر تسير بخطى ثابتة نحو بناء اقتصاد رقمى قوى ومجتمع معرفى متقدم، قادر على المنافسة عالميًا وتحقيق طموحات الشعب المصرى فى مستقبل أفضل.