محمد ممدوح، عضو «المجلس القومي لحقوق الإنسان»: مراكز الإصلاح والتأهيل وضعت حداً لظاهرة تحول المدمنين إلى تجار مخدرات بعد دخول السجن.

أكد الدكتور محمد ممدوح، عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، أهمية الجولات الميدانية التى يجريها أعضاء المجلس داخل مراكز الإصلاح والتأهيل بمختلف أنحاء الجمهورية، باعتبارها خطوة محورية للاطلاع على الواقع الحقيقى للنزلاء، وتقييم مدى احترام حقوق الإنسان داخل المؤسسات التى يقضون فيها عقوباتهم.وشدد «ممدوح»، فى حواره التالى مع «الدستور»، على أن المرحلة الحالية تشهد تطورًا ملحوظًا فى ملف مراكز الإصلاح والتأهيل، خاصة بعد إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، فى سبتمبر ٢٠٢١، التى أعادت توجيه التركيز من العقوبة إلى الإصلاح وإعادة الدمج المجتمعى.ونبه إلى وجود تحسن ملموس فى أوضاع السجون، سواء على صعيد توفير الرعاية الصحية أو التعليم والتأهيل المهنى للنزلاء، مشددًا على أن مراكز الإصلاح والتأهيل الحديثة أنهت زمن «اللى يدخل السجن متعاطى يخرج تاجر مخدرات»، من خلال برامج متخصصة تمنع العودة إلى طريق الإجرام من جديد. ■ من واقع زياراتكم الأخيرة.. إلى أى مدى ترى حالة التغيير داخل مراكز الإصلاح والتأهيل؟– التشكيل الحالى للمجلس القومى لحقوق الإنسان كانت لديه رؤية خاصة فى زياراته الميدانية إلى مراكز الإصلاح والتأهيل، عبر تشكيل ما يُشبه «بعثات تقصى حقائق»، لرصد ومتابعة حالة حقوق الإنسان داخل هذه المراكز، ومتابعة أوضاع المحكوم عليهم. لا أحد ينكر أنه منذ انطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، فى سبتمبر ٢٠٢١، شهدت المؤسسات العقابية طفرة ملحوظة، مع اتجاه مصر للتحول من «الفلسفة العقابية» إلى «الفلسفة الإصلاحية».لا أحد ينكر أنه، على مدار سنوات طويلة، كانت أماكن الاحتجاز تمثل صداعًا لملف حقوق الإنسان فى مصر، خاصة أنها كانت غير مؤهلة ولا تتوافق مع المعايير الدولية، ولعل هذا ما ظهر فى العديد من الأعمال الفنية، لكن الدولة تبنّت سياسة المصارحة والمكاشفة، ورأت أنه من الضرورى العمل على تطوير هذه المنظومة، بما يضمن فلسفة إصلاح جديدة تتناسب مع متطلبات المرحلة الحالية للدولة.■ ماذا رصدتم خلال هذه الزيارات؟– لا يمكن القول إن الصورة مكتملة تمامًا، لكنها أفضل بكثير مما كانت عليه فى السابق، وهذا مؤشر واضح على أننا نسير فى الاتجاه الصحيح. لقد أصبحت مراكز الإصلاح والتأهيل اليوم متوافقة إلى حد كبير مع المعايير الدولية، بل إن بعض هذه المراكز تجاوز الحدود الدنيا المنصوص عليها فى «قواعد نيلسون مانديلا»، وغيرها من القواعد الدولية المنظمة لسياسات مراكز الإصلاح والتأهيل.نحن نعتمد على مجموعة من المعايير أثناء الزيارات، تبدأ بقياس الطاقة الاستيعابية للمكان، ورصد المساحة المخصصة لكل نزيل، ثم الاطلاع على جودة التهوية، ومستوى الرعاية الصحية، وغيرها من التفاصيل ذات الصلة. رغم أن الصورة ليست مكتملة بعد، أؤكد أن ما نراه اليوم وضع حقوقى يضمن لكل مواطن داخل هذه المؤسسات الحصول على حقوقه التى نص عليها الدستور والقانون.■ هل تحولت هذه المراكز إلى استخدام التكنولوجيا الحديثة؟– التكنولوجيا الحديثة كان لها دور جوهرى فى تعزيز وضمان حالة حقوق الإنسان داخل مراكز الإصلاح والتأهيل. رغم أن بعض الحقوقيين عارضوا استخدام كاميرات المراقبة داخل هذه المراكز، باعتبار أن ذلك قد يمس خصوصية النزلاء، نظرنا إلى الأمر من زاوية مختلفة، وهى أن الكاميرات تسهم فى حماية النزلاء من أى تجاوزات أو انتهاكات، سواء من داخل المؤسسة أو غيرها، مع توفير أداة توثيق ومحاسبة حال وقوع أى مخالفات.راعت الجهات المعنية عند تركيب هذه الكاميرات عدم انتهاك خصوصية النزلاء، عبر وضعها فى الممرات المؤدية إلى دورات المياه، وفى العنابر، لضمان عدم تعرض أى نزيل للاعتداء أو الانتهاك، أيًا كانت العقوبة التى يقضيها، ولضمان تمتعه بكامل حقوقه المنصوص عليها فى القانون والدستور.ساعدت التكنولوجيا، أيضًا، فى تعزيز إجراءات الأمن داخل المراكز، من خلال منع تهريب المواد الممنوعة أو الأدوات الخطرة أو المخدرات، وهى مشكلة كانت تمثل تحديًا كبيرًا فى السابق، فضلًا عن دورها فى تطوير مستوى الرعاية الصحية، عبر إنشاء وحدات طبية مجهزة تقدم خدمات صحية عالية الجودة، تفوق فى بعض الأحيان ما يقدمه بعض المستشفيات الخاصة. كما أن التكنولوجيا مكنت الجهات المختصة من تصميم برامج إصلاح وتأهيل تتناسب مع احتياجات النزلاء، بما يسهم فى إعادة دمجهم بالمجتمع بعد انتهاء فترة العقوبة، وهو أحد الأهداف الرئيسية للفلسفة الإصلاحية الجديدة.■ كيف ترى أهمية البرامج التدريبية والمهنية للنزلاء داخل مراكز الإصلاح؟– باتت مراكز الإصلاح والتأهيل تسير وفق منهجية متوافقة مع مبادئ حقوق الإنسان. لم يعد الأمر مجرد تنفيذ للعقوبة، بل تحول حقيقى فى الفلسفة من السجن العقابى إلى مركز إصلاح وتأهيل، وهذا ليس مجرد تغيير فى المسمى، بل تحول فى الأدوات والممارسات.نحن اليوم أمام منظومة متكاملة تشمل برامج متنوعة فى مختلف القطاعات، منها برامج تدريبية ومهنية تهدف إلى تأهيل النزيل وتمكينه من اكتساب مهارات أو حِرف تتيح له فرصة عمل شريفة بعد الإفراج عنه، وبرامج تعليمية تمكّنه من استكمال دراسته أو تعويض ما فاته من مراحل التعليم، وأخرى نفسية واجتماعية تساعده فى تجاوز المشكلات السلوكية أو النفسية التى قد تؤدى إلى العودة مرة أخرى لطريق الجريمة، علاوة على برامج توعية ومشورة فى مجالات مثل الوقاية من تعاطى المخدرات، و«الإيدز»، وغيرهما من التحديات الصحية والاجتماعية.أصبح لعدد من مراكز الإصلاح والتأهيل تعاون مباشر مع منظمات دولية، مثل مكتب الأمم المتحدة المعنى بالجريمة والمخدرات، الذى أصبح له دور فعّال فى دعم تلك البرامج داخل المراكز، كما أن وجود ملف متكامل لكل نزيل يتابع حالته، يضمن العدالة فى تقديم الخدمات، ويحوّل تجربة الاحتجاز إلى مسار فعلى للإصلاح وإعادة التأهيل.■ ما أثر برامج التدريب المهنى والتعليم على النزلاء؟– كان لهذه البرامج تأثير بالغ الأهمية، فقد غيّرت من الصورة النمطية التى كانت سائدة فى الماضى. سابقًا، كان من يدخل السجن كمُتعاطٍ يخرج تاجر مخدرات، نتيجة الاحتكاك ببيئة غير آمنة، وغياب البرامج الإصلاحية الجادة. أما اليوم، فالوضع مختلف تمامًا، فوجود برامج مدروسة وُضعت من قِبل مختصين، سمح بإعادة توجيه سلوك النزلاء نحو مسارات إيجابية.أسهمت هذه البرامج فى تنمية المهارات الحرفية والعملية للنزلاء، ما يوفر لهم فرص عمل حقيقية بعد انتهاء فترة العقوبة، إلى جانب استثمار وقتهم داخل المركز بشكل مفيد، ما يقلل من الفراغ الذى قد يقود إلى سلوكيات سلبية، فضلًا عن توفير مصادر دخل من خلال ورش إنتاجية، ما يخفف العبء المالى عن أسرهم فى الخارج.وقطاع الحماية المجتمعية «مصلحة السجون سابقًا» تبنّى فلسفة جديدة تقوم على تحويل النزيل إلى عنصر منتج، وتوفير آليات لتسويق المنتجات التى يصنعها داخل الورش، ما يحقق له دخلًا وكرامة إنسانية. كما أن هناك متابعة لما بعد الإفراج. ويحصل بعض النزلاء على بطاقات متابعة تساعدهم فى استكمال علاجهم فى أقرب المستشفيات، فى إطار تنسيق دائم بين وزارة الداخلية والوزارات الأخرى، مثل الصحة، والتربية والتعليم، والهيئة العامة لمحو الأمية.الخلاصة: الدولة لم تعد تتعامل مع النزيل باعتباره مجرمًا يُعاقب، بل مواطنًا ارتكب خطأ ويستحق فرصة ثانية. فالعقوبة تعنى سلب الحرية فقط، لا الإهانة أو الإذلال أو الانتقاص من الكرامة.■ كيف ترى ممارسة الشعائر الدينية داخل مراكز الإصلاح والتأهيل؟– فى السابق، كان يزور المركز شيخ من وزارة الأوقاف لإقامة الصلاة. بينما لم تكن هناك كنائس بالمعنى الحقيقى. أما اليوم، فأُنشئت مراكز كنسية داخل بعض مراكز الإصلاح والتأهيل، ما يضمن المساواة بين النزلاء فى ممارسة شعائرهم الدينية. فى الماضى، كان الكاهن يأتى ومعه أدواته، ويضطر إلى استخدام المكتبة أو أى مكان متاح لإقامة القُداس. أما الآن، فأصبح من حق النزيل المسيحى، مثله مثل المسلم، ممارسة شعائره داخل مكان مخصص ومهيأ لذلك، باعتبار أن هذا حق دستورى وإنسانى. والدولة لم تعد تكتفى بالسماح بممارسة الشعائر، بل أصبحت ملزمة بتوفير كل التسهيلات اللازمة التى تكفل أداءها بكرامة، وعلى قدم المساواة مع أتباع الديانات الأخرى.■ ما أهمية الدمج المجتمعى للنزلاء بعد انتهاء فترة العقوبة؟– الدمج المجتمعى يعد من أهم المراحل فى عملية الإصلاح، وهو دور أساسى لقطاع «الرعاية اللاحقة»، إلى جانب برامج المجتمع المدنى، وبمشاركة فاعلة من المجلس القومى لحقوق الإنسان، الذى له دور واضح فى وضع رؤى لإعادة دمج المفرج عنهم أو من أنهوا مدة العقوبة فى المجتمع.فى الماضى، كانت وصمة السجن تلاحق النزيل السابق، وكان يُقال «اتفتح له ملف»، بما يعنى أنه غير مرغوب فيه، أو يمكن الوثوق به. أما الآن، فأصبح «فتح الملف» فرصة لإعادة بناء شخصيته ودعمه لبدء حياة جديدة، خاصة أن هذا الشخص ليس فردًا معزولًا، بل جزء من أسرة. ولا ينبغى أن نعاقب أسرته بذنبه.الكثير من النزلاء كانوا يُثقلون كاهل أسرهم بمصاريف الزيارات، وفى بعض الأحيان، لم تكن جودة الطعام كافية أو مناسبة، أو كانت ظروف الإقامة صعبة «مثل غياب التهوية أو البطاطين فى الشتاء». أما اليوم، فتغيّرت الأوضاع، بفضل إنشاء منشآت حديثة تراعى المعايير الدولية، ما ينعكس إيجابًا على النزيل وأسرته. تحسين المنظومة لا يخدم النزيل وحده، بل المجتمع بأسره، لأنه يُعيد إنسانًا قادرًا على العمل والعطاء، بدلًا من أن يبقى مُحاصرًا بالوصمة والعزلة.■ كيف يتعامل المجلس القومى لحقوق الإنسان مع الشكاوى الواردة من مراكز الإصلاح والتأهيل؟– زيارات المجلس القومى لحقوق الإنسان وتقصّيه الحقائق أدوات مهمة لرصد الوضع الفعلى على الأرض، حيث يلتقى أعضاؤه بالحالات المختلفة داخل مراكز الإصلاح، ويتحدثون معهم وجهًا لوجه، ويستمعون إلى أوضاعهم الحقيقية. وفى حال وجود شكاوى أو مشكلات، يتدخل المجلس بشكل مباشر، وهو ما حدث مع عدة حالات لمحكوم عليهم، من بينهم نشطاء معروفون مثل علاء عبدالفتاح، عبر نقلهم من أماكن احتجاز يعانون فيها من مشكلات إلى أخرى جديدة، فضلًا عن التيسير على بعض الحالات، ومتابعة الحالة الصحية لآخرين، مع العمل المستمر على تطوير مراكز الإصلاح والتأهيل.■ وماذا عن الملحوظات التى ترصدونها خلال الزيارات؟ – سجلنا عددًا من الملحوظات خلال زياراتنا إلى مراكز الإصلاح والتأهيل، من أبرزها ضعف جودة دورات المياه، ووجود قصور فى إجراءات السلامة المهنية داخل الورش، بالإضافة إلى الملحوظات تتعلق بالخدمات التعليمية المُقدمة للنزلاء، وحالة حقوق الإنسان بشكل عام. اليوم، ومن خلال زيارات متتالية، لاحظنا تحسنًا كبيرًا فى كل هذه الملحوظات.نحن لا نكتفى بإصدار التوصيات، بل نحرص على المراجعة المستمرة والتقييم، وإعادة الزيارة للتأكد من تنفيذها على أرض الواقع، حتى لا تكون زياراتنا مجرد إجراءات روتينية. ما نراه اليوم نقلة نوعية فى هذا الملف، ونحن نعتز بكوننا طرفًا مساهمًا فى تلك الطفرة.كنا فى الماضى نتحدث عن سجون عمرها مئات السنين، مثل سجن «القلعة»، فهل يمكن لمكان بهذا العمر أن يقدم خدمات تتناسب مع متطلبات عام ٢٠٢٥؟ بالتأكيد الأمر صعب. كما كانت لدينا أماكن احتجاز قديمة تقع فى قلب المدن، تفتقر إلى المعايير اللازمة لتقديم خدمات إنسانية لائقة. فى بعض الحالات، كانت المساحة المخصصة للنزيل لا تتجاوز «شِبْرًا وقُضّة»، أو قطعة بلاط! على سبيل المثال، أيضًا، سجن الاستئناف فى «باب الخلق» بوسط القاهرة، كان الأهالى يضطرون لاستئجار شقق قريبة، والتواصل من الشرفات مع ذويهم داخل السجن! هذا الوضع كان يُشكل خطرًا على العدالة، لأنه كان يسمح باتصال النزيل مع الخارج بطريقة قد تؤثر على سير التحقيقات أو الإجراءات القانونية، علاوة على التهديدات الأمنية للنزلاء أنفسهم. كما كانت سجون مثل طرة والحضرة والفيوم تمثل عبئًا كبيرًا على منظومة حقوق الإنسان.■ ما الذى فعلته الدولة للتعامل مع هذه الأزمات؟– اتخذت الدولة خطوات واضحة للتعامل مع هذه الأزمات، بداية من إنشاء ٥ مراكز إصلاح وتأهيل جديدة، مقابل إغلاق ١٥ سجنًا عموميًا. وهذا رقم مهم. فبدلًا من أن نقول «افتتحنا»، فقط، نغلق فى الوقت ذاته أماكن لم تكن لائقة، فضلًا عن تغيير فلسفة العمل داخل مراكز الإصلاح. فى السابق، كان السجين يُجبر على تكسير الحجارة دون هدف. أما اليوم، فهو يعمل داخل ورش ومزارع ومصانع، يحصل من خلالها على دخل، وله نصيب من عملية إعادة البيع، بما يعود عليه بالفائدة، ويسهم فى تخفيف العبء المالى عن أسرته، علاوة على تحسن واضح فى توفير الاحتياجات الأساسية، والسماح للنزيل بالحصول على المنتجات التى يحتاجها دون معاناة.■ بصفة عامة.. كيف ترى تطور ملف حقوق الإنسان فى مصر من وجهة نظرك؟– الصورة ليست وردية، ولا نعيش فى «المدينة الفاضلة». نحن فى دولة عانت طويلًا من التعامل مع ملف حقوق الإنسان بوصفه «رفاهية»، أو باعتباره «أجندة غربية» لا تتناسب مع خصوصية الدولة المصرية. لفترة من الزمن، كان يُنظر إلى كل من يتحدث عن حقوق الإنسان فى مصر على أنه «ممول من الخارج لا يبتغى الخير للبلاد»، وكانت تُوجَّه إليه تُهم «جاهزة ومعلبة».نسى من يفعل ذلك أن الحركة الحقوقية المصرية هى فى الأصل حركة وطنية أصيلة، تمتلك تاريخًا طويلًا من النضال من أجل المواطن. كما أنه ليس من العدل تحميل كل أعضاء الحركة الحقوقية مسئولية أخطاء بعض المنتمين إلى المجتمع المدنى ممن انتهجوا سياسات مُسيَّسة فى تعاملهم مع ملف حقوق الإنسان.وفى السنوات الأخيرة، شهد المجتمع المدنى المصرى تطورًا واضحًا، سواء على مستوى الهيكلة القانونية، أو التوسع فى عدد الجمعيات والمؤسسات التى تعمل فى ملفات تنموية. الأهم من ذلك أن هناك تحولًا نوعيًا فى فلسفة عمل بعض منظمات المجتمع المدنى، فقد أصبح كثير منها يتبنى النهج القائم على الحقوق بدلًا من العمل الخيرى التقليدى فقط، بما يسهم فى تعزيز مفاهيم مثل: التمكين والمواطنة والعدالة الاجتماعية، كجزء من أجندة التنمية.■ وماذا عن دور الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان؟- الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان نقطة تحول فارقة فى مسار حقوق الإنسان داخل مصر، فكما أعلن الرئيس السيسى، تأتى هذه الاستراتيجية لمعالجة إرث طويل من التعامل غير اللائق فى هذا الملف، لتمثل إعلانًا رسميًا من الدولة عن بداية مرحلة جديدة، خاصة أنها لم تكن مجرد «إعلان نوايا»، بل تضمنت محاور واضحة وبنودًا محددة، تحتاج من الجميع، خاصة المهتمين بحقوق الإنسان، قراءتها بتمعن.كيف تطورت آلية عمل المجلس القومى لحقوق الإنسان؟– لأول مرة، نرى مجلسًا قوميًا لحقوق الإنسان منتخبًا وفقًا لآليات واضحة وشفافة. بعد تعديل قانونه عام ٢٠١٧، دعا مجلس النواب منظمات المجتمع المدنى والنقابات المهنية لتقديم ترشيحاتها لشغل عضوية المجلس. وبين عامى ٢٠١٨ و٢٠٢١، قُدم نحو ٢٠٠٠ ترشيح.عكفت اللجان المعنية داخل البرلمان على دراسة هذه الترشيحات، ثم تم التصويت عليها فى جلسة عامة علنية موثقة ومسجلة بالفيديو، وأُعلنت أسماء الأعضاء بمهنهم، سواء كانوا محامين أو أطباء أو أكاديميين أو غيرهم، ليضم التشكيل الجديد تنوعًا حقيقيًا يمثل كل فئات المجتمع: شبابًا ونساء وأقباطًا، كما تحول المجلس من كونه تابعًا لمجلس الشورى إلى هيئة مستقلة تعمل وفق «مبادئ باريس»، بما يضمن له الاستقلالية والقدرة على ممارسة دوره بفاعلية.