تطوير وبناء.. جولة لـ«الدستور» في المشاريع الجديدة ببورسعيد: تستوعب 800 ألف ساكن

فى عام ٢٠٢٢، صدر قرار وزارة الإسكان رقم ١٠٨٤ باعتماد المخطط الاستراتيجى العام لمدينة بورسعيد الجديدة «سلام»، والمخصصة بالقرار الجمهورى رقم ٥٨٩ لسنة ٢٠١٩، لإنشاء تجمع عمرانى جديد، على نحو ٢٢ ألف فدان، أى ما يوازى تقريبًا مساحة مدينة الشيخ زايد، مع توقع أن تستوعب المدينة نحو ٨٠٠ ألف نسمة. وعقب صدور القرار، بدأ تنفيذ مشروعات مدينة «سلام»، المدينة الواعدة، وإحدى مدن الجيل الرابع، ضمن مشروعات تنمية إقليم قناة السويس، ليتحول الحلم إلى حقيقة، بإرادة مصرية، وقيادة سياسية، تولى اهتمامًا كبيرًا للإعمار والبناء، الأمر الذى استحق زيارة من «الدستور» إلى موقع المدينة الجديدة، للقاء المسئولين عنها، والتحدث مع العاملين بها عما تحقق حتى الآن من الحلم، الذى رسمه الخبراء والمصريون على الورق منذ أكثر من ربع قرن.رئيس جهاز المدينة: بدأنا البنية التحتية من العدم.. ونتشاور مع الأهالى لأنهم شركاء التنميةفى المدينة الوليدة، التى تقع على ساحل البحر المتوسط شرق مدينة بورسعيد القديمة، بدأت «الدستور» جولتها، بعد الوصول إلى المدينة من خلال نفق ٣ يوليو، والمرور بين مشروعات المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، ومشروعات البنى التحتية المتعددة المكتملة أو التى يجرى تنفيذها على أرض الواقع.بداية الجولة كانت من مقر جهاز مدينة بورسعيد الجديدة، بعد استقبال اتسم بالحفاوة من العاملين بالجهاز، على رأسهم المهندس طارق جمال الدين، رئيس جهاز مدينتى شرق وغرب بورسعيد، الذى بدأ حديثه إلينا على الفور عن مدينة «سلام»، وموقعها الجغرافى المتميز، مؤكدًا أنها تمثل نقلة حضارية كبيرة لأهالى المنطقة.وقال «جمال الدين»: «نحن نحتاج كثيرين لتشغيل المنطقة الاقتصادية شرق بورسعيد، لكن أين سيسكن كل هؤلاء؟ لذا كان لا بد من بناء مدينة لكل العاملين بالمنطقة، ما يحقق التكامل بين المشروعات».لمشاهدة ما تحقق على أرض الواقع، اصطحبنا رئيس جهاز مدينة «سلام» فى سيارة خاصة للقيام بجولة تفقدية للمدينة، مررنا خلالها بما يعرف بـ«طريق البحر»، متحدثين عن البيوت المتناثرة حولنا على مسافات من بعضها البعض.وأوضح «جمال الدين» أن المنطقة المخصصة للمدينة كان يوجد بها بعض التجمعات المدنية، من بينها قرية الأحرار، التى تحيط بنا منازل أهلها، الذين تم فتح باب توفيق الأوضاع أمامهم فى الفترة من يناير إلى أغسطس من العام الماضى، مع تحويل منازلهم إلى منازل حضرية، لكنها تتناسب مع الطبيعة البدوية للمنطقة، مع إمدادهم بجميع المرافق المطلوبة، من مياه شرب وأنابيب صرف صحى وكهرباء وطرق واتصالات، وهو ما لم يكن متوافرًا من قبل.وأضاف: «حاليًا، تم توفير محطة مياه محلاة بقدرة ١٥٠ ألف متر مكعب/ يوم، منها ٥٠ ألف متر مكعب يومى للمدينة، والباقى للمنطقة الاقتصادية شرق بورسعيد، بالإضافة إلى محطة كهرباء عملاقة، تكفى احتياجات المشروع مستقبلًا، وكل هذا يتم بالتعاون الوثيق مع أهالى المنطقة، الذين نعقد معهم لقاءات دورية، نستمع خلالها إلى آرائهم، ونطلعهم على آخر القرارات، وما يتم تنفيذه، ليكونوا شركاء لنا فى عملية التنمية، لأننا هنا فى الأساس لتعمير المكان من أجلهم».وخلال حديثنا مع رئيس جهاز المدينة عن صعوبة الوصول من نفق ٣ يوليو إلى «سلام»، أوضح لنا أن التخطيط يتضمن إنشاء طريق جديد، بطول حوالى ٢٨ كيلومترًا، لنقل القادمين من النفق إلى قلب المدينة خلال ٢٠ دقيقة فقط، ما يخدم العمران والتنمية، مشيرًا إلى أن العمل يجرى حاليًا على تصميم الطريق وتجهيز مصادر تمويله.وبالنظر إلى الطريق الممتد، أوضح «جمال الدين» أن سيارتنا تسير على الطريق الرئيسى للمدينة، الذى تظهر على جانبيه المشروعات التى يتم تنفيذها على أرض الواقع، مع بدء تركيب أعمدة الإنارة الضخمة على جانبيه، وتحديد جوانبه بالأرصفة وتركيبات «الإنترلوك».بعد قليل، بدأ مشروع عمارات الإسكان الاجتماعى، الذى انتهى العمل به، فى الظهور، وقال رئيس جهاز المدينة عنه: «نحن هنا نتبع محافظة بورسعيد إداريًا، طبقًا للقرار ٢٢٢ بتعديل الحدود الإدارية للمحافظة، وبالتالى فهذه الوحدات مخصصة لأهالى بورسعيد، وتم طرحها وبيع نحو ٩٠٪ منها، وتم بالفعل تسكين ٦٠٠ مواطن بها، ويجرى حاليًا تسكين الباقى».مقاول: المشروعات فتحت أبواب الرزق لأهالى سيناءأثناء التجول داخل مشروعات المدينة، التقت «الدستور» محمد شبانة، أحد المقاولين العاملين فى مشروعات الطرق هناك، وهو من أبناء محافظة شمال سيناء، الذى أكد لنا أن مشروعات التنمية فتحت أبواب الرزق أمام أهالى سيناء بعدما كانت الحياة صعبة وفرص العمل قليلة.وأوضح أن ٢٠٪ من أبناء سيناء يعملون فى البناء، وأن جميع الأهالى أصبحوا يشعرون بأثر التنمية فى سيناء، ويؤيدون خطط الدولة فى الاستثمار والتنمية.وقال: «العمل بالطبع متاح للجميع ولكل الشركات، لكن الأولوية هى لأبناء سيناء، ومن ناحيتى فأنا أعمل فى أكثر من مشروع، أحدها يتبع جهاز التعمير، وهناك أعمال أخرى مع محافظة شمال سيناء، وأعرف كثيرين يعملون فى مشروع سكك حديد بئر العبد- العريش، وفى المسار من العريش إلى طابا، وأغلب مشروعات الطرق وأعمال الحفر ينفذها أهالى سيناء».وأشار إلى أن تلك المشروعات تسببت فى إنشاء شركات ضمت كثيرين من أبناء سيناء، خاصة العمالة غير المنتظمة، التى تعد المستفيد الأكبر من مشروعات التنمية حتى الآن.مسئول محطة تحلية المياه: التصميم والتنفيذ مصرى بالكامل ولدينا أحدث تكنولوجياتتركنا مقاول المشروعات ووصلنا إلى محطة تحلية مياه البحر الخاصة بمدينة بورسعيد الجديدة، وهناك التقينا المهندس محمد فارس، المشرف والمسئول عن تشغيل المحطة، الذى أوضح لنا، فى بداية حديثه، أن المحطة تعمل وفق أحدث تكنولوجيات المعالجة الأولية لمحطات التحلية.وأشار إلى أن المحطة تعد الأكبر فى مصر من حيث الإنتاج باستخدام تلك التكنولوجيا الخاصة بوحدة إزالة الشحوم ووحدة «اليو إف»، لافتًا إلى أن المحطة دخلت مرحلة التشغيل التجريبى فى عام ٢٠٢٠، وطبقًا للأكواد المصرية، فإنها ستستمر لمدة ٢٥ عامًا بالنسبة للأعمال الكهروميكانيكية، و٥٠ سنة بالنسبة للأعمال الإنشائية، ما دامت تحظى بالصيانة الدورية المناسبة.وأكد «فارس» أن المحطة تم تنفيذها بأيادٍ مصرية خالصة، وكل التصميم والشركات والعمالة بها كانت مصرية بالكامل.تركنا محطة التحلية، وفى ختام الجولة، كشف المهندس طارق جمال الدين، رئيس جهاز مدينة بورسعيد الجديدة «سلام»، عن أن هناك اجتماعًا تنسيقيًا مع محافظ بورسعيد، بحضور ممثلى كل الوزارات الخدمية، لترتيب إدخال كل الخدمات الحكومية إلى المدينة، وذلك بعد تجهيز المقرات لذلك.وقال: «سيبدأ تشغيل جميع الخدمات بكل طاقتها مطلع شهر أكتوبر المقبل، بالتزامن مع بدء تسليم وحدات مشروع الإسكان الاجتماعى». رئيس جامعة شرق التكنولوجية: لدينا طلاب من 19 محافظة ما ضاعف سكان المنطقةعلى جانبى الطريق الرئيسى لمدينة «سلام»، ظهرت المبانى المكتملة لجامعتين جديدتين، هما جامعتا شرق بورسعيد الأهلية والتكنولوجية، وهى تمتد على مساحة واسعة مع جمال فى التصميم، واهتمام بالمساحات الخضراء.وهناك، اصطحبنا رئيس جهاز المدينة للقاء الدكتور مدحت عوض الحادق، أستاذ الهندسة الميكانيكية فى جامعة بورسعيد ورئيس جامعة شرق بورسعيد التكنولوجية، الذى رحب بنا، موضحًا أن الجامعة بدأت فى استقبال الطلاب منذ شهر أكتوبر ٢٠٢٢.وقال: «الجامعة تأتى ضمن رؤية مصر ٢٠٣٠، وتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى بإنشاء جامعات تكنولوجية ومسارات مكتملة للتعليم الفنى التكنولوجى، أسوة بالتعليم الأكاديمى المعتاد، أى أنها تفتح مسارًا موازيًا كاملًا للتعليم الصناعى والتجارى والتمريض وكليات السياحة والفندقة، حتى يتمكن الطالب من الحصول على درجة البكالوريوس التكنولوجى والماجستير التكنولوجى، وأيضا الدكتوراه التكنولوجية».وتابع «الحادق»: «التنفيذ بدأ بـ١٠ جامعات تكنولوجية، وبسبب الإقبال الكبير على الجامعات الحكومية بدأت جامعات خاصة أخرى تفتح أبوابها، كان أولاها جامعة السويدى التكنولوجية، التى افتتحت فى العام قبل الماضى، ثم جامعة ساكسونى، فى العام الماضى، بالشراكة مع القطاع الخاص ومقاطعة ساكسونى فى ألمانيا».وأوضح رئيس الجامعة أن الإقبال على كلياتها أصبح كبيرًا جدًا، خاصة أن جامعة شرق بورسعيد التكنولوجية تتسع لـ١٥ ألف طالب.وأوضح «الحادق» تأثير بناء الجامعة على السكن بالمنطقة بالقول: «فى أى مكان ترغب بإحيائه وتوطين السكان به عليك البدء ببناء جامعة، لأنها تجذب السكان للمنطقة، وتلك هى رؤية الرئيس السيسى، الذى دعا لإنشاء جامعة لكل مليون مواطن، وتتبناها وزارة التعليم العالى، ما يعنى أننا نحتاج إلى ١١٦ جامعة متعددة الأوجه، سواء كانت جامعات حكومية أو أهلية أو خاصة أو دولية أو تكنولوجية».واستطرد: «عندما جاء الطلاب إلى هنا بدأت الحياة تدب فى المنطقة، ومنطقة رمانة التى نوجد بها كان تعدادها بين ٥٠ و٦٠ ألف نسمة، وحاليًا أصبح تعدادها ١٢٠ ألف نسمة خلال ثلاث سنوات فقط من بناء جامعة شرق والجامعة الأهلية المقابلة لنا، التى تضم حاليًا نحو ٣ آلاف طالب، ما زاد من السكن والإقبال على المنطقة».وحول التفكير فى إنشاء سكن جامعى لتلك الأعداد، تدخل المهندس طارق جمال الدين، رئيس جهاز المدينة، فى الحوار قائلًا: «وزير الإسكان، المهندس شريف الشربينى، كلف بهذا بشكل عاجل، وفقًا لتكليف من رئيس الوزراء، وبالفعل تم تخصيص حوالى ٢٠ قطعة أرض هنا لبدء تنفيذ منطقة لوجستية لخدمة طلبة الجامعة، منها ١٢ قطعة سكنية و٨ قطع سكنية مختلطة، لنستطيع من خلالها تقديم الخدمة للطلبة فى الجامعتين، بالإضافة إلى تخصيص ٤٣ فدانًا لإنشاء مدينة جامعية لهم».