ماذا ناقشنا مع وزير البترول؟ وما كانت إجابته؟

في لقاء اتسم بالصراحة والمكاشفة، جمعني وعددًا من الزملاء المختصين في شؤون البترول والثروة المعدنية مع المهندس كريم بدوي، وزير البترول والثروة المعدنية، وذلك في مؤتمر صحفي مهم عقد مساء الأربعاء.كان اللقاء فرصة لطرح ملفات حساسة طالما شغلت بال العاملين في القطاع والمستثمرين على السواء.بدأت حديثي مع الوزير بقضية أراها من أهم القضايا التي تعوق مسيرة تطوير قطاع التعدين في مصر، ألا وهي «حجوزات الأراضي التعدينية»، فهناك مناطق شاسعة تزخر بثروات هائلة من الذهب والفوسفات والفلسبار وغيرها، ظلت لسنوات طويلة حبيسة عقود رسمية تحت بند «حجز الهيئة»، في أيدي شركات ومستثمرين، دون استغلال أو نشاط يُذكر، ما أدى لتجميد هذه الكنوز بعيدًا عن عجلة الاقتصاد الوطني.
وسألت الوزير صراحة: هل يُعقل أن تظل هذه الثروات الوطنية حبيسة أوراق رسمية، في الوقت الذي يتنافس فيه العالم على الاستثمار الحقيقي في قطاع التعدين؟ واقترحت عليه بوضوح ضرورة أن يُعاد النظر في قانون الثروة المعدنية ولائحته التنفيذية، بعد تحويل الهيئة إلى كيان اقتصادي، وأن تتضمن هذه التعديلات نصوصًا واضحة تُلزم المستثمرين بجدول زمني لتنفيذ المشروعات فور تخصيص الأراضي، أو إعادة طرحها أمام مستثمرين جادين وقادرين على الإنجاز.كما نقلت إلى الوزير صوتًا آخر لا يقل أهمية أو إلحاحًا، هو صوت أكثر من 4000 موظف وفني بشركة «صيانكو»، من بينهم قيادات إدارية وكفاءات فنية متميزة، تم نقلهم من مواقعهم الإدارية والفنية الأساسية ليعملوا كعمال في محطات الغاز، في الوقت الذي تعتمد فيه الشركة على عمالة خارجية من المقاولين لأداء نفس المهام الفنية والإدارية التي يجيدها هؤلاء الموظفون.كان سؤالي المباشر للوزير: هل يليق بقطاع استراتيجي مثل البترول أن تُهدر هذه الخبرات وتُستنزف في أعمال لا تتناسب مع خبراتهم المهنية وقدراتهم العلمية؟ وهل من مصلحة القطاع أن يخسر كفاءات بهذه القيمة؟أوضحت للوزير أن هؤلاء الموظفين، رغم معاناتهم، ما زالوا متمسكين بعملهم وانتمائهم، لكنهم بحاجة ماسة لمن يسمع أصواتهم ويُقدر جهودهم ويُعيد النظر في القرارات التي تهمش دورهم.وفي ختام اللقاء، جاءت إجابة الوزير كريم بدوي واضحة وقوية في رسالته التي طمأنت الجميع، حيث قال: «نسمعكم جيدًا، ولن نسمح باستمرار هذه العقبات أمام المستثمرين الجادّين، كما سنعيد كل كفاءة إلى موقعها الصحيح، لأن قطاع البترول يحتاج لكل فرد من أبنائه، وكل خبرة من خبراته».خرجت من هذا اللقاء بانطباع إيجابي عن المرحلة المقبلة، وبتفاؤل حذر يحدوني الأمل أن تتحول هذه الوعود إلى إجراءات ملموسة تخدم الاقتصاد الوطني، وتحفظ الكرامة المهنية للخبرات الوطنية في القطاع.