كيف أصبحت مصر مركزًا لصناعة السيارات في المنطقة؟

شهد قطاع السيارات في مصر تطورًا ملحوظًا منذ بداية عام 2025، مدفوعًا بقرارات استراتيجية من القيادة السياسية، حيث اختارت الدولة مسارًا واضحًا نحو توطين الصناعة كحل جذري ومستدام، ووضعت صناعة السيارات على رأس أولوياتها، وهو ما أثمر عن تحركات قوية ومبادرات ملموسة داخل السوق المحلي، بداية من التعديلات الوزارية وحتى جذب الاستثمارات الأجنبية.
ومن جانبه، أكد المستشار أسامة أبو المجد، رئيس رابطة تجار السيارات وخبير قطاع السيارات، في تصريحات خاصة لـ”الدستور”، أن القيادة السياسية اتخذت قرارات حاسمة بعد الأزمة الاقتصادية التي واجهت مصر في 2024، أهمها التوجه نحو دعم الصناعة والزراعة كحلول جذرية.وأوضح أبو المجد، أن صناعة السيارات كانت على رأس هذا التوجه، لما لها من تأثير مباشر على النمو الاقتصادي وتوفير فرص العمل.وأشار إلى أن من أبرز الخطوات التي اتخذتها الدولة، فصل وزارة الصناعة عن وزارة التجارة، وتكليف الفريق كامل الوزير بإدارة وزارة الصناعة، حيث بادر بعقد خمسة اجتماعات متتالية مع كبرى شركات تصنيع السيارات العالمية، بهدف فتح قنوات تواصل فعالة وجذب استثمارات مباشرة في هذا القطاع الحيوي.
وأوضح أبو المجد، أن التوترات التجارية بين الصين والولايات المتحدة، خاصة في ظل السياسات الضريبية العشوائية التي تبناها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، دفعت الصين إلى البحث عن بدائل للأسواق الأمريكية، ومثّلت مصر واحدة من أكثر الدول الجاذبة في هذا السياق، بفضل موقعها الاستراتيجي وعدد سكانها، ما جعلها بوابة مثالية لنقل الصناعات الصينية إلى منطقة الشرق الأوسط.وأضاف أن الصين تستحوذ على نحو ثلث إنتاج السيارات في العالم، وتسيطر على حوالي 60% من سوق السيارات الكهربائية، ومع تطور العلاقات الثنائية، بدأت الصين في تحويل استثمارات ضخمة إلى مصر، وهو ما جعل عام 2025 عامًا انتقاليًا مهمًا في ملف توطين صناعة السيارات، بينما يُنتظر أن يكون عام 2026 هو عام الحصاد الفعلي للنتائج.وكشف رئيس رابطة تجار السيارات عن بدء عدة علامات تجارية كبيرة في التصنيع المحلي داخل مصر، من بينها جيلي، أوبترا، جيتور، والمنصور MG، بالإضافة إلى زيادة استثمارات شركة نيسان، في مؤشر واضح على تحسن مناخ الاستثمار الصناعي.كما أشار إلى توقيع العديد من البروتوكولات مع شركات صينية لنقل التكنولوجيا والخبرات، حيث تم حتى الآن إنشاء أكثر من أربعة مصانع صينية للسيارات الكهربائية منذ بداية عام 2025، مع توقعات بزيادة العدد إلى أكثر من عشرة مصانع قبل نهاية العام.
وشدد أبو المجد على أن الصين تنظر إلى مصر كشريك استراتيجي في المنطقة، وتسعى إلى تحويلها إلى قاعدة صناعية رئيسية للسيارات، تنطلق منها إلى دول الشرق الأوسط، في ظل ما تمتلكه مصر من بنية تحتية وقدرات لوجستية ومهارات بشرية مؤهلة.
من جانبه، قال علاء سبع، عضو شعبة السيارات باتحاد الغرف التجارية، في تصريحات لـ”الدستور”، إن السوق المصري شهد منذ بداية 2025 تحسنًا ملحوظًا، نتيجة تطبيق برنامج تنمية صناعة السيارات الذي أعدته الحكومة، وهو ما أسهم في دخول طرازات جديدة للسوق، وبدء بعض الشركات الأوروبية في تدشين خطوط تجميع محلية.وأكد سبع أن هذا التوجه ساعد في توفير كميات أكبر من السيارات، وساهم بشكل مباشر في استقرار الأسعار، بل وشهدت بعض الطرازات انخفاضًا ملحوظًا بفضل زيادة المعروض وتنامي حجم المنافسة داخل السوق المحلي.وأشار إلى أن بيئة التصنيع المحلية أصبحت أكثر جاذبية للمستثمرين، مؤكدًا أهمية استكمال الدولة لهذا البرنامج الطموح، سواء من حيث تعميق التصنيع المحلي أو تنظيم عمليات الاستيراد.توقعات إيجابية للنصف الثاني من العاموتوقع عضو شعبة السيارات باتحاد الغرف التجارية أن يشهد النصف الثاني من عام 2025 مزيدًا من الاستقرار في السوق، مع استمرار التوسع في خطوط الإنتاج وزيادة المعروض من السيارات، إلى جانب تقديم الشركات لطرازات متنوعة تناسب مختلف الشرائح.وأكد أن هذا من شأنه أن ينعكس إيجابًا على المستهلك، ويعزز من تنافسية السوق المصري ليكون أحد المراكز المحورية في صناعة وتجارة السيارات في المنطقة، متابعا في ظل الإجراءات الجريئة التي اتخذتها الدولة، والدعم الحكومي المتواصل للقطاع، تبدو ملامح مستقبل صناعة السيارات في مصر أكثر وضوحًا وإشراقًا، ومع استمرار توطين الصناعة وتزايد الاستثمارات الأجنبية، خاصة من الجانب الصيني، تقترب مصر من تحقيق هدفها بأن تصبح إحدى القلاع الصناعية الكبرى في قطاع السيارات داخل الشرق الأوسط.