تنظيم دير سانت كاترين

كل الكلام الفارغ، أو العبثى، الذى تداولته مواقع، أو وسائل، تحت مستوى الشبهات، بشأن وجود مخططات لإخلاء دير سانت كاترين، أو مصادرته ومصادرة الأراضى التابعة له، نسفه حكم قضائى، قام بتقنين أوضاع الدير، وأكد مكانته المقدسة. والأهم، هو أن الدير كان، ولا يزال، مفتوحًا بشكل دائم، وتقوم جميع إداراته بأعمالها، يوميًا، باستثناء ثلاثة أيام، سنويًا، من ٧ إلى ١٠ ديسمبر، تقام فيها الصلوات، بحضور القديسين ورهبان الدير فقط، دون غيرهم، بمناسبة عيد استشهاد القديسة كاترينا.القصة باختصار، هو أن محكمة استئناف الإسماعيلية، مأمورية طور سيناء، قضت، يوم الأربعاء الماضى، بأحقية تابعى دير سانت كاترين فى الانتفاع به وبالمواقع الدينية الأثرية بالمنطقة، مع ملكية الدولة لهذه المواقع بوصفها من الأملاك العامة، فى ضوء أن تابعى الدير يتواجدون فيها بصفتهم الدينية، ويمارسون شعائرهم الدينية تحت رئاسة مطران الدير المعين بقرار رئيس الجمهورية رقم ٣٠٦ لسنة ١٩٧٤، ويشرف على هذه المواقع الأثرية المجلس الأعلى للآثار. كما أوجبت المحكمة احترام العقود المحررة بين الوحدة المحلية لمدينة سانت كاترين والدير بشأن بعض قطع الأراضى المستغلة بمعرفة تابعى الدير. وانتهت المحكمة إلى أن باقى قطع الأراضى المتنازع عليها محميات طبيعية، وجميعها من أملاك الدولة العامة، ولا يجوز التصرف فيها أو تملكها بالتقادم، ولم تصدر بشأنها أى عقود من جانب جهة الولاية.تأسيسًا على ذلك، كررت رئاسة الجمهورية، مساء أمس الأول الخميس، تأكيد التزام الدولة الكامل بالحفاظ على المكانة الدينية الفريدة والمقدسة لدير سانت كاترين، وعدم المساس بهذه المكانة، وأكدت، فى بيان، أن الحكم القضائى يرسخ هذه المكانة، ويتسق مع ما أكده الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال زيارته لليونان فى ٧ مايو الجارى، والذى جدّد الرئيس تأكيده، أمس الجمعة، خلال اتصال تليفونى تلقاه من رئيس الوزراء اليونانى كيرياكوس ميتسوتاكيس، موضحًا أن الحكم القضائى جاء ليتسق مع حرص مصر على قدسية الأماكن الدينية والكنسية، وليؤكد القيمة التراثية والروحية والمكانة الدينية الفريدة لدير سانت كاترين. ومجددًا، أكد الجانبان، خلال الاتصال نفسه، حرصهما على الزخم الكبير الذى تشهده العلاقات المصرية اليونانية، والتزامهما بالاستمرار فى دفع العلاقات الاستراتيجية بين البلدين الصديقين إلى آفاق أرحب، فى مختلف المجالات بما يتفق مع طابعها التاريخى ويحقق مصالح الشعبين المصرى واليونانى.ما تداولته مواقع، أو وسائل، تحت مستوى الشبهات، كان مجرد كلام فارغ، عبثى، ويخاصم المنطق. ومع ذلك، حرص الرئيس السيسى على توضيح هذا الأمر بنفسه، بشكل مباشر، لدحض الأقاويل المغرضة، خلال المؤتمر الصحفى المشترك، الذى عقده مع رئيس وزراء اليونان، مؤكدًا أنه انزعج بشدة عندما سمع ما تردّد بأن مصر يمكن أن تقوم بإجراء سلبى تجاه الدير، لأن هذا يتعارض مع ثوابت مصر. كما أكد أنه لن يسمح بالعبث فى العلاقات مع اليونان، وشدّد على التزام الدولة المصرية بتعاقدها مع الدير، واصفًا هذا التعاقد بأنه «تعاقد أبدى لن يُمس». وأوضح الرئيس، كذلك، أن الدولة تقوم ببناء كنائس فى كل حى، وذكَّر، بفتح الكاف وتشديدها، أن المتطرفين عندما قاموا بحرق ٦٥ كنيسة، أعادت الدولة بناءها، مشيرًا إلى أننا، نحن المصريين، حرصنا، طوال السنوات العشر الماضية، على تأكيد احترامنا الشديد جدًا للتعدد والتنوع الموجود فى النسيج الإنسانى، وقمنا بممارسات تؤكد ذلك وتسعى إلى ترسيخه… وتبقى الإشارة إلى أن منظمة الأمم المتحدة للعلوم والثقافة والفنون، يونسكو، كانت قد وصفت أو صنّفت دير سانت كاترين، سنة ٢٠٠٢، بأنه «الدير المسيحى الأقدم الذى حافظ على وظيفته الأساسيّة». وقد تكون الإشارة مهمة، أيضًا، إلى أن مكتبة الدير تضم ثانى أكبر مجموعة من المخطوطات الدينية، بعد الفاتيكان، وجرى، فى نوفمبر ٢٠١٧، إنشاء أول أرشيف رقمى لكل هذه المخطوطات، مع وضعها فى فتارين خاصة، بدرجة حرارة ورطوبة معينة، للحفاظ عليها، ووضع النادر منها فى علب من الفولاذ، لحمايتها حال حدوث أى خطر.