حماية حقوق المستهلك وتنظيم الأسواق

حماية المستهلك وضبط الأسواق يشكلان أولوية قصوى للدولة المصرية؛ إيمانًا منها بأهمية توفير بيئة تجارية عادلة ومستقرة تمكن المواطن من الحصول على السلع والخدمات بجودة مناسبة وأسعار معقولة. وفى هذا السياق يأتى الاهتمام المتزايد من قبل القيادة السياسية بجهاز حماية المستهلك كركيزة أساسية لتحقيق هذه الأهداف. وقد تجلى هذا الاهتمام بشكل واضح، مؤخرًا، فى افتتاح الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، المقر الجديد للجهاز بالقاهرة الجديدة. وهذا الحدث لا يمثل مجرد نقلة مكانية، بل يعكس التزامًا حقيقيًا بتعزيز قدرات الجهاز وتزويده بالإمكانات اللازمة لأداء دوره بفاعلية أكبر فى حماية حقوق المستهلكين ومواجهة الممارسات الاحتكارية والتلاعب بالأسعار، كما أعلن إبراهيم السجينى، رئيس الجهاز، عن أن وجود مقر جديد مجهز بأحدث التقنيات والبنية التحتية المتطورة من شأنه أن يسهم فى تسريع وتيرة العمل، وتحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين، وتوفير بيئة عمل محفزة لفريق الجهاز. ويعد هذا التوسع اللوجستى خطوة استراتيجية تهدف إلى تمكين الجهاز من القيام بمهامه الرقابية والتنفيذية بكفاءة أعلى، بما فى ذلك تلقى الشكاوى والتحقيق فيها، واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ضد المخالفين، وتنظيم حملات توعية للمستهلكين.إن التحديات الاقتصادية التى تواجهها مصر، خاصة تقلبات الأسعار العالمية وتأثيراتها على السوق المحلية، تفرض على الدولة ضرورة تكثيف جهودها لضمان استقرار الأسواق وعدم استغلال الظروف من قبل بعض التجار الجشعين لرفع الأسعار بشكل غير مبرر. وهنا يأتى دور جهاز حماية المستهلك كصمام أمان، يعمل على رصد الأسواق وضبط المخالفات، لضمان حماية المستهلك من الممارسات الضارة التى قد تؤثر على قوته الشرائية ورفاهيته. ويعد الجهاز أداة حيوية فى مواجهة التضخم والاحتكار، من خلال فرض الرقابة الصارمة على المنتجات والخدمات، والتأكد من مطابقتها المواصفات القياسية، ومكافحة الغش التجارى. إن هذه الجهود الرقابية تعزز الثقة فى السوق المصرية وتسهم فى خلق مناخ استثمارى جاذب، حيث يشعر المستثمرون بأن هناك جهازًا قويًا وفعالًا يضمن المنافسة العادلة ويحمى حقوق الجميع. كما أن اهتمام الدولة بجهاز حماية المستهلك لا يقتصر على الدعم اللوجستى والمادى فحسب، بل يمتد ليشمل تعزيز الإطار التشريعى الذى ينظم عمل الجهاز ويمكنه من فرض سلطته القانونية. فالتعديلات التشريعية المستمرة تهدف إلى مواكبة التطورات الاقتصادية والتكنولوجية، وسد الثغرات القانونية التى قد تستغل من قبل المخالفين. إن تمكين الجهاز بالصلاحيات القانونية اللازمة، مثل القدرة على فرض الغرامات المالية، وإحالة القضايا إلى النيابة العامة، وإصدار قرارات بوقف نشاط بعض المنشآت- يمثل ركيزة أساسية لضمان فاعليته وردعه المخالفين. كما أن التعاون والتنسيق المستمرين بين جهاز حماية المستهلك والجهات الرقابية الأخرى فى الدولة، مثل مباحث التموين، ووزارة التموين والتجارة الداخلية، وجهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية- يسهمان فى تعظيم الأثر الإيجابى لهذه الجهود وتكاملها. وهذا التنسيق يساعد فى تبادل المعلومات والخبرات، وتوحيد الجهود لمواجهة التحديات المشتركة، وبالتالى تحقيق نتائج أفضل فى ضبط الأسواق وحماية المستهلك من أى استغلال من التجار الجشعين.ولذلك، يمثل افتتاح المقر الجديد لجهاز حماية المستهلك نقطة تحول مهمة فى مسار حماية المستهلك، ويعكس التزامًا راسخًا من الدولة بتعزيز دوره وتمكينه من أداء مهامه على أكمل وجه. إن هذا الاهتمام ليس ترفًا، بل ضرورة ملحة لضمان استقرار الأسواق، وحماية القوة الشرائية للمواطن، وتعزيز الثقة فى الاقتصاد الوطنى. ومع استمرار الدعم الحكومى وتطوير القدرات الداخلية للجهاز، يمكن للمواطن أن يتطلع إلى مستقبل تتمتع فيه الأسواق بمزيد من الشفافية والعدالة، ويصبح فيه حقه كمستهلك مصونًا ومحميًا من أى ممارسات ضارة.وقد أكد هذا المعنى «السجينى» فى كلمته التى تناولت كيفية حماية المواطن من الاستغلال والتصدى لجشع التجار والمحتكربن.