عاجل.. قائد الحرب المستمرة: تفاصيل حول رئيس «الشاباك» الجديد المؤيد لـ«نتنياهو» ولا يبالي بالمحتجزين في غزة.

رغم المشاهد القاسية فى غزة، فإن الأزمات الداخلية فى إسرائيل تجذب انتباه الإعلام الإسرائيلى، حيث تصدرت أزمة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مع جهاز الأمن العام «الشاباك» العناوين الرئيسية، الأسبوع الماضى، إثر إعلان نتنياهو عن تعيين ديفيد زينى رئيسًا جديدًا للجهاز.
وجاء إعلان نتنياهو بعد يوم واحد فقط على إصدار المحكمة الإسرائيلية العليا حكمًا يقضى بعدم جواز قيام رئيس الحكومة بإقالة رئيس «الشاباك» السابق رونين بار، الذى تدخل استقالته حيز التنفيذ خلال الشهر المقبل، أو التدخل فى تعيين خليفته بسبب «تضارب المصالح»، الأمر الذى يستدعى النظر إلى كواليس تعيين «زينى» والأزمة التى أثارها، وتأثيراتها على مسار الحرب فى قطاع غزة.
خلافات داخل المؤسسة العسكرية بسبب تعيين جنرال رئيسًا للأمن العام دون استشارة رئيس الأركان
قبل أيام، أعلن بنيامين نتنياهو عن تعيين اللواء ديفيد زينى رئيسًا جديدًا لجهاز الأمن العام «الشاباك»، متحديًا بذلك قرار المستشارة القانونية للحكومة، التى حذّرته قبل يوم من قراره من مغبة المضى فى خطوة التعيين.
فى غضون ذلك، أُعفى «زينى» من منصبه فى قيادة الجيش الإسرائيلى، وقالت مصادر مسئولة فى قيادة جيش الاحتلال إن رئيس هيئة الأركان العامة، إيال زامير، انتقد «زينى» بسبب قيامه بإجراء اتصال مع القيادة السياسية من دون إذن، كما هو مطلوب، بحسب القانون الداخلى للجيش.
وأشارت المصادر نفسها إلى أن «زامير» أبلغ «زينى» بأنه لن يتمكن من البقاء فى الجيش الإسرائيلى ما دام تعيينه فى منصب رئيس «الشاباك» قائمًا، لكن مع ترك الباب مفتوحًا للعودة إذا لم يتم المضى قدمًا فى التعيين.
يأتى ذلك التعيين فى وقت يشهد الداخل الإسرائيلى توترات بين السلطتين التنفيذية والقضائية، وسط ازدياد الانتقادات لاستمرار هيمنة نتنياهو على القرارات الأمنية والسياسية، على الرغم من شبهات الفساد التى تطارده، والخلافات داخل المؤسسات الحكومية.
كما يأتى التعيين بعد أزمة عميقة بين رئيس جهاز «الشاباك» الحالى رونين بار ونتنياهو، على خلفية تقديم الأول إفادة للمحكمة الإسرائيلية العليا تضمنت انتقادات حادة ضد الثانى، الذى ردّ بنفى الادعاءات واعتبارها كذبًا وتضليلًا.
وأدى تعيين اللواء ديفيد زينى رئيسًا جديدًا لـ«الشاباك» إلى تداعيات سلبية داخل إسرائيل، خاصة أنه استقال من الجيش الإسرائيلى قبل الموافقة على التعيين وقبل توليه منصبه، وجاء ذلك عقب اجتماع مع رئيس الأركان الفريق إيال زامير لتوضيح سير عملية التعيين.
ويرى المراقبون أن عملية اختيار «زينى» تمت رغم أنف «زامير»، الذى يصر على احترام الترتيب القائم بين هيئة الأركان العامة الإسرائيلية والقيادة السياسية، فيما رجحت بعض التقديرات أن العلاقات بينهما بعد الإقالة ستكون متوترة.
وأوضح المراقبون أن الشاغل الرئيسى لرئيس الأركان الإسرائيلى حاليًا هو أن القادة السياسيين قد يتواصلون الآن مباشرةً مع الضباط من وراء ظهر القيادة العسكرية، أو يعينون جنرالات فى مناصب خارجية دون استشارة، ومثل هذه الأفعال قد تُعطّل التخطيط والسلطة على المدى الطويل، وباختصار، قد تُقوّض مكانة «زامير»، بحسب تحليل موقع «جيروزاليم بوست».
يذكر أنها ليست المرة الأولى التى تحدث فيها خلافات بين «الشاباك» والجيش الإسرائيلى، ففى أعقاب اختطاف الجندى جلعاد شاليط عام ٢٠٠٦، توترت العلاقات بين الجانبين، وسط تساؤلات حول ما إذا كان الجهاز قد قدّم إنذارًا مسبقًا حول الأمر، وبعد ثمانى سنوات، وخلال عملية «الجرف الصامد» فى عام ٢٠١٤، تجدد الخلاف بين الجانبين بسبب معلومات استخباراتية عن الأنفاق.
ومنذ ذلك الحين، عمل رؤساء الأركان الإسرائيليون المتعاقبون ومديرو «الشاباك» على رأب الصدع، الذى أصبح العديد منه علنيًا وأدى إلى تأجيج التوترات.
وحسب جنرالات فى هيئة الأركان العامة، لم ينجح الجانبان فى إعادة بناء الثقة والعمل بانسجام إلا فى السنوات الأخيرة. وإذا ما استمر تعيين «زينى» فمن المرجح أن يُلحق الضرر بالعلاقات المهنية بينه وبين «زامير»، وفق تحليل الموقع العبرى.
ومن جانبه، قال اللواء «احتياط» يعقوب عميدرور، الباحث البارز فى معهد القدس للاستراتيجية والأمن، إنه «فى نظام مرتب لا ينبغى أن يحدث مثل ذلك».
وفيما يتعلق بالقلق من بقاء الخلافات بين زامير» و«زينى» بعد عملية التعيين، إذا تولى الأخير منصبه بالفعل، أضاف «عميدرور»: «أعرف رئيس الأركان جيدًا، وهذا لن يمنعه من التعاون مرة أخرى مع رئيس الشاباك الجديد».
أهالى المحتجزين يطالبون بإلغاء القرار متهمين «زينى» بمعارضة صفقات التبادل ووقف النار
شغل رئيس «الشاباك» الجديد فى السابق العديد من المناصب العملياتية والقيادية فى الجيش الإسرائيلى، من بينها قائد الكتيبة ٥١ فى لواء «جولانى»، وقائد وحدة «إيجوز» الخاصة، وقائد لواء «ألكسندرونى»، كمن أنه مؤسس لواء الكوماندوز، وقائد قيادة التدريب، وهو من أعد فى مارس ٢٠٢٣ تقريرًا لقائد فرقة غزة عن مدى الجاهزية لحدث مفاجئ ومعقّد، وخلُص إلى إمكان تنفيذ هجوم مفاجئ على القوات الإسرائيلية فى معظم الجبهات، حسب صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية.
فيما أفادت القناة الإسرائيلية الـ١٢ بأن ديفيد زينى أعرب عن معارضته لاتفاق وقف إطلاق النار وإطلاق سراح المحتجزين فى قطاع غزة، وهو ما أثار غضب عائلات المحتجزين منه.
وأشارت القناة إلى أن «زينى» قال لزملائه فى جيش الاحتلال: «أنا ضد صفقات التبادل.. وهذه الحرب أبدية»، وأنه أدلى بهذه التصريحات فى جلسات مغلقة لهيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلى، لكنه لم يحدد موعد هذه الجلسات، ولم يوضح متى أدلى «زينى» بتصريحه هذا خلال الحرب، وما إذا كان قد كرره منذ ذلك الحين، أو ما إذا كانت التصريحات نُقلت حرفيًا.
كما أفادت القناة بأن نتنياهو اختار «زينى» بعد محادثة قصيرة ومُفاجئة، جرت من دون علم رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلى الجنرال إيال زامير.
وقالت مصادر، استشهدت بها القناة الـ١٢، إن تعليق «زينى» لم يكن له وزن كبير فى الوقت الذى أدلى به، لأن محادثات وقف إطلاق النار فى غزة لم تكن ذات صلة كبيرة بدوره كرئيس لقيادة التدريب وفيلق الأركان العامة فى الجيش الإسرائيلى، لكن المصادر نفسها قالت إن «زينى»، بصفته رئيس «الشاباك»، سيكون منخرطًا بشكل كبير فى المفاوضات، وفى مداولات إبرام أى اتفاق.
وفى ظل تصريحاته، طالب أهالى المحتجزين بإلغاء تعيين «زينى» رئيسا لـ«الشاباك»، وفق وسائل الإعلام العبرية.
وعلق المحلل الإسرائيلى بن درور يمينى، فى مقاله بصحيفة «يديعوت أحرونوت»، قائلًا: «مرشح نتنياهو لرئاسة الشاباك يعارض صفقة الرهائن، من بين أمور أخرى، لأنها حرب أبدية».
وأوضح أن نتنياهو كما يبدو لا يريد نهاية للحرب، لأنه عندما سئل عن إمكانية إجراء انتخابات، أجاب: «نحن فى حالة حرب.. هل تريدون إجراء انتخابات الآن؟».
وأضاف «بن درور»: «عندما نربط الحرب الأبدية، التى ينادى بها زينى بحرب نتنياهو التى لا تنتهى فإن النتيجة تكون مخيفة».
وأشار إلى أن هناك مخاوف من أن نتنياهو يفكر فى تأجيل الانتخابات، حتى لو أن تأجيلها يتطلب أغلبية ٨٠ عضوًا فى الكنيست، لكن لا يمكن الثقة فى مناورات نتنياهو.
وكشف «بن درور» فى مقاله أن ديفيد زينى هو شقيق شموئيل زينى، ممثل الملياردير سيمون فاليك، الذى لا يعتبر «مليونير بيت بنيامين نتنياهو» فحسب، بل هو أيضا متبرع للجمعيات اليمينية المتطرفة، ويرتبط بشكل ما مع المتطرف بيزى جوبشتاين، الذى قد يكون خاضعًا لمراقبة مستمرة من قبل جهاز «الشاباك».
من الجدير بالذكر أنه فى عام ٢٠١٢، وعندما حاول رئيس الوزراء آنذاك بنيامين نتنياهو تعيين العميد هرتسى هاليفى سكرتيرًا عسكريًا، عارض رئيس الأركان آنذاك بينى جانتس بشدة هذه الخطوة، وسحب نتنياهو التعيين فى النهاية.