عصام الزهيري: إنتاج “عندما قتلوا الموسيقى” تجسيد رمزي مفارقة

عصام الزهيري: إنتاج “عندما قتلوا الموسيقى” تجسيد رمزي مفارقة

عقد بنادي أدب قصر ثقافة الفيوم، لقاء لمناقشة العرض المسرحي “يوم أن قتلوا الغناء”، شارك فيه كل من الناقد عصام الزهيري، د.وليد الشيمي أستاذ البلاغة والنقد الأدبي بجامعة الفيوم، والفنان مراد الطلاوي، وأدارها الروائي محمد جمال الدين، وذلك وسط حضور واسع من مثقفي وفناني الفيوم، وعدد من أبطال فرقة الفيوم القومية المسرحية.واستهل د.وليد الشيمي كلمته بالإشادة بجودة النص المسرحي الذي كتبه محمود جمال الحديني، موضحًا أنه قدم مضمونا واقعيا في إطار رمزي أسطوري، عبر عن الصراع الأزلي بين الخير والشر، مستخدما “الغناء” كرمز لكل ما هو نقي وجميل في مواجهة الطغيان.ولفت إلى عمق شخصية “أريوس” المحورية التي جسدها الفنان محمود عبدالمعطي ببراعة عالية، مشيرًا إلى أن الصراع الداخلي الذي عاشته الشخصية بين صوت الأم النقي والطغيان المشوه كان أحد أعمدة البناء الدرامي للعمل.وأشاد الشيمي كذلك بالأداء اللافت للفنانة هدية السواح في دور المرأة العجوز، مؤكدا أن قِصر الدور لم يمنعه من أن يكون نقطة تحول درامية محورية، فضلا عن كفاءة العناصر المسرحية الأخرى كالإضاءة، والملابس، والديكور الدائري المتحرك، الذي أضفى على العرض حيوية بصرية لافتة.وبدوره تحدث الفنان مراد الطلاوي، مهندس الديكور، عن قوة البعد البصري في عرض يوم أن قتلوا الغناء، مؤكدا أن المشهد البصري هو أول ما يلفت المتلقي في المسرح. وأوضح أن العرض تميز بتجربة بصرية طموحة مليئة بالرموز، لكنه عانى من بعض اختلالات التوازن بين التكوين والرؤية، لافتا إلى اقتصار الحركة المسرحية على الخط الأمامي، وفقدان العمق البصري، بالإضافة إلى التكرار الرتيب للعناصر الهندسية كالأعمدة البيضاء، وتوحّد اللون الأبيض في الديكور والإضاءة والأزياء، مما أضعف التباين البصري.وأعرب الطلاوي عن تقديره لمحاولة العرض تقديم رؤية رمزية وشكل بصري محمّل بالمعنى، مؤكدا أن الديكور ينبغي أن يكون اقتراحا بصريًا يحتضن النص المسرحي لا عبئا عليه.من جهته، أكد الروائي محمد جمال الدين أن كل عرض مسرحي يقوم على النص والممثل، مشيدا بالجهد المبذول رغم ضعف الإمكانيات، ومثمنا الرؤية الفنية للطلاوي التي تقدم نقدا بنّاء يساهم في تطوير الأداء مستقبلا.وأبدى الكاتب عصام الزهيري سعادته بمثل هذه اللقاءات التي تجمع بين الأدب والفنون، وأثنى على تميز العرض واعتماده على البنية الانقلابية، التي تعكس الطابع ما بعد الحداثي، حيث يتحوّل كل شيء إلى نقيضه في لحظة الذروة. وأشار إلى أن العرض قدم رؤية رمزية وشعرية، استخدمت الأسطورة والميثولوجيا بشكل عكسي، كما في استلهام قصة “قابيل وهابيل” وسفينة نوح.ورأى الزهيري أن عنوان العرض “يوم أن قتلوا الغناء” يمثل مفارقة رمزية، حيث كانت لحظة قتله هي لحظة إحيائه أيضا، منوهًا بأن النص يمثل لوحة شعرية توافقت معها الرؤية الإخراجية وأداء الممثلين في تناغم ملحوظ.وشهدت الندوة مداخلات مؤثرة من الفنانين المشاركين، حيث أعربت الفنانة جيهان رجب (كورمن) عن أمنيتها بتوسيع مساحة دورها لتقديم المزيد، مؤكدة معاناة الفريق من ضيق الإمكانيات، ومشيدة بحماس الشباب وأداء هدية السواح.كما تحدث الفنان محمود عبدالمعطي عن عودته للتمثيل بعد انقطاع دام 4 سنوات، معبرا عن فخره بجيل الشباب الذي أظهر مهارة عالية رغم التحديات، داعيًا إلى استعادة قصر ثقافة الفيوم لدوره كمنبر رئيسي للفن والثقافة بالمحافظة.وفي مداخلته أعرب د.نصر الزغبي عن أهمية تعميم مثل هذه العروض في قرى المحافظة، وضرورة استمرار الندوات النقدية لما تحققه من إثراء فكري وفني.