كيف تمكنت الحكومة من الوصول إلى أعلى فائض أولي في تاريخ الميزانية بالرغم من التحديات العالمية؟

رغم التحديات الاقتصادية العالمية والتوترات الجيوسياسية، سجلت الموازنة العامة للدولة أداءً ماليًا واقتصاديًا قويًا خلال الفترة من يوليو حتى مارس من العام المالي الجاري 2024/2025 حيث حققت أعلى فائض أولي في تاريخها بقيمة بلغت نحو 435 مليار جنيه، أي ما يعادل نحو 2.5% من الناتج المحلي الإجمالي، وذلك مقارنة بـ1.7% خلال نفس الفترة من العام السابق ؛ ومن احتساب عائدات صفقة “رأس الحكمة”، وذلك وفقا للتقديرات التي كشفها البيان المالي للموازنة العامة الجديدة 2025/2026 المنظورة أمام لجان البرلمان.جاء هذا الأداء المتقدم رغم تعرض الموازنة لصدمات خارجية، أبرزها التراجع الحاد في إيرادات قناة السويس، والتي جاءت أقل من المستهدف بنحو 60%، مما أدى إلى خسائر تُقدر بـ110 مليارات جنيه مقارنة بما كان مدرجًا في الموازنة. ورغم هذه التحديات، تراجعت نسبة العجز الكلي إلى نحو 6.3% من الناتج المحلي الإجمالي، مقابل 6.7% خلال نفس الفترة من العام المالي السابق.
تحسن واسع في مؤشرات الأداء الاقتصادي الحقيقي
وحسب ما أظهره البيان المالي للموازنة العامة الجديدة، فقد انعكست الإصلاحات الاقتصادية التي نُفذت خلال العام المالي الجاري على تحسن لافت في مؤشرات الأداء الاقتصادي، رغم التوترات الجيوسياسية العالمية.و تراجع معدل التضخم السنوي في مارس 2025 إلى 13.6%، مقارنة بـ33.3% في مارس من العام السابق، وارتفع معدل النمو الحقيقي للناتج المحلي ليصل إلى 3.9% خلال النصف الأول من العام المالي، مقابل 2.5% في نفس الفترة من العام السابق.وحسب ما كشفه البيان المالي للموازنة لأن هذا النمو يعود بشكل رئيسي إلى الأداء القوي لقطاعات الصناعات التحويلية غير البترولية، التي سجلت نموًا تجاوز 12.4%، إلى جانب قطاعي الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بنمو بلغ 15.1%، والسياحة بنمو وصل إلى 13.1%.
قطاعات ديناميكية في دفع النمو
ورغم التأثير السلبي على قطاعي قناة السويس والنفط والغاز، ساهمت تلك القطاعات الديناميكية في دفع النمو الاقتصادي للأمام، الى جانب الطفرة التي حققتها التي تحققت في الاستثمارات والسياحة وتحويلات العاملين بالخارج، حيث شهدت الاستثمارات الأجنبية المباشرة ارتفاعًا بنسبة 17% خلال الربع الأول من العام المالي الحالي، لتسجل 2.7 مليار دولار مقارنة بـ2.3 مليار دولار في نفس الفترة من العام الماضي، كما ارتفعت استثمارات القطاع الخاص بنسبة 80%، لتشكل نحو 59% من إجمالي الاستثمارات خلال النصف الأول من العام المالي الجاري.وشهدت الإيرادات السياحية تحسنًا ملحوظًا، حيث بلغت نحو 5 مليارات دولار في الربع الأول من العام المالي، مقارنة بـ4.5 مليار دولار خلال الفترة ذاتها من العام السابق، كما ارتفع عدد الليالي السياحية إلى 41 مليون ليلة، مقابل 35.5 مليون ليلة في العام السابق.وفي سياق متصل، قفزت تحويلات المصريين العاملين بالخارج إلى 17.1 مليار دولار خلال الفترة من يوليو حتى ديسمبر 2024، بزيادة كبيرة بلغت نحو 82% عن نفس الفترة من العام السابق.
نمو ملحوظ في الصادرات واحتياطي النقد الأجنبي
ووفقًا لما أظهره البيان المالي للموازنة الجديدة، فقد حققت الصادرات غير البترولية نموًا قويًا بلغ نحو 33%، مسجلة 32.4 مليار دولار في الفترة من يوليو إلى مارس 2025، مقارنة بـ27.2 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام المالي الماضي.كما ارتفع صافي الاحتياطي من النقد الأجنبي ليسجل 47.7 مليار دولار في مارس 2025، بزيادة قدرها 7.4 مليار دولار عن مستواه في مارس 2024، ما يعكس قوة الموقف الخارجي للاقتصاد المصري.