إيلون ماسك يستأنف قيادة شركاته الكبرى في مواجهة تحديات كبيرة بعد إنهاء فترة إدارة ترامب

غادر الملياردير الأمريكي إيلون ماسك إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بعد فترة قصيرة مليئة بالاضطراب، ليعود مجددًا إلى شركاته العملاقة التي لم تعد كما تركها قبل ستة أشهر. فبعد أن قاد ماسك على مدار أشهر وزارة أطلق عليها اسم “هيئة الكفاءة الحكومية” بهدف خفض الإنفاق في الإدارة الأمريكية، يجد نفسه الآن أمام سيل من الإشكالات والقضايا الحرجة التي تتطلب حلولاً عاجلة في إمبراطوريته الخاصة.وفي تحليل استعرضته وكالة “أسوشيتد برس” الأمريكية، تبرز العديد من التحديات في مقدمتها شركة “تسلا”. فبعد أن ادعت منافستها الصينية BYD أنها تربعت على قائمة أكبر شركة في العالم لبيع السيارات الكهربائية، محققة إيرادات بلغت 107 مليارات دولار في عام 2024 ومتفوقة على تسلا في المبيعات السنوية، يبرز التساؤل الأكبر: ما إذا كانت مغادرة ماسك لمهامه الفيدرالية الرسمية في واشنطن سوف تساعد على إغراء المشترين للعودة لشراء سيارات “تسلا” مجددًا. لا سيما وأن تشكيلات سيارات “تسلا” المطروحة باتت قديمة الطراز، كما أن منافسيها الخارجيين أصبحوا أكثر تنافسية وتمكنوا من اقتطاع حصة سوقية من “تسلا” في ظل أفضل الظروف.وتشير الوكالة إلى أن قرار “تسلا” بإغلاق مصانع لها لإعادة تهيئة السيارة “واي”، أفضل موديلاتها، تسبب في معاناتها خلال الربع الأول من العام الجاري، وقد أثارت الفترة التي أمضاها الملياردير الأمريكي في واشنطن ردود فعل سلبية وقلق المحللين والمستثمرين. فمن جانبها، حذرت “جي بي مورجان” من “ضرر غير مسبوق للعلامة التجارية”، فيما قالت مؤسسة “ويدبوش سيكيورتيز” في مرحلة من المراحل “إنها أزمة مكتملة الأركان”. كما أن مجموعة من صغار المستثمرين كتبوا مؤخرًا يطالبون مجلس إدارة “تسلا” بأن يقضي ماسك 40 ساعة على الأقل أسبوعيًا في العمل على إصلاح “سمعتها المنهارة عالميًا” وغيرها من المشاكل.يواجه الملياردير الأمريكي اختبارًا آخر يتمثل في ما إذا كان إطلاق “تسلا” لأول سيارة أجرة آلية بلا سائق سوف يبرهن على نجاح التجربة. فبعد أن تحدث ماسك مرارًا وتكرارًا على مدار أكثر من عقد كامل عن “روبوتات الأجرة”، قد تظهر أخيرًا خلال الشهر المقبل على الطرقات. وقد وعد بإجراء اختبار لـ10 أو 20 سيارة روبوت أجرة في مدينة أوستين بولاية تكساس، ومن ثم زيادة ذلك العدد إلى عشرات الآلاف بحلول نهاية العام المقبل، ويعتقد مستثمرون أن ماسك سيحقق ما وعد به، لا سيما أن أسهم “تسلا” ارتفعت بنسبة 50 في المائة منذ إدلائه بهذا التصريح. إلا أنه سيواجه العديد من التحديات، أقلها على سبيل المثال ما يتعلق بما إذا كانت سيارات الأجرة الآلية ستنجح من الناحية الفنية دون أن ترتطم بأشياء أو تصطدم بأشخاص. وكان مسؤولو الأمن الفيدرالي قد طلبوا الشهر الماضي بيانات من “تسلا” حول كيفية أداء “روبوتات الأجرة” أثناء ظروف الرؤية المنخفضة بسبب الأحوال المناخية. وحتى لو سار اختبار أوستين دون حدوث أي عائق، فإن ماسك سيواجه تحديًا آخر وهو “وايمو”، شركة سيارات الأجرة بدون سائقين التي تملكها مجموعة “ألفابِت”، الشركة الأم لـ”جوجل”، والتي تجاوزت رحلاتها الـ10 ملايين، وتعمل حاليًا في سان فرانسيسكو ولوس أنجليس وغيرها من المدن الأمريكية.على جانب آخر، تتوقع وكالة “أسوشيتد برس” أن يكون انتعاش حجم الإعلانات على منصة “إكس” أقل مما كان عليه قبل امتلاك ماسك لها، فبعد أن اشترى ماسك تويتر عام 2022 وغير الاسم لاحقًا إلى إكس، بدأ المعلنون القدامى بالهروب. كما أن أداء شركة “سبيس إكس” لإطلاق الصواريخ والأقمار الصناعية لا يزال يشوبه الغموض، كون الشركة الخاصة لم تفصح عن أوضاعها المالية بعد، وتشير الأنباء الصحفية وعناوين الأخبار إلى وجود إشكالات وانتصارات في آن واحد. ففي حين كشفت تقارير أن جولة تمويلية خاصة أطلقتها شركة “سبيس إكس” قبل أشهر قليلة، وتلتها صفقة بيع خاصة لأسهمها مؤخرًا، قد ساهمت في رفع قيمة “سبيس إكس” إلى 350 مليار دولار، محققة بذلك قفزة كبيرة من 210 مليارات دولار قدرت كقيمة للشركة قبل عام. كما تمكنت شركة “ستارلينك”، ذراع إطلاق الأقمار الصناعية المخصصة للإنترنت التابعة لـ”سبيس إكس”، من التوصل إلى صفقات هائلة لإقامة مشروعات في دول أجنبية، مثل بنغلاديش، والهند، وباكستان، وليسوتو وغيرها. لكن من غير الواضح مدى ارتباط ذلك بالأعمال المحضة أم أنها أعمال ذات مسحة سياسية، ولفتت الوكالة الأمريكية إلى أن هذه الميزة ربما تختفي مع مغادرة ماسك واشنطن، لتنجلي الحقائق وينقشع الضباب عن تلك المسألة.