طاحون: خفض سعر الفائدة كخطوة أولى نحو تعافٍ مدروس يعزز مشاركة القطاع الخاص وتحسن المؤشرات الاقتصادية

طاحون: خفض سعر الفائدة كخطوة أولى نحو تعافٍ مدروس يعزز مشاركة القطاع الخاص وتحسن المؤشرات الاقتصادية

أكدت الدكتورة نرمين طاحون، الخبيرة الاقتصادية، أن إشراك القطاع الخاص في تنفيذ المشروعات القومية بات يمثل توجهًا استراتيجيًا واضحًا من الدولة المصرية، مشيدة بتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي التي تدفع نحو بناء شراكة حقيقية بين القطاعين العام والخاص، باعتبارها السبيل الأمثل لتحقيق التنمية المستدامة. وأشارت الخبيرة الاقتصادية في تصريحات لـ“الدستور” إلى أن هذا النهج يعكس إدراكًا عميقًا لأهمية الدور الذي يلعبه القطاع الخاص في تحفيز النمو، وخلق فرص العمل، وزيادة الإنتاج، ونقل الخبرات العالمية إلى الداخل المصري، مشيرة  إلى أن توسيع دائرة الشراكة بين القطاع الخاص والجهات الحكومية ساهم في رفع كفاءة تنفيذ المشروعات الكبرى، وضمان استدامة تشغيلها، وجذب رؤوس الأموال المحلية والأجنبية على حد سواء. وأوضحت، أن هذا التوجه الاستراتيجي الذي تتبناه الدولة يفتح الباب أمام تعزيز الاستثمار طويل الأجل، ويعزز الثقة لدى مجتمع الأعمال في جدية الدولة تجاه تحسين مناخ الاستثمار، مضيفا أن من أبرز العوامل التي عززت من تنافسية الاقتصاد المصري في الفترة الأخيرة هو إقرار حزمة من الحوافز الاستثمارية والضريبية الجاذبة، والتي أسهمت في تشجيع المستثمرين على دخول السوق المصري أو التوسع في استثماراتهم القائمة. 

تدفق الاستثمارات

وأضافت أن التسهيلات التي أُقرت، سواء من خلال قانون الاستثمار أو مبادرات دعم الصناعات الوطنية، كان لها أثر إيجابي مباشر على تدفق الاستثمارات، مشيرة إلى أن الدولة قدمت إعفاءات ضريبية للمشروعات في بعض القطاعات الحيوية والمناطق ذات الأولوية، ما خلق بيئة خصبة للنمو والتوسع.وأكدت أن هذه الحوافز لم تقتصر فقط على تسهيلات ضريبية، بل شملت كذلك إجراءات مبسطة لتأسيس الشركات، وتيسير الحصول على التراخيص، وتفعيل دور الشباك الواحد، وهو ما أزال العديد من العراقيل التي كانت تواجه المستثمرين سابقًا. وشددت على أن الحكومة نجحت في خلق بيئة أعمال أكثر مرونة، وهو ما بدأ ينعكس على مؤشرات الاستثمار الأجنبي المباشر بشكل تدريجي، موضحا أن الاقتصاد المصري أثبت قدرته على الصمود أمام التحديات الخارجية، مشيرة إلى مجموعة من المؤشرات الإيجابية التي تعكس متانة وقوة الاقتصاد في المرحلة الراهنة. ولفتت إلى أن تحويلات المصريين العاملين بالخارج ارتفعت بنحو 12% خلال الربع الأول من 2025، وهو ما يشير إلى تزايد الثقة في الاقتصاد المصري وقدرته على التعافي، كما سجل الاحتياطي النقدي الأجنبي مستويات آمنة تجاوزت 42 مليار دولار، ما يعزز استقرار العملة المحلية ويمنح مرونة أكبر للسياسة النقدية.وأضافت أن تراجع معدلات التضخم إلى 13.9% في أبريل 2025، مقارنة بأكثر من 30% منتصف 2023، يمثل إنجازًا كبيرًا، خاصة في ظل التحديات العالمية، مثل أزمة سلاسل التوريد وارتفاع أسعار السلع. وأكدت أن هذا التحسن يعكس كفاءة السياسات الاقتصادية والنقدية المتبعة، وقدرتها على تحقيق توازن دقيق بين ضبط الأسواق وتحفيز النمو.وذكرت أن البنك المركزي المصري تعامل باحترافية مع هذه المتغيرات، وكان قراره بخفض أسعار الفائدة بمقدار 325 نقطة أساس على مدار شهري أبريل ومايو 2025 خطوة جريئة ومحسوبة، تهدف إلى تنشيط النشاط الاقتصادي بعد فترة طويلة من التشديد النقدي. وأوضحت أن هذا الخفض في الفائدة سيسهم بشكل مباشر في تقليل تكلفة الاقتراض، مما سيعزز من قدرة القطاع الخاص على التوسع، ويحفز الاستهلاك المحلي، ويزيد من القدرة التنافسية للمنتجات المصرية.

تقليل عبء الدين المحلي

ولمحت طاحون إلى أن الأثر الإيجابي لخفض الفائدة سيمتد إلى تقليل عبء الدين المحلي على الموازنة العامة، ما يفتح المجال أمام الدولة لتوجيه المزيد من الإنفاق نحو قطاعات مثل التعليم والصحة والبنية التحتية. كما سيساعد القرار في دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة، وزيادة فرص التوظيف، وتحسين مستوى المعيشة للمواطنين.وأشارت إلى أن التيسير النقدي الحالي يجب أن يكون مدعومًا بسياسات مالية متوازنة وإصلاحات هيكلية مستمرة، مؤكدة أن التحدي الأكبر يكمن في الحفاظ على الاستقرار النقدي وضمان عدم عودة الضغوط التضخمية في حال حدوث صدمات خارجية مفاجئة. ودعت إلى تكامل السياسات بين الجهات الحكومية المختلفة لتحقيق الأثر المنشود من خفض الفائدة، مع ضرورة التركيز على جذب الاستثمارات المباشرة، وزيادة الصادرات، ودعم قطاعات الإنتاج المحلي.واختتمت طاحون تصريحاتها بالتأكيد على أن الاقتصاد المصري في مرحلة انتقالية واعدة، مشيرة إلى أن نجاح التجربة يتوقف على الاستمرار في تنفيذ الإصلاحات، وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، والاستثمار في الإنسان والتكنولوجيا. وقالت إن خفض الفائدة هو بداية تعافٍ مدروس، وليس مخاطرة، ما دامت هناك إرادة سياسية واضحة، ورؤية اقتصادية متكاملة.