يوانيس كوتولاس يكتب لـ«الدستور»: دير سيناء كرمز تاريخي يربط مصر واليونان

محاضر فى الجغرافيا السياسيةبجامعة أثينا فى اليونان تتميز العلاقات الدبلوماسية اليونانية المصرية بمتانتها، كما أظهرت الزيارة الأخيرة للرئيس عبدالفتاح السيسى إلى أثينا. وهذه هى الزيارة الخامسة للرئيس المصرى إلى اليونان، ما يدل على متانة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. وقد وقعت اليونان ومصر اتفاقية شراكة استراتيجية تعزز تنسيقهما السياسى والدبلوماسى فى ظل بيئة جيوسياسية مضطربة بشكل متزايد فى شرق البحر الأبيض المتوسط، واستمرار هشاشة الوضع فى ليبيا وسوريا وغزة. وتتفق اليونان ومصر فى وجهات النظر فى جميع هذه القضايا.تتجلى الروابط الثقافية اليونانية المصرية من خلال مؤسسات عريقة، مثل بطريركية الإسكندرية للروم الأرثوذكس ودير سانت كاترين فى جنوب سيناء. وخلال الأيام الماضية، جرى تنسيق دبلوماسى بين القاهرة وأثينا حول وضع ومستقبل دير سانت كاترين العريق. وهو أقدم دير أرثوذكسى يونانى فى العالم، قائم منذ ما يقرب من ١٥٠٠ عام، منذ القرن السادس، أسسه الإمبراطور البيزنطى جستنيان. يضم الدير كنوزًا روحية رائعة مثل المخطوطات والكتب المطبوعة المبكرة المحفوظة فى مكتبة سيناء وأيقونات الدير ذات الجمال والأهمية الكبيرة. يدعم رهبان سيناء، منذ أقدم العصور وحتى يومنا هذا، الحجاج والزوار والبدو المحليين. هذا هو التراث الروحى القديم لسيناء، جسر بين الأديان وجوهرة مصر.أثار حكم قضائى صدر مؤخرًا بشأن الدير بعض القلق فى أثينا، خاصة أن التفاصيل الكاملة للقرار لم تكن معروفة. أصدرت الرئاسة المصرية إعلانًا يؤكد المكانة الدينية والثقافية العريقة للدير. أكد الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى التزام مصر الكامل بحماية المكانة الدينية لدير سانت كاترين فى جبل سيناء فى محادثة هاتفية مع رئيس الوزراء اليونانى كيرياكوس ميتسوتاكيس، وفقًا لوكالة أنباء الشرق الأوسط. أكد السيسى أن الحكم القضائى الأخير بشأن الموقع يعزز هذا الالتزام، ويعكس احترام مصر قدسية الأماكن الدينية، بالإضافة إلى الأهمية الثقافية والروحية والدينية الدائمة للدير. وقد اتفق الجانبان على التنسيق لحماية وضع الدير. وستصل بعثة خاصة من أثينا هذا الأسبوع، وستتعاون مع السفارة اليونانية فى القاهرة لتسهيل إتمام الاتفاقية الثنائية بشأن وضع الدير. إن حماية الدير تعزز مصالح كل من مصر واليونان. وفى وقت تتسبب فيه دول أخرى فى المنطقة بالاضطرابات والعنف واضطهاد الشعوب، تظل مصر واليونان ثابتتين فى حماية التسامح الدينى والثقافى. ويرمز الدير ووجوده المستمر إلى ذلك.مصر واليونان منارتان للاستقرار والحكم الرشيد فى منطقة البحر الأبيض المتوسط. واليونان هى أقرب جار لمصر فى الاتحاد الأوروبى وشريكها الدبلوماسى الدائم. لعبت اليونان دورًا محوريًا فى تعزيز إطار التعاون بين الاتحاد الأوروبى ومصر، وكانت أول دولة فى الاتحاد الأوروبى توقع اتفاقية ثنائية مع مصر عام ٢٠٢٠ بشأن المناطق الاقتصادية الخالصة للبلدين، واتفاقية للهجرة عام ٢٠٢٢. وتعتبر اليونان مصر ركيزة أساسية لاستقرار منطقة البحر الأبيض المتوسط بما يخدم مصالح الاتحاد الأوروبى. ويعد دير القديسة كاترين رمزًا للعلاقات التاريخية والثقافية المتميزة بين البلدين العريقين، مصر واليونان، وجسرًا ثقافيًا تستضيفه مصر.