“لن نغفر” .. مثقفون وساسة: جرائم الجماعة الإرهابية ستظل حاضرة مهما طال الزمن

١٢ عامًا مرت على ثورة ٣٠ يونيو التى أنقذت الوطن من براثن الإرهاب وسيطرة جماعة الإخوان، التى استهدفت السيطرة على مصر، وتفكيك بنية الدولة الوطنية، وتمرير مخططات «أهل الشر» لهدمها، مع غيرها من دول المنطقة، فى محاولة لطمس هوية المجتمع وتفتيت وحدة واستقرار الشعب المصرى.وفى ذكرى الانتصار على الإرهاب، أكد عدد من المفكرين ونواب البرلمان وقادة الأحزاب والقوى السياسية، خلال حديثهم لـ«الدستور»، أن جرائم جماعة الإخوان الإرهابية لا تغتفر ولا تسقط مهما طال الزمن، مشددين على أن ما اقترفته الجماعة وعناصرها من جرائم وانتهاكات، وما سجلته من مواقف خسيسة ضد مصر، دولة وشعبًا، لا يمكن نسيانه ولا التسامح معه، ويجب التذكير به دائمًا حتى لا تنسى الأجيال الجديدة حقيقة ما حدث. منشقون: معركة المصريين مع الإخوان «وجودية»قال إبراهيم ربيع، القيادى المنشق عن جماعة الإخوان الإرهابية، إن المصريين لا بد لهم من تذكر ما حدث فى مرحلة حالكة السواد من تاريخ الوطن، حين تسللت جماعة الإخوان إلى مفاصل الدولة، وحاولت طمس هويتها الوطنية وفرض أجندة فئوية لا تمتّ إلى مفهوم الدولة المدنية بصلة.وأكد «ربيع» أن فترة حكم الإرهابية، ورئيسها محمد مرسى، مثلت نقطة سوداء فى تاريخ مصر المعاصر، حيث شهدت خلالها البلاد محاولات ممنهجة لأخونة مؤسسات الدولة، بدءًا من الجهاز الإدارى، مرورًا بالهيئات الإعلامية والتعليمية، فى سعى مفضوح للتمكين والسيطرة وتفريغ الدولة من مضمونها الوطنى، لصالح التنظيم.وأوضح أن الجماعة الإرهابية لم تكتفِ بمحاولات الاختراق المؤسسى، بل سعت لتفكيك النسيج المجتمعى عبر سياسة الاستعداء الممنهج لمختلف الطوائف والتيارات الفكرية والسياسية، وبدلًا من بناء توافق وطنى جامع بعد ثورة يناير ٢٠١١، اختارت الجماعة طريق الإقصاء والاستقطاب، ووجهت سهامها نحو المثقفين، والفنانين، والإعلاميين، ورجال الدين من خارج عباءتها، بل وحتى القوى الثورية التى مهدت الطريق لصعودها إلى سدة الحكم.الأمر نفسه أكده طارق البشبيشى، القيادى الإخوانى المنشق، بقوله إن جماعة الإخوان الإرهابية مارست كل أشكال التهميش ضد الشعب المصرى، وحين خرج الملايين إلى الشوارع معترضين على سياساتها الإرهابية، اعتبرتهم فئة خارجة على «الشرعية»، وهددت بميليشياتها ومناصريها، مستخدمة خطابًا تحريضيًا مفعمًا بالكراهية والانقسام.وقال: «جماعة الإخوان الإرهابية لم تكن تسعى لإدارة دولة، بل لتأسيس كيان موازٍ يقفز على مؤسساتها الشرعية ويحولها إلى أدوات تخدم مشروعًا لا يعترف بالحدود ولا بالهوية الوطنية».وأضاف: «معركة الشعب المصرى مع الإخوان لم تكن معركة سياسية عادية، بل كانت معركة وجود، دفاعًا عن هوية الدولة، وعن مدنية الحكم، وعن وحدة الوطن، الذى كاد ينزلق إلى مصير مجهول، لولا وعى أبنائه ويقظة مؤسساته الوطنية».وشدد على أن التذكير بتلك الجرائم ليس استدعاء للماضى، بل تحصينًا للحاضر وتأكيدًا على أن ذاكرة الوطن لا تنسى من حاولوا العبث بأمنه ومقدراته ومستقبله.نواب: بقايا الجماعة ينتقمون بحرب الشائعات والأفكارأكدت النائبة فريدة الشوباشى، عضو مجلس النواب أمين أمانة المواطنة المركزية بحزب «الجبهة الوطنية»، أن الشعب المصرى لمس بنفسه محاولات جماعة الإخوان الإرهابية لتخريب الدولة المصرية على مدار سنوات، سواء من خلال العمليات الإرهابية التى نجحت الدولة فى مواجهتها والقضاء على العناصر الداعمة لها، أو من خلال نشر الأكاذيب والشائعات، التى تعمل بدورها على هدم مؤسسات الدولة والنيل من مصر وأمنها.وأوضحت أن أفعال الجماعة الإرهابية لا تتناسب مع قيم المواطنة التى يعرفها المصريون طوال تاريخهم، وتعبر عن مدى كرهها لمصر، دولة وشعبًا، منوهة بأن تلك الأفعال كانت أكبر دوافع قيام ثورة ٣٠ يونيو المجيدة، حفاظًا على مصر من ذلك الفصيل المندس والمخرب.وأضافت: «أفعال جماعة الإخوان، طوال تاريخها، تنم عن تنفيذها أجندات أجنبية، مع تغليفها بأكاذيب تهدف إلى النيل من سمعة مؤسسات الدولة المصرية، وتكدير السلم العام المصرى، وهو ما تجسده مقولتها الشهيرة للمصريين: «يا نحكمكم.. يا نقتلكم».وأشارت إلى أن للإخوان «بقايا مسعورة»، يحاولون بكل الطرق العمل على تخريب حياة المصريين، انتقامًا منهم على ما قاموا به تجاه الجماعة، وإزاحتها من الحكم فى ٣٠ يونيو.وشددت على أهمية التصدى بما يكفى لبقايا الإخوان هؤلاء، وعدم تمكينهم من إحداث أى فتنة طائفية بين المصريين، مؤكدة أن إرهاب الإخوان طال جميع الشعب المصرى دون أى تفرقة دينية، ومُشبهة إياهم بالعدوان الإسرائيلى على مصر، والذى لم يفرق كذلك بين أديان المصريين عند العدوان عليهم.وفى الإطار نفسه، أكد النائب هشام سويلم، عضو مجلس الشيوخ عن حزب «حماة الوطن»، أن مواجهة الإرهاب لا تنحصر فى السلاح أو العمل الأمنى فقط، بل يجب أن تبدأ من جذوره الفكرية، موضحًا أن الإرهاب فى جوهره فكرة منحرفة، تقف خلفها كتب ومنشورات أعدّت خصيصًا لتأصيل الكراهية والعنف فى العقول، وتغليفها برداء دينى زائف.وقال: «أخطر ما نواجهه اليوم هو استمرار ترويج تلك الأفكار بين الأجيال الشابة، من خلال الإرث الفكرى الذى خلفته جماعة الإخوان الإرهابية، وهو ما يستوجب استراتيجية وطنية واضحة لمواجهة هذا الخطر الفكرى والثقافى، إلى جانب المواجهة الأمنية والقانونية».أحزاب: «المجرمون» ساعدوا التكفيريين فى سيناءشدد مايكل روفائيل، نائب رئيس حزب «مصر القومى»، على أنه لا يمكن الحديث عن الدولة المصرية الحديثة دون التوقف أمام المرحلة التى تسللت فيها جماعة الإخوان الإرهابية إلى سدة الحكم، وهى فترة قصيرة فى الزمن لكنها مليئة بالانتهاكات التى خلّفت جروحًا غائرة فى جسد الوطن، مشيرًا إلى أن الجماعة الإرهابية ارتكبت خلال هذا الوقت جرائم جسيمة فى حق الدولة ومؤسساتها.وأكد «روفائيل» أنه من بين هذه الجرائم التى لا تغتفر للجماعة محاولة تدمير جهاز القضاء المصرى من خلال حصاره والتهجم على رموزه، والسعى لتغيير تركيبته عبر ما سُمى بقانون السلطة القضائية، بما يفتح الطريق لإقصاء القضاة غير الموالين وتمكين العناصر التابعة للجماعة من مفاصل العدالة.وتابع: «تورطت الجماعة أيضًا فى التحريض على مؤسسات الدولة من منابرها، وتحويل الإعلام إلى أداة لتشويه الدولة وتشجيع التمرد والعصيان، فضلًا عن التغاضى عن تسلل الجماعات التكفيرية إلى سيناء، وغض الطرف عن العمليات الإرهابية التى بدأت تنشط حينها».وأوضح أن هذه الأخطاء لم تكن عابرة، بل سياسات ممنهجة تهدف لهدم الدولة من الداخل، مشيرًا إلى أن الجماعة أرادت إعادة صياغة مصر على هوى مشروعها الخاص، دون أدنى اعتبار لهوية الدولة أو مصالح شعبها، وهو ما تصدى له الشعب بكل وعى، ورفض أن تتحول مصر إلى ولاية فى مشروع عابر للحدود.من جهته، قال المهندس عادل زيدان، نائب رئيس حزب «الوعى»، إنه لا يمكن التغافل عن الدور التخريبى الذى لعبته جماعة الإخوان الإرهابية فى حق الدولة والمجتمع بأسره، مشيرًا إلى أن الجماعة اتخذت السلطة وسيلة لا لتحقيق تطلعات الشعب، بل لتنفيذ مشروعها الخاص القائم على الإقصاء والتغول على مؤسسات الدولة، عبر مسار خطير استهدف تفريغ الدولة من مضمونها الوطنى وتحويلها إلى أداة طيعة فى يد التنظيم.وأكد «زيدان» أن الجماعة مارست أبشع صور التمكين، وسعت بكل ما أوتيت من نفوذ إلى فرض هيمنتها على مفاصل الدولة، من القضاء إلى الإعلام، ومن التعليم إلى الأمن، فى مشهد يعكس عقلية احتكارية لا تؤمن بالدولة الجامعة، بل بالتنظيم الحاكم.ولفت إلى أن الجماعة حاولت فرض وصاية فكرية على المجتمع، وقمع كل صوت مخالف أو حتى مستقل، واختارت سياسة الاستقطاب الحاد، ودفعت بالوطن إلى شفا انقسام خطير، إذ جرى تصنيف المواطنين ما بين «مؤمن» و«كافر»، و«مؤيد» و«خائن»، و«تابع» و«مارق»، بما يحمله ذلك من دلالات خطيرة على السلم المجتمعى.وأضاف أن «الإرهابية» لجأت إلى إذكاء مشاعر الكراهية والتمييز، لا سيما تجاه المسيحيين، والتيارات الليبرالية واليسارية، وكل من رفض أن يكون تابعًا لمشروعها، لافتًا أنه لم يكن الشعب المصرى موحدًا فى نظرها، بل جماعات متفرقة تخضع لفرز عقائدى لا يمتّ لقيم الدولة الحديثة بصلة.