“مصر السلام” تُثني على التطور الملحوظ في نظام العدالة الجنائية

تُتابع مؤسسة “مصر السلام للتنمية وحقوق الإنسان”، باهتمام بالغ ما تشهده مصر من خطوات لافتة في مجال تطوير مراكز الإصلاح والتأهيل، في إطار الرؤية الشاملة للجمهورية الجديدة، وانسجامًا مع الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التي أطلقها الرئيس السيسي وإن ما تحقق من إغلاق عدد كبير من السجون القديمة ونقل النزلاء إلى مراكز حديثة مثل بدر ووادي النطرون، والتي تُعد من الأكبر والأكثر تطورًا على المستوى العالمي، هو بلا شك تحول نوعي في فلسفة العدالة الجنائية في مصر.وثمّن أحمد فوقي، رئيس “مصر السلام”، هذه النقلة التي لم تعد ترتكز فقط على مفهوم العقوبة، بل على إعادة بناء الإنسان وتأهيله نفسيًا ومهنيًا واجتماعيًا للاندماج الإيجابي في المجتمع بعد انقضاء العقوبة. كما تمتد هذه البرامج إلى أسر النزلاء، ما يدل على تبني نهج أكثر شمولية في مقاربة العدالة الجنائية.وأضاف فوقي، لـ”الدستور” أن الإطار القانوني شهد أيضًا تغييرات واضحة، من بينها تعديل المصطلحات المرتبطة بالمؤسسات العقابية، لتصبح أكثر انسجامًا مع توجهات الإصلاح كاستبدال مصطلح السجن بـ”مركز الإصلاح والتأهيل”، و”السجين” بـ”النزيل”، في خطوة تعكس تحولًا في النظرة إلى المحكوم عليهم باعتبارهم أفرادًا في طور الإصلاح لا مجرد مخالفي قانون.ورغم أهمية هذه الخطوات، كشف فوقي أن التحدي الحقيقي يظل في استدامة أثرها خارج جدران هذه المراكز. فلا تزال هناك حاجة ملحّة إلى تشريعات داعمة للمفرج عنهم، تضمن لهم الحق في التعليم والعمل والحماية من التمييز، خاصة عند محاولتهم الاندماج في سوق العمل أو استكمال التعليم، إذ يواجه العديد منهم وصمة اجتماعية تحول دون عودتهم إلى حياة طبيعية.وأشار فوقي إلى بعض التحديات المرتبطة بإعادة إدماج النزلاء بعد الإفراج، خاصة غياب نهج وطني منسق يجمع بين مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدني لتوفير الدعم الشامل والمستدام للفئات الخارجة من مراكز الإصلاح والتأهيل. فغالبًا ما يُفرج عن الأفراد دون وجود آليات فعلية لاحتوائهم أو توفير فرص حقيقية لإعادة بناء حياتهم، سواء على مستوى التأهيل المهني أو النفسي أو الاجتماعي.وأوضح فوقي أن هذا الفراغ المؤسسي غالبًا ما يؤدي إلى تعزيز دوائر الإقصاء والتهميش المجتمعي، لا سيما في ظل استمرار الوصم الاجتماعي وصعوبة النفاذ إلى فرص العمل أو التعليم، وهو ما قد يدفع البعض إلى الانزلاق مجددًا في مسارات محفوفة بالمخاطر.من هذا المنطلق، اكد رئيس “مؤسسة مصر السلام” على الحاجة الماسّة إلى اعتماد سياسة وطنية متكاملة للرعاية اللاحقة، تبدأ داخل مراكز الإصلاح من خلال خطط تأهيل تراعي الفروق الفردية، وتمتد بعد الإفراج عبر شراكات واضحة مع القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني، تشمل برامج للتشغيل، والمرافقة الاجتماعية والنفسية، وحملات توعية مجتمعية لمكافحة الوصم وإعادة دمج الأفراد في بيئاتهم المحلية بوصفهم أصحاب حقوق متساوية.