سميحة أيوب و”الذباب” .. عندما اكتشف سارتر “ألكترا” في القاهرة

سميحة أيوب و”الذباب” .. عندما اكتشف سارتر “ألكترا” في القاهرة

في مذكراتها الصادرة عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، سردت الفنانة القديرة سميحة أيوب، تجربة فريدة من نوعها في تاريخها الفني، حيث تروي كواليس لقائها مع المفكر الفرنسي جان بول سارتر، الذي زار مصر بعد عرض مسرحيته “الذباب” أو “الندم” على خشبة المسرح القومي، والتي أخرجها الفنان سعد أردش.

إشادة عالمية بسميحة أيوب 

تبدأ سميحة أيوب حديثها بالتعبير عن مفاجأتها الكبيرة عند تلقيها إشادة من رئيس تحرير “الأوبزرفير” الفرنسية، الذي كان قد حضر عرض مسرحية “الذباب” الذي قدّمته في إطار عرض مسرحي متميز، وقال لها: “لم أكن أتصور أن مسرحية ‘الذباب’ لسارتر سوف تقدّم بهذه العظمة، بكل مفرداتها من إخراج وتمثيل وديكور وكورس”.بعد عرض المسرحية بثلاثة أيام، التقت سميحة مجددًا مع كلود استيه، رئيس تحرير “الأوبزرفير”، الذي أبدى إعجابه بأدائها في مسرحية “الذباب”، قائلاً: “في مسرح الأزبكية في ‘الذباب’ كنت أشاهد فنانة عملاقة، لكن في مسرحية الليلة كانت هناك حالة جديدة من الإبداع”.وأوضح استيه في رسالته التي أرسلها إلى سميحة بعد عودته إلى فرنسا، أنه أبلغ سارتر بفنها، مشيرًا إلى أن الأخير كان غائبًا في ذلك الوقت بسبب جولته في الاتحاد السوفييتي مع سيمون دي بوفوار.وفي اللحظة التي تلت هذه الأحداث، كان هناك تطور غير متوقع، أخبرت إدارة المسرح سميحة أيوب بأن جان بول سارتر سوف يحضر إلى مصر في زيارة خاصة، ومن أجل ذلك كان لابد من تنظيم بروفات خاصة بمسرحية “الذباب”.ورغم ضغط الجدول الزمني، رفضت سميحة أيوب إيقاف عرض مسرحية “الإنسان الطيب” لبريخت التي كانت تقوم ببطولتها في نفس الوقت، مفضلة تقديم العرضين في نفس اليوم، وأمام إصرار توفيق الحكيم على ضرورة إيقاف العرض، ردت عليه سميحة بعناد: “لن أغلق مسرحًا مكتمل العدد لمجرد زيارة سارتر”.

لقاء سارتر وسميحة أيوب

تجسد اللحظة التي تلت تلك المشادة مع الحكيم لحظة فارقة، حيث صعد جان بول سارتر وسيمون دي بوفوار إلى المسرح بعد انتهاء العرض، وقال سارتر لسميحة أيوب: “أخيرًا وجدت ألكترا في القاهرة”، ليجد نفسه في لقاء مع ممثلة من طراز فني فريد، ليستمتع مع زوجته بما قدّمته من أداء مميز.وفي لحظة غمرها الفخر والفرح، لاحظت سميحة في عيني توفيق الحكيم دمعة فرحة، ليتبادل الحوار الطريف بينهما في تلك الأجواء، حيث قال لها الحكيم مبتسمًا: “أرأيتِ؟”، في رد ساخر: “يا سميحة، أنتِ دماغك ناشفة، يعني كان لازم السواريه؟ أنتي العروسة!” لتضحك سميحة وتجيب: “وأنت العريس، بلغهم إن العروسة هربت يوم الفرح”.وتختتم سميحة أيوب مشهد اللقاء التاريخي في مذكراتها بالتأكيد على مدى إعجابها الكبير بالزيارة، والتي كانت تمثل أكثر من مجرد لقاء فني، بل لحظة ثقافية حافلة بمشاعر الفخر والاعتزاز.