سوق السيارات في مصر تشهد انتعاشًا.. هل طُويت صفحة الأزمة؟

لا يمكن إنكار أن سوق السيارات المصرية بدأت تتنفس من جديد بعد واحدة من أصعب الأزمات التى مرت بها خلال العقد الأخير، والتى بلغت ذروتها فى عام ٢٠٢٤. مشاهد الطوابير على قوائم الحجز، وغياب السيارات من المعارض، وتضاعف الأسعار بشكل غير مسبوق، كلها كانت جزءًا من واقع مأزوم فرضته عوامل متعددة، على رأسها: نقص العملة الأجنبية، وتوقف الإفراجات الجمركية، واضطراب سلاسل التوريد العالمية.وشهدت السوق موجة من التخفيضات السعرية من قِبل عدد من العلامات التجارية مثل نيسان، رينو، شيفروليه، وهيونداى، فى محاولة لاستعادة ثقة المستهلك، وتحفيز قرار الشراء بعد أشهر من الترقب. لم تأتِ هذه التخفيضات من فراغ، بل كانت نتيجة لتحسن سلاسل الإمداد وزيادة المعروض، إلى جانب المنافسة المتزايدة بين الشركات لاستعادة حصتها السوقية.كما أطلق بعض الشركات عروضًا تشمل ضمانات أطول وخدمات صيانة مجانية، ما أعطى دفعة إضافية للمستهلكين الذين أصبحوا أكثر حذرًا فى قرارات الشراء بعد فترة من الغلاء الشديد.التصنيع المحلى يعود إلى الواجهةواحد من أبرز التحولات فى السوق خلال الفترة الأخيرة كان العودة الجادة نحو التصنيع المحلى. شركات مثل نيسان وهيونداى بدأت فى تعزيز طاقتها الإنتاجية داخل مصر، وطرحت طرازات مجمعة محليًا بأسعار منافسة. هذا الاتجاه لا يخدم فقط الشركات من حيث تقليل تكاليف الاستيراد، بل يعزز أيضًا الاستقرار فى السوق، ويقلل من تعرضها للصدمات الخارجية.كما يُسهم هذا التوجه فى دعم خطة الدولة لتوطين الصناعة، وتوفير فرص عمل، وتحسين الميزان التجارى من خلال تقليل الاعتماد على الاستيراد.عودة السيارات إلى المعارض بكميات أكبر، وتعدد الخيارات أمام العملاء، أشعلا المنافسة بين الشركات، كل منها يسعى لتقديم عرض أكثر جاذبية سواء من حيث السعر، أم الخدمات، أم التكنولوجيا. وبرزت بشكل خاص السيارات متعددة الاستخدامات SUV، والطرازات المزودة بتقنيات هجينة أو كهربائية.المستهلك اليوم بات أكثر وعيًا، وهو ما يدفع الشركات لتحسين جودة الخدمات والمنتجات المقدمة، ما يصب فى صالح السوق ككل.إن استدامة التعافى تتطلب دعمًا حكوميًا مستمرًا، وتشجيعًا حقيقيًا للاستثمار الصناعى، وضبطًا للسوق غير الرسمية، إلى جانب سياسات تشجيعية لتمويل السيارات بشروط ميسّرة، خاصة للطبقة المتوسطة.فى الختام سوق السيارات المصرية بدأت فى تجاوز الأزمة، وهناك بوادر أمل حقيقية، لكن استكمال طريق التعافى يحتاج إلى رؤية مشتركة بين الدولة والقطاع الخاص لضمان استقرار طويل المدى وتحقيق انطلاقة مستدامة.