فخاخ الموت: فلسطينيون يزعمون أن مراكز الإغاثة الإسرائيلية حولت رفح إلى سجن واسع.

منذ بدء آلية المساعدات الجديدة فى قطاع غزة التى تخضع لإشراف إسرائيلى أمريكى، ارتفعت حصيلة الشهداء والمصابين الفلسطينيين الجوعى، جراء استهدافهم من قبل قوات الاحتلال، ما دعا منظمات أممية وعالمية لوصف تلك الآلية الجديدة بـ«مصائد وفخاخ الموت».وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية، عن ارتفاع حصيلة مجزرة جديدة ارتكبها الاحتلال بحق المواطنين الذين انتظروا المساعدات فى المنطقة المخصصة لتوزيعها، وهى «منطقة العلم» بمحافظة رفح لـ٢٧ شهيدًا وأكثر من ٩٠ إصابة بينهم حالات خطيرة جدًا.من جانبه، أكد المكتب الإعلامى الحكومى فى قطاع غزة، أمس، أن الاحتلال الإسرائيلى يُحوّل مراكز توزيع المساعدات الأمريكية الإسرائيلية، إلى مصائد موت جماعى وأفخاخ دموية.وأضاف المكتب أن حصيلة الضحايا المُجوَّعين ارتفعت إلى ١٠٢ شهيد و٤٩٠ مصابًا خلال ٨ أيام فقط، متابعًا أن ما يسمى بمراكز توزيع المساعدات، التى تقام فى مناطق حمراء مكشوفة وخطيرة وخاضعة لسيطرة جيش الاحتلال، تحوّلت إلى مصائد دم جماعية، يُستدرج إليها المدنيون المُجوَّعون بفعل المجاعة الخانقة والحصار المشدد، ثم يتم إطلاق النار عليهم عمدًا وبدم بارد، فى مشهد يختصر خُبث المشروع ويُعرى أهدافه الحقيقية.وأشار إلى أن هذه النقاط لا تخضع لأى إشراف إنسانى مستقل، بل تُدار أمنيًا من قبل الاحتلال الإسرائيلى وشركة أمنية أمريكية، ما يجعلها نقاط قتل تحت غطاء إنسانى زائف، ويُصنّفها القانون الدولى كمواقع جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.وأدان ارتكاب هذه المجازر بحق المُجوَّعين المدنيين، محملًا الاحتلال الإسرائيلى المسئولية الكاملة عن هذه المجازر المستمرة التى تُنفذ تحت مظلة المساعدات، وحمّل معه الإدارة الأمريكية الداعمة، سياسيًا وميدانيًا، هذا المشروع الدموى، المسئولية المباشرة عن استخدام الغذاء كسلاح فى حرب الإبادة الجارية على غزة.وقال إن تكرار المجازر فى مراكز التوزيع يوميًا، وفى وضح النهار، وبأرقام صادمة من الشهداء والمصابين، يكشف للعالم عن أن ما يجرى هو استخدام متعمد للمساعدات كأداة للقتل والتطهير الجماعى، ما يرقى لجريمة إبادة بموجب المادة الثانية من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية لعام ١٩٤٨.وطالب المنظمات الدولية بالتحرك الفورى والضغط بكل الوسائل المتاحة لفتح المعابر الرسمية دون تدخل أو شروط من الاحتلال، وتأمين إيصال المساعدات الإنسانية من خلال مؤسسات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المحايدة، بعيدًا عن هذا النموذج الإسرائيلى الأمريكى القاتل.من جانب آخر، قالت وزارة الصحة الفلسطينية بالقطاع، إن الاحتلال الإسرائيلى يتعمد تقويض وخنق المنظومة الصحية من خلال قرارات الإخلاءات للمناطق التى توجد بها المستشفيات ومراكز تقديم الرعاية الطبية.وأشارت إلى أن الإخلاءات الأخيرة بمحافظة خان يونس تُشكل تهديدًا مُباشرًا لإخراج مجمع ناصر الطبى عن الخدمة، موضحة أن المجمع هو المستشفى الوحيد فى جنوب القطاع الذى يضم خدمات تخصصية يتهددها التوقف.ولفتت إلى أن عشرات المرضى والجرحى فى العناية المركزة وغرف العمليات والطوارئ والأطفال فى أقسام الحضانة أمام موت محقق حال خروج المجمع عن الخدمة.فى السياق ذاته، أكد الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، أن مراكز توزيع المساعدات فى قطاع غزة تحولت إلى أهداف مباشرة للقتل، مشيرًا إلى أن الاحتلال الإسرائيلى استهدف هذه المراكز خلال أيام قليلة فى ثلاث حوادث دموية، راح ضحيتها أكثر من ١٠٠ شهيد، كانت الأعنف منها فى رفح.وأضاف «الرقب»، لـ«الدستور»، أن هذه المراكز لم تُنشأ بهدف إغاثة السكان، بل كانت جزءًا من مخطط أمريكى- إسرائيلى يهدف إلى نقل الكتلة السكانية من شمال غزة وخان يونس إلى جنوب القطاع، وتحديدًا إلى منطقة رفح، لتحويلها إلى معتقل كبير يتم فيه الضغط على السكان تحت وطأة الجوع والحاجة، فى محاولة لدفعهم نحو الهجرة القسرية.وأشار إلى أن التنسيق الكامل بين الولايات المتحدة وإسرائيل فى إدارة هذه المراكز، وفرض سيطرة فرق أمنية مشتركة عليه، يعكس نية مبيتة لتنفيذ عمليات قتل جماعى بحق الفلسطينيين.وأوضح أن رفض الفلسطينيين التعاون مع هذه المنظومة المفروضة يؤكد وعيهم بمخططات الاحتلال، رغم وجود أكثر من ٤٠٠ مركز توزيع تديرها وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين «أونروا» بخبرة طويلة وطاقم يتجاوز ١٠ آلاف موظف، إلا أن ذلك لم يمنع الإصرار الإسرائيلى الأمريكى من تنفيذ هذا النهج الدموى.فيما أكد الدكتور نزار نزال، الكاتب السياسى الفلسطينى، أن الآلية الجديدة التى تعتمدها إسرائيل تحولت إلى «مصائد موت» حقيقية، وليست أدوات إنسانية كما يُروّج لها، مشيرًا إلى أن أكثر من ٧٥ شهيدًا و٥٠٠ مصاب سقطوا حتى الآن نتيجة استهداف هذه المراكز.واعتبر أن الهدف من هذه الآلية هو إذلال سكان غزة وإهانة كرامتهم، عبر دفعهم للتزاحم على مراكز يُراد منها فى الحقيقة قتل أكبر عدد ممكن من المدنيين.