لماذا أطلق الريحاني على العزبة اسم “حمار وحلاوة”؟

من بين عشرات الحكايات التي رواها الفنان نجيب الريحاني في مذكراته، تبقى قصة “عزبة حمار وحلاوة” واحدة من أطرف ما دونه عن أيام الشهرة والثرثرة في عصر “النغنغة”.ويشير “الريحاني” في مذكراته إلي: “فجأة، ودون مقدمات بدأ الناس يتناقلون أن الريحاني اشترى عزبة وأطلق عليها اسما غريبا لا ينسى: “حمار وحلاوة” وكان من يطرح سؤالا بريئا عن موقعها، يأتيه الجواب بتحديد مذهل: “في الشرقية يا بيه، مركز فاقوس”، وربما زاد البعض التفاصيل فقال: “في بلد اسمها منزل نعيم، جنب نجع عودة، وعمدتها الحاج عبد الوهاب.”
يعترف الريحاني أنه كاد يصدق الأمر من كثرة ما سمع عنه لدرجة أنه قرر سؤال صديق له من أعيان المنطقة: “هو صحيح عندكم عزبة ملكي؟”، فجاءه النفي القاطع بأن الأمر لا يعدو كونه إشاعة خفيفة الظل، لا أساس لها ومع ذلك، انتشرت الحكاية، وبدأ البعض يتعامل معها كحقيقة، حتى خشي الريحاني أن تظهر له “عائلة” كاملة من الأقارب المزعومين الذين يربطهم به رابط واحد فقط: حمار وحلاوة

الغريب أن العزبة المزعومة لم تستقر في الشرقية طويلا، إذ بدأت رحلة تنقلات جغرافية واسعة، ففي بعض الأيام كانت في المنوفية، وفي أخرى تنتقل إلى الدقهلية، وكأنها موظف حكومي يتنقل حسب قرارات الندب والنقل، إلى أن تبخرت أخيرا، واختفت كما ظهرت: إشاعة حلوة بطعم اسمها.

ويعلق شعبان يوسف في تحقيقه للمذكرات: “ورغم نفيه المتكرر، تعامل الريحاني مع الأمر بخفة دمه المعهودة، وقال مازحا إنه كان يستطيع أن يملك عشرات العزب بحق، لو أنه أدرك قيمة ما قدمه من روايات، وخصص من كل واحدة قطعة أرض صغيرة، بدلا من أن تنسب له عزبة خيالية باسم غير تقليدي.

ويضيف: يستعيد الريحاني في السياق نفسه واحدة من المواقف التي تظهر العلاقة المتوترة أحيانا بين المسرح والرقابة، حين أصدر مدير الأمن العام “المستر هورنيلو” قرارا بمصادرة رواية فرقته الجديدة بعنوان “قولوا له”، بعد تقارير من المخبرين لكن، لم تمض أيام حتى اندلعت الثورة، فخرج الريحاني وفرقته في مظاهرة حاشدة، يرفعون أصواتهم بنشيد الكشافة، في تأكيد واضح أن الفن جزء لا يتجزأ من نبض الشارع.