جلاء الطيري: “أضحية العيد ابتلعت كل احتفالاتي” (خاص)

للمصريين مع أعيادهم طقوس خاصة، وعيد الأضحى في مصر يتميز ليس فقط بتجمعهم الأثير حول مشاهدة طقوس الذبح، وتخضيب أيديهم بدم الأضحية ووضع بصماتهم على أبواب بيوتهم العتيقة خاصة فى ريف مصر، الأطفال يحترفون صناعة ألعابهم. وفي أول أيام العيد تستعيد الكاتبة جلاء الطيري، ذكريات الطفولة وعيد الأضحى في بيت العائلة، بين طقوس الذبح، وصدى التكبيرات، وبراءة العرائس المصنوعة من قناديل الذرة، التي ابتلعها خروف العيد.تقول الطيري: “في طفولتي لم يكن عيد الأضحى يختلف كثيرًا عن عيد الفطر، سوى في نبرة البهجة التي كانت أقل، وعدد الزائرين الذين كانوا يمرون سريعًا لإلقاء السلام، وترك الوصية المعتادة لجدي: ‘ما تنساش يا شيخ عبد الحافظ منابنا في الفدو.'”
وتتابع: “بعد صلاة العيد، يأتي الجزار بسكين لامعة كأنها شعاع شمس، تُرعبني بقدر ما تلمع، فأختبئ في كم جلباب جدي، خشية أن يأكلني الجزار بعد الذبيحة! أهرب إلى الحديقة، إلى خروفي الصغير الذي رافقني لشهرين كاملين، أطعمه كيزان الذرة، وأصنع من شعرها المتساقط عرائسي… تلك العرائس التي لم تصمد طويلًا، فقد أكلها خروفي بهدوء تام.” وتستطرد الكاتبة في سردها العذب: “مع تكبيرات العيد، كنت أعلم أن صديقي الصوفي سيغدو وجبة في قدور أحدهم. أراقب جدتي وهي تُحضر ‘الطست’ الكبير، وتقص أوراق شكائر الأسمنت لتغليف قطع اللحم. أعود إلى حديقتي لأودع خروفي، أذكره بأنه يحمل في جوفه عرائسي الصغيرة، وأتخيل أنها ستخرج من بطنه كما ولدت جارتنا فتاة كالقمر. لكن القصاب لم يُخرج سوى لحم ودم، تم توزيعه على الفقراء والأقارب، أما أنا… فلم أذق منه شيئًا.” وتختم الطيري حديثها قائلة: “لا تزال صورة السكين التي تلمع تحت الشمس، وأسنان الجزار البلاتينية، وكم جلباب جدي، عالقة في ذاكرتي، كما لو كانت عرائسي لم تُؤكل بعد، بل تنتظرني في مكانٍ ما.”