غزة بلا احتفالات: الفلسطينيون ينقبون عن بقايا الفرح وسط أنقاض الدمار والحرب

غزة بلا احتفالات: الفلسطينيون ينقبون عن بقايا الفرح وسط أنقاض الدمار والحرب

الأمهات: «لا نستطيع شراء ملابس ولا لحم لأطفالنا.. ولا نستطيع حتى إطعامهم خبزًا»بائعون يعرضون ملابس مستعملة فى محاولة يائسة لإضفاء بعض الفرحة.. لكن لا مشترين«هالة»: «لا دقيق لا ملابس لا فرحة».. و«رشا» تبحث عن «أى هدية للأطفال» وسط الأنقاضاستقبل سكان قطاع غزة أول أيام عيد الأضحى، أمس الجمعة، وسط أجواء من الحزن والجوع وانهيار مقومات الحياة كافة، بدلًا من الاحتفال، خاصة بعد الفشل فى التوصل إلى هدنة مؤقتة من أجل الاحتفال بهذه المناسبة الإسلامية.احتفل سكان غزة بعيد الأضحى فى ظل ندرة الطعام بشكل عام وليست اللحوم فقط، وارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل غير مسبوق، خاصة مع إعلان إسرائيل عن وقف العمل فى مراكز توزيع المساعدات الإنسانية، قبل أيام، ما تسبب فى منع وصول الطعام للمواطنين، حسب صحيفة «واى زيث نيوز» الهندية.ويعكس ذلك حجم المأساة الإنسانية المتفاقمة، وتحول العيد الذى يمثل عادة مناسبة للفرح والتكافل، إلى يوم آخر من أيام الكفاح من أجل البقاء تحت الحصار، وهى عادة قطاع غزة، الذى تأتى الأعياد فيه بشكل مختلف، فلا يوجد طعام، ما يعنى أن تناول اللحوم وذبح المواشى شبه مستحيل.ولم تدخل أى لحوم طازجة إلى غزة منذ أكثر من ٣ أشهر. وتفيد بيانات الأمم المتحدة بأن نحو ٩٦٪ من الثروة الحيوانية و٩٩٪ من الدواجن، فى غزة، قد نُفقت نتيجة القصف الإسرائيلى والحصار المستمر.فى منطقة «المواصى» الساحلية، والتى تحولت إلى مخيم كبير، عُرضت بعض الحيوانات للبيع، بقرة وجمل وعدد قليل من الخراف. لكنها كانت خارج متناول اليد بالنسبة للأهالى الذين يعانون من فقر مدقع. وتواجد بعض الأطفال لمشاهدة الحيوانات، لكن لم يتمكن أحد من الشراء.وفى سوق خان يونس، حاول بعض البائعين عرض ملابس مستعملة وألعاب على شكل خراف، فى محاولة يائسة لإضفاء بعض ملامح العيد، لكن الغالبية غادرت السوق دون شراء شىء. قالت هالة أبونقيـرة، وهى أم تبحث عن شىء لأطفالها: «فى السابق، كانت هناك أجواء عيد، كان الأطفال سعداء، أما الآن، فلا دقيق، لا ملابس، لا فرحة».وبالنسبة للأمهات مثل رشا أبوسليمة، أصبح الاحتفال بالعيد يعنى البحث فى أنقاض المنازل عن أى شىء يمكن أن يُهدى للأطفال. عادت «رشا» إلى منزلها المتضرر فى مدينة رفح لتستخرج بعض الأغراض القديمة، حيث وجدت نظارات شمسية بلاستيكية وأساور صغيرة، قدمتها لبناتها كهدايا للعيد، وقالت: «لا أستطيع شراء ملابس لهن، ولا لحمًا، ولا حتى إطعامهن خبزًا».وبالقرب من المكان، حاول بعض الأطفال اللعب على أراجيح بدائية مصنوعة من الحبال، وفيما كانت الضحكات المتقطعة تتردد فى المكان، بدت وكأنها مقاومة بريئة لثقل الخراب الذى يحيط بهم، وتذكيرهم بأن الحياة لا تزال تنبض رغم كل شىء.اختزلت كريمة نجلّى، وهى نازحة من رفح، الشعور الجماعى لأهالى غزة بقولها: «خلال هذه الأعياد الأربعة، لم نشهد نحن الفلسطينيون أى فرحة، لا أضاحى، لا كعك، لا ملابس للعيد، لا شىء».من جهته، قال الباحث السياسى الفلسطينى، فراس ياغى، إن الوضع الإنسانى فى غزة كارثى، وازداد الأمر سوءًا بعد «الفيتو» الأمريكى أمام مجلس الأمن، فى محاولة جديدة من واشنطن لحماية إسرائيل أمنيًا وعسكريًا، وإنقاذها من العقوبات الأممية والدولية.وأضاف «ياغى» لـ«الدستور»: «الحل ليس فى مجلس الأمن أو الضغط الإقليمى وإنما فى يد الولايات المتحدة، هى الوحيدة القادرة على كبح جماح إسرائيل فى غزة، لأن الولايات المتحدة لن تسمح لأى جهة أخرى بالتدخل فى الشأن الإسرائيلى».وواصل: «كل دقيقة تمر على قطاع غزة دون هدنة تزداد الأزمة الإنسانية، ومع حلول عيد الأضحى المبارك دون طعام ومساعدات فإن الوضع أصبح لا يطاق»، مشددًا على أنه «لن يتم حل القضية الفلسطينية عبر مجلس الأمن أو المنظمات الأممية أو المحاكم الدولية، ولكن من خلال الإدارات الأمريكية».أما المحلل السياسى الفلسطينى، هانى المصرى، فقال إنه «لا يوجد عيد فى غزة دون تحريرها من الحصار الإسرائيلى»، مضيفًا: «غزة لا يوجد بها أبسط مقومات الحياة، بالتالى لا يمكن أن تشعر بالعيد. الاحتفال الحقيقى هو إنهاء الحصار الإسرائيلى».