كيف أنقذ صوت محمد رفعت الشيخ إمام من الأفكار المتطرفة؟ إليكم القصة.

الشيخ إمام، أحد الظواهر الفنية والسياسية التي شهدتها الثقافة المصرية، خلال النصف الثاني من القرن العشرين، إمام الذي ملأ الدنيا غناءً وفنًا، وعاش حياة مليئة بالأحداث الصاخبة، ذاق حلاوة المجد والشهرة، لكنه انتهى وحيدًا منزويًا فقيرًا، وربما كان قد تحول إلى واحد من متشردي الشارع لولا “سعاد العقاد”، حرم المستشار نور الدين العقاد، نائب رئيس مجلس الدولة الأسبق، والتي تكفلت برعايته والعناية به وتوفير سكن لائق به في أواخر سنين حياته.
الشيخان “رفعت وإمام” المبصران رغم خفوت النظر.. ما القصة؟
الشيخ إمام الذي فارق عالمنا في مثل هذا اليوم من العام 1995، ربطته بقيثارة السماء، الشيخ محمد رفعت علاقة خاصة، وربما كانت هذه العلاقة السبب في إنقاذ الشيخ إمام من براثن السلفية والفكر الظلامي. ربما يتعجب قارئ هذه السطور من وصف الشيخ إمام أن له علاقة بالأفكار المتطرفة، لكنها حقيقة كشف عنها الروائي الراحل عبده جبير، في كتابه “النغم الشارد”، تحديدًا عن بدايات حياة الشيخ إمام، وكيف أنه في سن صغيرة وبعدما أتم حفظ القرآن الكريم علي يد الشيخ “محمود السبكي”، ذلك الرجل الذي يعد واحدا من مؤسسي الجمعيات الشرعية في مصر، وكيف أنه بني مسجدا ومن فوقه منزلا يقيم فيه وفي الوقت ذاته يلقي دروسه على الأطفال الصغار.ومن تلك الدروس التي شدد “السبكي”، علي تلقينها للصغار واشترطها عليهم ليقبل انضمامهم وبقاءه في مدرسته الشرعية، عدم الأكل في الطرقات أو الشوارع، أو الجلوس على المقاهي.حرص محمود السبكي على استمرار عمل الجمعية الشرعية بل وتأسيس العديد من الفروع لها في شتي ربوع وأنحاء مصر، فكان أن أسس مصنعا للنسيج اليدوي لضمان توفير دخل للجمعية وقد كان.وبعدما أتم الشيخ إمام حفظ القران الكريم، ألحقه والده بمدرسة حسن السبكي الشرعية، والتي استمر في الدراسة بها حتي بلغ السادسة عشرة من عمره، وهنا وقع في المحظور الممنوع بل والكبائر من وجهة نظر السبكي. فما هي هذه الكبيرة التي أرتكبها، وما هو العصيان الأكبر الذي وقع فيه الشيخ إمام؟
الشيخ إمام يرتكب الخطيئة الكبرى.. فما هي؟
يوضح عبده جبير الخطيئة الكبرى التي وقع فيها الشيخ إمام: “كان علم التجويد، وهو فن قراءة القرآن حسب النطق الصحيح لمخارج الحروف، أحد العلوم التي تدرس في هذه الجمعية ــ جمعية حسن السبكي الشرعية ــ وكان هذا الفن أقرب المواد التي استهوت قلب الفنان الصغير ــ الشيخ إمام ــ وكان الشيخ محمد رفعت، المقرئ ذو الصوت الساحر، والطريقة البارعة المتميزة في الأداء نجم في سماء التجويد.وكان الشيخ محمد رفعت يقرأ القرآن يوم الجمعة في مسجد قريب من السيدة زينب، فتتوقف حركة المرور من شدة زحام المصلين الذين يتكدسون في الشوارع المحيطة بالمسجد، وقد عشقه الشيخ إمام، فكان يتردد عليه في بيته بشارع “يحي بن زيد” بالسيدة، ويجد عنده الشيخ علي محمود المنشد العظيم، وهو كفيف كالشيخ رفعت أيضا، وكان هذا يتم في الخفاء، دون علم المسئولين في الجمعية الشرعية، حتي جاء يوم كان يسير فيه مع أحد زملائه يتمشيان في الطريق، فسمع صوت الشيخ محمد رفعت ينبعث من راديو في أحد المقاهي، فطلب الشيخ إمام من زميله أن يجلسا ليستمعا لهذا الصوت الذي لا يقاوم، وبالفعل جلسا يشربان الشاي ويستمعان، ولكن ساقت الصدفة لهما أحد الزملاء فوشي بهما عند رئيس الجمعية، والذي كان يري في طريقة الشيخ محمد رفعت خروجا على أصول علم التجويد كما يراه، فعقد لـ الشيخ إمام محاكمة سريعة فصل علي أثرها علي الفور.