أسرار “القلب يُحب كل ما هو جميل”: محمد رياض السنباطي يكشف كيف ساهمت العزلة وفنجان القهوة في إبداع اللحن الخالد

«العُزلة فى حجرة مكتبه وفقط ولا يخرج منها حتى الانتهاء من إعداد اللحن»، هكذا كشف كابتن طيار «محمد رياض السنباطى» سرًا من أسرار ملحن عبقرى قدم للفن المصرى والعربى، وما زال يقدم عن طريق الإرث الذى تركه، العديد من الروائع الموسيقية، وهو الملحن العبقرى «رياض السنباطى»، الذى شكّل مع بيرم التونسى وكوكب الشرق أم كلثوم أحد أضلاع نجاح رائعة «القلب يعشق كل جميل».محمد رياض السنباطى، كشف عن العديد من الكواليس والحكايات عن والده الراحل وعن طقوسه وحياته الخاصة، وكيف استطاع أن يحتل ركيزة أساسية فى مسيرة الفن المصرى والعربى، ليتذكر ونتذكر معه العديد من الحكايات عن أحد عباقرة زمن الفن الجميل.■ بالتأكيد لحن قصيدة «القلب يعشق كل جميل» يُعد الضلع الثالث فى نجاحها مع كلمات بيرم التونسى وصوت الست أم كلثوم.. حدثنا عن ذكرياتك مع لحن الوالد وطقوسه؟- فى حقيقة الأمر إن «رياض السنباطى»، ورغم نجاحاته وأعماله المتعددة والعبقرية، إلا أنه لم تكُن له طقوس محددة بعينها عند إعداده للألحان، إلا العُزلة فى حجرة مكتبه وفقط ولا يخرج منها حتى الانتهاء من إعداد اللحن، وكان يكتفى فقط بالضغط على زر جرس كهربائى وضعه خصيصًا فى مكتبه لطلب القهوة، يحتسيها ثم يبدأ من جديد العمل فى إعداد اللحن، وكانت الفيلا التى نعيش فيها بمنطقة مصر الجديدة هى مهد خروج هذه الألحان وصومعته الخاصة للإبداع، حيث كان أهم ما يميز السنباطى قدرته على تبسيط الكلمات عند تحويلها إلى مقطوعة موسيقية عبر ألحانه وبساطتها.■ ولكن «القلب يعشق كل جميل» حققت نجاحًا منقطع النظير لم يضاهِه عمل قبل أو بعد.. ما سر نجاحها طيلة هذه السنوات؟- بالتأكيد القصيدة حققت نجاحًا لافتًا خاصة أنها نقلت صورة حية لمناسك الحج والعُمرة التى يتلهف إليها المسلمون فى شتى بقاع الأرض وضواحيها، وسر نجاحها من وجهة نظرى قدرتها على رسم الصورة الحقيقية والواقعية للمناسك، سواء عن طريق الكلمات الرائعة التى كتبها الشاعر بيرم التونسى، أو ألحان العبقرى رياض السنباطى، حتى توجت ذلك السيدة أم كلثوم بصوتها، فمن يستطيع أن يقاوم كلمات «دعانى لبيته لحد باب بيته» دون أن تنهمر عيناه بالبكاء.■ هل كان للقصيدة تلك مكانة خاصة عند رياض السنباطى؟- جميع أعمال رياض السنباطى كانت لها مكانة خاصة لديه، خاصة بالطبع «القلب يعشق كل جميل»، إلا أنه وخلال مسيرته قدم للفن المصرى والعربى العديد من الأعمال الناجحة، خاصة الدينية منها، مثل «نهج البردة» للشاعر أحمد بك شوقى وغناء السيدة أم كلثوم، وكذلك «رباعيات الخيام» كلمات الشاعر الكبير عمر الخيام وغناء كوكب الشرق أيضًا، والتى قدم لها السنباطى العديد من الأعمال مثل «سلو قلبى» التى كتبها الشاعر أحمد شوقى أيضًا، حتى قدما سويًا رائعة «الأطلال» للشاعر الكبير إبراهيم ناجى.■ على ذكر الأطلال والأعمال العديدة التى جمعت السنباطى وأم كلثوم.. هل تتذكر موقفًا معينًا للثنائى لا تنساه؟- بالفعل هناك العديد من المواقف التى جمعت كوكب الشرق والوالد بحكم العديد من الأعمال التى تشاركا فيها، ولكن أشهرها ما شهدته تحضيرات قصيدة «الأطلال»، حين رفضت أم كلثوم فى البداية غناءها حين رأت صعوبة فى بعض القفلات باللحن الذى قدمه رياض السنباطى، وحين أبدت اعتراضها على اللحن، قال لها السنباطى: وقت ما تحبى تغنيها عرفينى، وبالفعل تركت ثومة الأغنية ٣ سنوات لا تستطيع الاقتراب منها، سواء بالغناء أو بطلب تغيير اللحن، فلا أحد كان يجرؤ أن يطلب من السنباطى تغيير ألحانه أو التعديل عليها، حتى قررت بالفعل تقديم الأغنية فى إحدى الحفلات بألحان السنباطى، لتحقق نجاحًا ساحقًا وردود أفعال رائعة دفعتها لعدم الذهاب لمنزلها بعد الحفل والمجىء إلى منزلنا فى مصر الجديدة للاعتذار للوالد عن رفضها غناء القصيدة من ألحانه فى البداية.■ فى الختام ومن خلال ما ذكرته.. هل كان رياض السنباطى شخصية شديدة التعقيد؟- على الإطلاق، كان بالفعل شخصية فى منتهى القوة والحزم، قليل الكلام لا يتحدث إلا عند الضرورة، ولكنه طيب القلب بسيط ومتواضع، لا يغضب من أحد ولا يُغضب أحدًا، شخصية نادرة جمعت بين الاحترام والبساطة والقوة والتواضع فى نفس الوقت.