أسرار “القلب يحب كل ما هو جميل”: جمال بخيت يتحدث عن كيفية “إغلاق صناعها باب الإبداع خلفهم”.

الشاعر الكبير جمال بخيت وصف قصيدة «القلب يعشق كل جميل» بأنها فريدة من نوعها وتكاد تكون الأغنية الدينية الوحيدة فى تاريخ القصائد والأغانى الدينية، حيث نقلت صورة حية وواقعية لرحلتى العُمرة والحج إلى بيت الله الحرام، مضيفًا فى حديثه لـ«الدستور»: بيرم التونسى حين كتب كلمات تلك القصيدة نجح فى الجمع بين فكرة تصوير المشهد وبين مشاعر الإنسان التى تجعلك تشعر بأنك ترى الصورة التى يحكى عنها وتتناولها القصيدة، وهى الصفة التى تتميز بها أعمال بيرم التونسى مثلما فعل فى قصيدة «شمس الأصيل» وغيرها من الأعمال الفنية التى تجعلك تسمع وكأنك ترى، وينقل إليك صورة حسية ومشاعر قلما يأتى بها شاعر عامية أو فُصحى. وأضاف «بخيت» أن بيرم التونسى امتلك قدرًا من الجرأة يُحسد عليه حينما بدأ قصيدة دينية بجملة عاطفية مثل «القلب يعشق كل جميل، وياما شفت، وياما شفت جمال يا عين، واللى صدق فى الحب قليل» وغيرها من الكلمات التى اتسمت بالجرأة فى استهلال الكلمات، وأعتقد أن بيرم هُنا تأثر بعاطفته الجياشة وعشقه لكلمات الغزل والحُب التى طغت على وجدانه حتى فى كتابة قصيدة دينية، ومن وجهة نظرى أن بيرم هو من اخترع الجرأة الفنية، فهو شاعر مُتمرد سواء فى أفكاره أو الموضوعات التى يتناولها أو حتى فى طريقة التناول ما انعكس من وجهة نظرى على نجاح الأغنية بهذا الشكل الكبير وتحولها إلى أيقونة لموسم الحج.جمال بخيت انتقل من الإشادة بـ«ابن كاره» بيرم التونسى الذى اعتبره أحد أسباب نجاح القصيدة، إلى الحديث عن ضلع رئيسى فى العمل وهو الملحن رياض السنباطى الذى وصفه برائد مدرسة العُمق فى التلحين، علاوة على امتلاكه حسًا مُرهفًا وشديد الرقة والرقى، ظهر فى كل أعماله مثل «قصيدة الأطلال» للشاعر الكبير إبراهيم ناجى، أو حتى فى ليلة العيد للشاعر الكبير أحمد رامى، فحينما تسمع ألحانه تدرك بسهولة أن من صنعها هو رياض السنباطى؛ لما فيها من سمو يمنح المستمع حالة من الأنين والشموخ فى نفس اللحظة، ونجاح السنباطى هُنا لا يمكن فصله عن كونه ترسًا فى تلك المنظومة الناجحة التى تدفع كل مشارك فيها للنجاح، حتى إن الموسيقار الكبير زكريا أحمد حينما لحن الأغنية فى البداية كانت ممُيزة بشكل كبير لم يقل فى روعته عما قدمه السنباطى.وإلى مسك الختام وصل جمال بخيت بالحديث عن سيدة الغناء العربى وكوكب الشرق أم كلثوم التى ترجمت بصوتها كلمات بيرم التونسى وألحان رياض السنباطى، والتى وصفها بخيت بالصوت الشامخ؛ لما فيه من روعة وعظمة وثقافة ورُقى لم ولن يأتى الزمان بمثله لتغلف عملًا رائعًا من جميع الزوايا، عمل اجتهد فيه أباطرة الفن الراقى لصُنع رائعة تعيش أبد الدهر وتخترق منطقة لم يقترب منها أحد، وأعتقد أنه لن يستطيع أن يقترب منها أحد فى المستقبل، حيث نجح الثلاثى أم كلثوم وبيرم التونسى ورياض السنباطى فى أن يغلقوا باب الإبداع فى هذه المنطقة خلفهم، ويتركوا الجميع دون أن يكشفوا لهم عن سر الصنعة.