بدون شريك أجنبي: تفاصيل أول منجم ذهب مصري بإدارة وطنية وتمويل محلي

في قلب الصحراء الشرقية، وعلى بُعد مئات الكيلومترات من المدن، تبدأ مصر مرحلة جديدة من استغلال ثرواتها الطبيعية بسيادة كاملة وجهود وطنية خالصة؛ ففي منطقتي “حنجلية” و”أم عود” بمرسى علم، تنفذ شركة شلاتين للثروة المعدنية مشروعًا هو الأول من نوعه لاستخراج الذهب بتمويل وإدارة مصرية 100%.
أول منجم ذهب مصري بإدارة وطنية
المشروع بدأه الدكتور شريف الشهاوي، رئيس الشركة السابق، ويستكمله حاليًا الدكتور هاني مصطفى، الرئيس الحالي، بالتعاون مع الدكتور عبد المجيد محمد، نائب رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب، وبدعم كبير من وزارة البترول والثروة المعدنية وهيئة الثروة المعدنية.ويعكس المشروع توجه الدولة نحو الاعتماد على الكفاءات الوطنية وتعزيز دورها في إدارة وتشغيل مناجم الذهب بأيدٍ مصرية خالصة.وللمرة الأولى منذ عقود، تقود الأيدي المصرية وحدها دون شراكة أجنبية عمليات البحث والاستكشاف والحفر والإنتاج في منجم ذهب حكومي بالكامل، هذا الإنجاز هو إعلان واضح عن توجه الدولة لاستعادة زمام المبادرة في ملف الثروات المعدنية، وتحويل قطاع التعدين إلى قاطرة رئيسية للنمو الاقتصادي والتنمية المستدامة.
سيادة مصرية كاملة وتمويل ذاتي
بحسب مصادر رفيعة المستوى بوزارة البترول والثروة المعدنية، فإن شركة شلاتين للثروة المعدنية دشنت برنامجًا طموحًا للبحث والاستكشاف في منطقتي “حنجلية” و”أم عود”، معتمدة على كوادرها الوطنية وخبراتها المحلية، وممولة بالكامل من مواردها الذاتية، في تجربة رائدة تؤسس لعصر جديد من إدارة واستغلال الموارد الطبيعية بعيدًا عن ضغوط رأس المال الأجنبي أو اتفاقات الشراكة التقليدية.وتعد هذه الخطوة، بحسب مراقبين، بمثابة نقلة نوعية غير مسبوقة في قطاع التعدين المصري، حيث ستنتهي الدولة قريبًا من تقييم احتياطيات الذهب في المنطقتين وبدء الإنتاج الفعلي، وسط مؤشرات جيولوجية واعدة تضع المنجم في مصاف المناجم العالمية من حيث الجودة والكميات المتوقع استخراجها.
عودة إلى الجذور.. مناطق ذهبية تاريخية
لم يكن اختيار منطقتي “حنجلية” و”أم عود” محض صدفة، فهاتان المنطقتان من أقدم بقاع الأرض التي عرفت استخراج الذهب منذ عهد الفراعنة، وقد ظلت لعقود طويلة أرضًا بكرًا لم تُستغل إلا جزئيًا، وتؤكد الدراسات الحديثة وجود شواهد تمعدنات ذهبية عالية، دفعت شلاتين لتكثيف أعمال الحفر وتوسيع نطاق الدراسات التفصيلية، أملًا في تحقيق اكتشافات جديدة تعزز المخزون الاستراتيجي للبلاد من الذهب.
النهضة الجيولوجية.. اكتشافات واعدة واستثمار محلي
ما يميز التجربة المصرية الجديدة هو القدرة على توطين التكنولوجيا ونقل المعرفة الجيولوجية إلى الأجيال الشابة من المهندسين والجيولوجيين والفنيين، وتوفير فرص عمل نوعية في منطقة جغرافية شديدة الوعورة، فضلًا عن استثمار الفوائض المالية المحققة في مشاريع تنموية أخرى.
بيئة استثمارية جديدة وحراك غير مسبوق
ما كان لهذا الحراك أن يتحقق لولا الإصلاحات الجذرية التي اعتمدتها الدولة في السنوات الأخيرة، خاصة ما يتعلق بقوانين التعدين وتسهيل الإجراءات وتوفير البيانات الجيولوجية المتاحة والتي جذبت أربع من كبريات الشركات العالمية إلى منطقة مرسى علم، حيث تتسابق شركات مثل أنجلو جولد أشانتي، أنك ريسورسيز، لوتس جولد، وآخ جولد، في سباق اكتشاف الذهب الجديد بمناطق الامتياز الممنوحة لها.
وفى سياق متصل؛ تستعد وزارة البترول والثروة المعدنية لإطلاق مزايدة عالمية جديدة للبحث عن الذهب والخامات المعدنية ذات القيمة المضافة، وذلك خلال يوليو المقبل ما يعكس الثقة المتزايدة في الإمكانيات الجيولوجية لمصر، ويكرس موقعها كوجهة مفضلة للاستثمارات التعدينية، خاصة مع توافر بنية تحتية قوية وشفافية في الإجراءات وخطط واضحة للتنمية.