نداء لإنصاف المتقاعدين

في خضم التحديات الاقتصادية الراهنة التي تمر بها بلادنا وفي ظل سعي الدولة الدائم لتحقيق الاستقرار المالي والتنمية المستدامة تبرز قضية شريحة مهمة وأساسية في مجتمعنا لا يجوز أن تغفلها أي سياسة اقتصادية رشيدة.. إنهم أصحاب المعاشات.
هذه الفئة التي أفنت زهرة شبابها وعمرها في خدمة الوطن وبناء مؤسساته تجد نفسها اليوم في مواجهة تحديات تزداد قسوة مع كل قرار اقتصادي جديد يمس مصدر دخلها الوحيد.
إن مبدأ العدالة الاجتماعية يفرض علينا أن ننظر بعين الاعتبار والتقدير لمن أفنى عمره في العمل. فأصحاب المعاشات وكما هو معلوم للجميع يعتمدون بشكل شبه كلي على المعاش الشهري الذي يتقاضونه والذي غالبًا ما يكون هو الدخل الأساسي لهم ولاسرهم بالاضافه لفوائد بنكيه بسيطه من مدخراتهم او ما ورثوه من ذويهم.
ومع ارتفاع معدلات التضخم وتآكل القوة الشرائية للجنيه، بات هذا المعاش بالكاد يغطي الاحتياجات الأساسية من غذاء ودواء وإيجار.
ومع ذلك تزداد الأعباء على كاهل هذه الشريحة عندما نتحدث عن فوائد البنوك فكثير من أصحاب المعاشات يلجأون إلى إيداع مدخراتهم إن وجدت في البنوك للحصول على عائد شهري أو دوري يعينهم على تكاليف الحياة ومع أي قرارات بخفض أسعار الفائدة على الودائع تتضاءل هذه العوائد ليجد أصحاب المعاشات أنفسهم أمام خيار صعب إما سحب مدخراتهم والمجازفة بضياعها أو تركها في البنوك بعائد لا يسد الرمق.
لقد آن الأوان لأن تتخذ الدولة إجراءات استثنائية لحماية أصحاب المعاشات من هذه التحديات..فإذا كانت السياسات النقدية تتطلب في بعض الأحيان تخفيضًا لأسعار الفائدة لدعم الاستثمار وتحفيز الاقتصاد فإنه يجب أن يكون هناك استثناء واضح لهذه الشريحة.
لماذا لا يتم النظر في آليات تضمن لأصحاب المعاشات زيادة دورية في معاشاتهم تتناسب مع معدلات التضخم لضمان قدرتهم على العيش الكريم؟ ولماذا لا يتم استثناء ودائعهم من تخفيضات أسعار الفائدة أو على الأقل توفير برامج ادخارية خاصة بهم ذات عوائد مجزية ومستقرة؟
إن حماية أصحاب المعاشات ليست مجرد واجب أخلاقي، بل هي ضرورة اقتصادية واجتماعية. فإذا انهار دخل هذه الفئة فسيؤثر ذلك سلبًا على قدرتها الشرائية وبالتالي على النشاط الاقتصادي ككل كما أن عدم الاستقرار المالي لأصحاب المعاشات قد يدفعهم إلى البحث عن مصادر دخل غير مستقرة مما يعرضهم لمزيد من المخاطر.
في الختام.. ادعو صناع القرار إلى إعادة النظر في كيفية التعامل مع ملف أصحاب المعاشات.. يجب أن تكون هناك رؤية شاملة تضمن لهم حياة كريمة ومستقرة، بعيدًا عن تقلبات الأسواق وتحديات الاقتصاد. إن الاعتراف بقيمة ما قدموه للوطن وحماية مصدر دخلهم الوحيد هو أقل ما يمكن أن نقدمه لهذه الفئة التي تستحق منا كل التقدير والاحترام.