في الذكرى الثالثة والثلاثين لرحيله: أحداث ليلة اغتيال المفكر العظيم فرج فودة

في الذكرى الثالثة والثلاثين لرحيله: أحداث ليلة اغتيال المفكر العظيم فرج فودة

تمر اليوم الذكرى 33 لرحيل الكاتب السياسي فرج فودة الذي رحل اثر اغتياله في مثل هذا اليوم من العام 1992، ليصبح ضمن أحد أبرز شهداء الكلمة وضحايا التكفير عن مشروع فرج الذي لم يكتمل يدور التقرير التالي.واحدة من أصعب مهام الكتابة هى كسر التابوهات سواء اجتماعية او سياسية او دينية، وهذا ما اقدم عليه فودة الذي ولد في 20 أغسطس 1945 بدمياط، وتخرّج في كلية الزراعة بجامعة عين شمس، ثم حصل على الدكتوراه في الاقتصاد الزراعي، لكنه سرعان ما تخلى عن العمل الأكاديمي التقليدي، واختار طريقًا أكثر وعورة: طريق الفكر، والنقد، والتنوير. وبصفته الكاتب والتنويري  خاض معاركه الاولى التي  لم تتوقف حتى لحظة اغتيالة. لم يكن فودة مجرد كاتب، بل كان مقاتلًا بالقلم، يكتب ليزعج الساكن، ويهز المسكوت عنه، ويتحدى الثابت المتوارث. كتب في السياسة، والدين، والتاريخ، وكانت له زاوية ثابتة في عدد من الصحف والمجلات، لكن ما جعله هدفًا حقيقيًا هو قدرته على كسر التابوهات دون مواربة.وشهدت فترة الثمانينيات والتسعينيات أجواءً مشحونة بالتعصب والتطرف بمد الاسلام السياسي، وانتشار الجماعات المتطرفة، وسط تراجع ملحوظ لتيارات المجتمع المدني، فكان بروز صوت فرج فودة مخلفا ومواجها وقد يكون وحيدا في مواجهة كل هذا الاجواء، استخدم فودة خطاب قدراته في تفنيد ما تذهب اليه تلك الجماعات المتطرفة من عداوة قيمة لمعني الإبداع والفنون  وكل ما يتعلق بالحياة المدنية والتي خلطت بين الدين والسلطة أي سلطة كانت مجتمعية او سياسة او حتى دينية.وذهب فودة الى إصدار العديد من الكتب التي تبدو أنها جريئة والتي يستعيد عبرها التراث العربي وينقده ويكشف عن كل مافيه من عيوب، من تلك الكتب: الحقيقة الغائبة، قبل السقوط، حوار العلمانية، زمن المهرجين “” وغيرها.”

هذه الكتب كانت تتناول بجرأه غير معهودة  تلك الخطابات التي تروج لاستعادة  الخلافة أو اقامة الدولية الاسلامية، وتظهر ما فيها من ضعف وميوعة، وتلاعبها  وتزييفها لواقع الدين وما هيته، وما تضمنة تلك الخطابات من  معاني متعلقة بتقويض المدنية وحركة التنوير.كان فرج فودة أحد أشد المعادين للجماعات المتأسلمة بكافة أطيافها، رحل  ضحية أفكاره وترصد التيارات المتطرفة له. وخاض العديد من المناظرات مواجها  ومناقشا  بما يعتقد ويراه الصواب،وكانت أحد أبرز وأشهر وآخر تلك المناظرات التي خاضها «فودة» ضد ما يسمى بالتيار الإسلامي، قد حدثت في يناير 1992 فى المناظرة الشهيرة حول «الدولة الدينية والدولة المدنية»، ونظمها معرض القاهرة للكتاب، وحضرها آلاف، وكان هو والدكتور محمد أحمد خلف الله فى مواجهة مأمون الهضيبى، مرشد جماعة الإخوان، والشيخ محمد الغزالي، في التقرير نرصد ما كتبته الصحافة المصرية  صبيحة إعلان اغتيال فرج فودة.
يقول الكاتب والباحث في الأرشيف شهدي عطية لـ”الدستور“:”كان اغتيال فرج فودة حدثا جللا، فظهرت جريدة الجمهورية بمانشيت عريض يقول ” التفاصيل الكاملة لاغتيال فرج فودة”، وأسفل العنوان عنوان آخر يقول: “الإرهابي عبدالشافي للجمهورية: ترصدناه منذ شهور وتخلصنا من أشد معارضينا”، وعنوان آخر:”حملات مكثفة لضبط القاتل الهارب.. تشديد الحراسات على كبار المفكرين والصحفيين “ـ وعنوان آخر “استنكار شعبي واسع للجريمة”  

في صفحة 3 بصحيفة الجمهورية جاء تحقيق الكاتب الصحفي جمال عقل الذي أشار فيه إلى لقائه بـ”محمد فاروق محمود “سائق فرج فودة والذي روى تفاصيل ما رأي، والذي قال إنه عندما توجه لمكتب د.فرج فودة ووقف بجوار السيارة في انتظار نزوله وعندما نزل من المكتب فوجئ بالمتهم الهارب يطلق الرصاص عشوائيا، فأصاب د.فرج فودة وابنه وصديقه المحاسب وحيد رأفت.وقال السائق: كنت في ذهول لما يحدث أمامي تماما كما يحدث في أفلام السينما رفضت أن اقف مكتوف الأيدي، ود.فرج جثة هامدة وسط بركة من الدماء اسرعت إليه وهو ملقى على الأرض، منظر الدم استفزتني فأمسكت بمفاتيح السيارة من يده وأدرت محركها وقررت بسرعة مطاردة المتهمين والموتوسيكل.تابع “ظللت أطاردهما في شارع خضر التوني، وفوجئت بسائق الموتوسيكل وهو المتهم الذي ضبطه يحتمي بسيارة 128 واقفه على الرصيف لم اتردد لحظة في الاصطدام بها لألحق بهما، وفعلا الحمد الله صدمت السيارة وصدمت الموتوسيكل وسقط الجانبان على الأرض وبسرعت نزلت من السيارة.. ووقفت عليهما وفوجئت بالإرهابي الهارب يستل الرشاش ويطلق الرصاص في الهواء.وواصل السائق: جريت منه وظل يجري ورائي وظللت اجري في الجراجات والبوابات ولست أدرى إلى أين سأذهب لأحتمي من رصاصه حتى دخلت احدى العمارات وأنا اصرخ الحقوني الحقوني، طرقت باب بالطابق الأرضي وفتحت لي سيدة شابة وجدتني في حالة سيئة فأغلقت الباب في وجهي واضطررت الى الصعود للأدوار العليا، قررت في نفسي إن لم يفتح أحد ساحتمي بالسطح مهما كانت الظروف.. وشاء حظي أن اطرق باب السفير فوزي، رغم كبر سنه فتح الباب واعطيته بطاقتي واخبرته بما حدث فاخرج “طبنجته” ودعا السماء أن تحفظنا، وقال ربنا معانا وظل يتصل بشرطة النجدة حتى جاءت قوات الأمن ورجال الشرطة.أضاف السائق انه لم يتعرض في حياته لمثل هذه اللحظات، ما حدث أمامه يشبه فيلم عنف سينمائي.