إسرائيل غير قادرة على استهداف البرنامج النووي الإيراني!

إسرائيل غير قادرة على استهداف البرنامج النووي الإيراني!

بالنسبة لإسرائيل ورغبتها في القضاء على البرنامج النووي الإيراني، فإنها تتجاهل درسًا من حرب غزة: لا يمكنك القضاء على ما لا يمكنك العثور عليه!!.. لو فكرنا، في أنه وبعد أشهر من القتال في قطاع غزة الفلسطيني، فإن الجهد الإسرائيلي الضخم لم يكشف بعد عن جميع الأنفاق والمعاقل الأخرى، التي تعزل مقاتلي حماس والرهائن الإسرائيليين.. في مواجهة كوكب المشتري الجغرافي للشرق الأوسط، هل يمكن للقوات الجوية الإسرائيلية، القيام بعمل أفضل في العثور على المشروع النووي الإيراني والقضاء عليه بالكامل؟.. هل يمكنها منع إعادة البناء، مع الأخذ في الاعتبار، أن طهران أعادت تشكيل العناصر العسكرية الرئيسية، على الرغم من التخريب الإسرائيلي المتكرر؟.. في غياب قوة برية استكشافية كفؤة للعثور على جميع المواقع النووية المشتبه بها، والبحث عنها وتدميرها أو استخدام ترسانتها النووية، فإن إسرائيل الآن لا تمتلك القدرة على تدمير البرنامج النووي الإيراني، بالرغم من التهديد الإسرائيلي ـ الأمريكي بذلك!.. لنظرج سؤالًا مهمًا: كيف تستعد إيران للضربات الإسرائيلية أو الأمريكية؟.
تسعى إيران إلى تعزيز دفاعاتها الجوية، في الوقت الذي يستعد فيه الجيش لاحتمال توجيه ضربة إسرائيلية أو أمريكية للبنية الأساسية النووية لطهران، إذا انهارت مفاوضات واشنطن وطهران بشأن برنامج تخصيب اليورانيوم.. لقد تم تدمير أو إتلاف العديد من الصواريخ أرض ـ جو وأجهزة الرادار الإيرانية الأكثر تقدمًا ـ بما في ذلك أنظمة S-300 طويلة المدى روسية الصنع ـ بسبب الغارات الجوية الإسرائيلية في أكتوبر وأبريل 2024.. وقد أدى هذا، إلى جانب الضربات الإسرائيلية على وكلاء إيران، مثل حزب الله اللبناني والمتمردين الحوثيين في اليمن، إلى إدراك أن إيران أصبحت في أكثر حالاتها عرضة للهجوم الجوي منذ عقود.. ومع ذلك، يقول الخبراء إن العديد من عناصر الدفاعات الجوية الإيرانية، لا تزال سليمة أو يبدو أنها تم إصلاحها في الأشهر الأخيرة.. وتشير تقييمات الاستخبارات الغربية، وصور الأقمار الصناعية التي راجعها محللون دفاعيون، إلى أن إيران أعادت منذ ذلك الحين، نشر العديد من منصات إطلاق الصواريخ أرض ـ جو، بما في ذلك أنظمة S-300، بالقرب من المواقع النووية الرئيسية، مثل نطنز وفوردو.
لقد تم عرض بعض هذه المعدات علنًا في الأشهر الأخيرة، مع عرض للأسلحة ـ بما في ذلك قاذفة صواريخ S-300 وشاحنة رادار ـ في طهران، خلال احتفالات (يوم الجيش) الشهر الماضي.. وقد ظهر أيضًا نظام S-300، وهو يطلق صاروخًا أرض ـ جو خلال تدريبات عسكرية في فبراير، باستخدام رادار جديد من تصميم إيراني.. وربما لأن الرادار الأصلي كان معطلًا، وفقًا لنيكول جراجوسكي من مؤسسة كارنيجي في واشنطن، الذي قال، إن (إيران تريد بالتأكيد نفي الرواية التي تقول، إن دفاعاتها الجوية المتقدمة قد تم تدميرها)، خصوصًا وأن محمد باقري، رئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية، أعلن هذا الشهر استعداد إيران لشن هجوم، وقال (إننا نشهد تحسنًا ملحوظًا في قدرة وجاهزية الدفاع الجوي للبلاد)، معلنًا عن (زيادة الاستثمارات عدة مرات.. وأن أعداء الأمة الإيرانية يجب أن يفهموا، أن أي انتهاك للمجال الجوي لبلادنا، سيلحق بهم أضرارًا كبيرة).
ورغم أن المفاوضات مع واشنطن بشأن مستقبل البرنامج النووي الإيراني مستمرة، فقد هدد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب ـ الذي تخلى عن اتفاق نووي سابق مع إيران خلال ولايته الأولى ـ بمهاجمة الجمهورية الإسلامية إذا انهارت المحادثات.. وطالبت واشنطن إيران بوقف تخصيب اليورانيوم، وهو ما تقول إنه ضروري لمنع البلاد من امتلاك أسلحة نووية، في حين تصر طهران على أنها يجب أن تكون قادرة على مواصلة التخصيب للاستخدام المدني.. وقامت الولايات المتحدة، في أبريل الماضي، بنشر ست قاذفات من طراز B-52، وهو أكبر انتشار لهذه الطائرة على الإطلاق، في قاعدة دييجو جارسيا في المحيط الهندي، والتي من المتوقع أن تكون نقطة الانطلاق المحتملة لأي ضربات ضد إيران.
إسرائيل، التي أثبتت بالفعل قدرتها على ضرب الدفاعات الجوية الإيرانية، تضغط على الولايات المتحدة لدعم توجيه ضربات ضد إيران. بينما حذر خبراء، من احتمال شن إسرائيل هجومًا دون موافقة واشنطن، إذا رأت أن ترامب وافق على اتفاق ضعيف.. وقد استهدفت إسرائيل خلال ضرباتها العام الماضي، مواقع رادار وصواريخ بصواريخ باليستية، أُطلقت من مسافة بعيدة جدًا عن المدى الأقصى لنظام S-300، وهو مائتي كيلو متر.. وعُثر على معززات لهذه الصواريخ، من صنع شركة رافائيل الإسرائيلية، في الصحراء العراقية، على بُعد مئات الكيلو مترات.. ولا تزال فعالية هذه الهجمات موضع نقاش ساخن، خصوصًا وأن صور الأقمار الصناعية مفتوحة المصدر، أظهرت بعض الإصابات المباشرة، مثل تلك التي أصابت شاحنة رادار S-300 في قاعدة جوية قرب أصفهان بعد غارة أبريل 2024.. لكن الصور التي التُقطت بعد غارات أكتوبر، أظهرت أن العديد من مواقع S-300 فارغة، مما يجعل من غير الواضح، ما إذا كانت الصواريخ قد دُمرت أم نُقلت ببساطة، إذ قال سام لير، الباحث المشارك في مركز جيمس مارتن لدراسات منع الانتشار، (لا يوجد الكثير من الأدلة القاطعة).
ومع ذلك، تضررت إيران بشكل واضح.. وتشير تقديرات الاستخبارات الغربية، إلى أن طهران تعتقد أن دفاعاتها الجوية (أداءها دون المستوى) العام الماضي، واتخذت خطوات، مثل إعادة تمركز وتنويع منصات الإطلاق والرادارات، بعد أن كانت الدفاعات (مجزأة بطبيعتها).. ولكن الهجوم على المواقع النووية الإيرانية، الواقعة في مخابئ تحت الأرض محصنة ـ المنشأة في نطنز مبنية داخل جبل ـ سيكون أكثر تعقيدًا من أي شيء حاولت إسرائيل تنفيذه في العام الماضي.. وفي حالة مشاركة الولايات المتحدة، فمن المرجح أن تقوم قاذفات B-52 المتمركزة في دييجو جارسيا، بإسقاط قنابل ثقيلة من طراز جي بي يو-57، التي تزن كل منها ثلاثين ألف رطل مباشرة على الهدف، وذلك وفقًا لبحث نشرته في مارس، أكاديمية الخدمات المتحدة الملكية في لندن.. ولو تحركت إسرائيل بمفردها، فإن خياراتها سوف تكون محدودة للغاية، لأنها تفتقر إلى القاذفات الثقيلة، أو وسيلة لإيصال مثل هذه الذخائر الكبيرة.
من المرجح أن يستخدموا مقاتلات الشبح من طراز F-35، المسلحة بقنابل دقيقة من طراز بي إل يو-109، التي تزن ألفي رطل، أو قاذفات مقاتلة من طراز F-15 تحمل قنابل جي بي يو-28، تزن أربعة آلاف رطل، وكلاهما يتطلب ضربات متعددة على نفس الحفرة لاختراق الملاجئ المحصنة، بحسب المعهد الملكي للخدمات المتحدة.. هذا، قد يتطلب هذا طلعات جوية عديدة، ربما باستخدام ناقلات وقود جوًا، وهي في حد ذاتها قد تكون عرضة لصواريخ أرض ـ جو بعيدة المدى أو طائرات مُسيّرة.. ومنذ الصيف الماضي، ضربت إسرائيل أهدافًا في اليمن تسع مرات على الأقل، من مسافة تُقارب مسافة ضربة على إيران.
ستكون هذه الصواريخ أيضًا ضمن مدى منظومة صواريخ أرض ـ جو القصيرة والمتوسطة التي لا تزال قيد التشغيل، والطائرات المسيرة المضادة للطائرات التي تُحلّق فوق المنطقة، والتي عززت بها إيران دفاعاتها الجوية.. وسيكون من الصعب معرفة عدد هذه الصواريخ التي دُمرت قبل بدء حملة القصف المُنسّق.. وإلى جانب الأنظمة قصيرة المدى، مثل نظام تور-إم1 الروسي، تضم ترسانة إيران أيضًا صواريخ أرض ـ جو مُطوّرة محليًا، مثل صاروخ بافار-373 بعيد المدى، وصاروخ خرداد-15 متوسط ​​المدى.. وقد نشأت هذه البرامج التسلحية المحلية، نتيجةً للإحباط من بطء روسيا في تسليم الأسلحة ورفضها بيع أنظمة أكثر تطورًا، مثل نظام S-400، وفقًا لفابيان هينز، الباحث في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في المملكة المتحدة، الذي أكد أن (هذا الجهد من الجانب الإيراني، يهدف إلى تكرار قصة نجاح برنامج تطوير الصواريخ الباليستية الإيراني).
قال جون ألترمان، رئيس قسم الأمن العالمي والجيوستراتيجية في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن، إن التعامل مع مثل هذه الدفاعات لن يكون سهلًا على إسرائيل.. (ولكن هل هذا يتجاوز قدرات إسرائيل؟.. لا، بالطبع لا.. لقد دأب الإسرائيليون على التدرب على هذا السيناريو تحديدًا لعقود).. وكذلك فعلت إيران.. إن قمع الدفاعات الجوية الإيرانية، قبل قصف المواقع النووية سيستغرق ساعات أو حتى أيامًا، حيث تواجه أطقم الطائرات مشغلي الأسلحة السطحية، باستخدام المقاتلات والصواريخ المجنحة، مدعومة بطائرات تشويش إليكتروني وصواريخ مضادة للإشعاع لتدمير الرادار.. وهنا، يرى روبرت تولاست، الباحث في مركز الأبحاث البريطاني RUSI، أن (إسرائيل رسّخت هيمنة جوية شبه كاملة فوق إيران.. لكن ضربة كهذه، تتطلب موجاتٍ من الطائرات على مدار عدة ساعات، مما يعني إرهاق طاقم الطيارين.. فكلما طالت مدة بقائهم فوق إيران، زاد احتمال وقوع خطأ ما).
ويوضح ألترمان، إن الرادار الإيراني، المعرض للصواريخ الموجهة بالإشعاعات، والذي يضطر إلى إيقاف تشغيله للبقاء، قد يُعميه التشويش الإسرائيلي.. ومع ذلك، حتى لو تم إضعاف أو تدمير معظم الدفاعات الجوية الإيرانية المتطورة، فهناك أنظمة قد يحالفها الحظ، (إنها معركة جوية مكثفة للغاية، مع وجود فرصة كبيرة لأن يتم عرض طيار إسرائيلي أسيرًا على التلفزيون الإيراني)!!.. حتى صواريخ إيران الأقل تطورًا قد تنجح.. على سبيل المثال، أسقطت سوريا عام ٢٠١٨ طائرة F-16 إسرائيلية بصاروخ أرض ـ جو S-200، وهو نظام روسي دخل الخدمة أواخر الستينيات.. وتحطمت الطائرة شمال إسرائيل ونجا الطياران.
يوري ليامين، المتخصص في الدفاع الجوي، وأحد كبار الخبراء العالميين في أنظمة الدفاع الجوي الروسية، في مركز تحليل الاستراتيجيات والتقنيات في موسكو، يؤكد أن نجاح الهجوم الإسرائيلي على المواقع النووية الإيرانية، لن يكون محسومًا مسبقًا، (بينما يولي الجميع اهتمامًا لمنظومة S-300، تولي إيران أهمية كبيرة لإنشاء أنظمة الدفاع الجوي الأكثر قدرة على الحركة والحداثة، والتي يمكنها تغيير مواقعها بسرعة، والاختباء في الملاجئ، مما يجعلها أقل عرضة للهجمات بالصواريخ بعيدة المدى).. والنتيجة، (تعتمد على مدى تعاون المهاجمين معًا، مقارنةً بتعاون القوة الدفاعية.. الفريق الأفضل سيفوز).
حفظ الله مصر من كيد الكائدين.. آمين.