محمد الرز: إسرائيل والولايات المتحدة تهيئان الطريق لمبادرة “الشرق الأوسط الجديد” (حصري)

قال الكاتب الصحفي والمحلل السياسي اللبناني محمد الرز، إن معظم المواقف والمستجدات الإسرائيلية والأمريكية المشتركة التي تطرأ في هذه المرحلة، سواء في لبنان أو في أكثر من عاصمة عربية، تهدف إلى تمهيد الأرضية المناسبة لطرح مشروع “الشرق الأوسط المتجدد”، المرتكز على المخطط الذي أفصح عنه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والقائم على جعل إسرائيل “دولة عظمى” في المنطقة. وأضاف الرز، لـ”الدستور”، أنه إذا توقفنا عند ما يحصل في لبنان، فإننا نجد أن إسرائيل اخترقت اتفاق وقف إطلاق النار المبرم في نوفمبر الماضي أكثر من ثلاثة آلاف مرة، مقابل صفر خرق من الجانب اللبناني، مشيرًا إلى أن الاتفاق نصّ على سحب سلاح “حزب الله” جنوب نهر الليطاني، لكن سرعان ما توسعت المطالبات لتشمل شمال النهر، ثم كل الأراضي اللبنانية.
انسحاب إسرائيل من الحدود اللبنانية
وأوضح أن الرئيس اللبناني جوزف عون، عندما فُوتح بهذا الأمر، اشترط لتنفيذه انسحاب إسرائيل من المواقع الخمسة المحتلة على حدود لبنان مع فلسطين، ووقف أي خرق لاتفاق وقف النار، واستعادة الأسرى اللبنانيين لدى إسرائيل، إلا أن إسرائيل ومن خلفها الولايات المتحدة، ومعهما بعض المراكز الإعلامية، شنوا حربًا نفسية على الرئيس عون، فتارةً اتهموه بتأخير نزع سلاح حزب الله، وتارةً هاجموه بسبب رفضه للخروقات الإسرائيلية وكشفه لمزاعمها، وأخيرًا هددوا بوقف التمديد لقوات الطوارئ الدولية “اليونيفيل”، بدعوى أن الجيش اللبناني يمكنه الحلول مكانها، رغم أنهم سبق واتهموه بالعجز.وأضاف أن الهدف الحقيقي من هذه الخطوة هو خلق حالة صدام بين الجيش وأبناء الجنوب اللبناني، فضلًا عن إزالة الشاهد الدولي على العدوانية الإسرائيلية.وكشف الرز أن الرئيس اللبناني تلقى عروضًا متعددة من مبعوثين أميركيين، بعضها طالبه بأن يحذو حذو الإدارة الجديدة في سوريا ويعطي ضوءًا أخضر للتطبيع مع إسرائيل، وبعضها الآخر دعاه للانضمام إلى محور يطالب بإلغاء جامعة الدول العربية وإنشاء جامعة شرق أوسطية بديلًا عنها، وهو مشروع سبق وطرحه شيمون بيريز في بداية الألفية الثانية، إلى جانب عرض ثالث بتوطين أكثر من 500 ألف لاجئ فلسطيني في لبنان.
رفض توطين الفلسطينيين في لبنان
وتابع الرز موضحًا أن الرئيس عون رفض هذه العروض، بعضها بشكل صادم للمبعوثين الأميركيين، حيث رفض التطبيع المنفرد مع إسرائيل، وأكد أن الموقف اللبناني لا ينفصل عن مبادرة السلام العربية وحل الدولتين. كما أعلن تمسكه بجامعة الدول العربية كإطار راعٍ للعمل العربي المشترك، مشيرًا إلى ضرورة تعزيز هذا الدور، وهو ما ورد في تصريحه الأخير عقب زيارته إلى الأردن. ولفت إلى أن عون أعلن مرارًا رفضه الكامل لتوطين الفلسطينيين في لبنان.وأكد الرز، أنه في ظل هذه المواقف والثوابت الوطنية، صعّدت إسرائيل من اعتداءاتها على لبنان، كما جرى عشية عيد الأضحى، ويُحتمل أن تتصاعد في المرحلة المقبلة، بينما أوعزت الولايات المتحدة لجهات معنية بعدم تقديم مساعدات للبنان أو المساهمة في إعادة الإعمار إلا إذا قبِل الرئيس عون بالعروض المطروحة عليه. وختم الرز تصريحه بالإشارة إلى ما قاله الدبلوماسي الأميركي السابق ديفيد هيل خلال زيارته إلى بيروت، حيث أكد أن “خلاص لبنان من أزماته الاقتصادية وتقدّمه نحو الازدهار يمرّ عبر خلق بيئة مؤاتية، تتلخص بالسلام مع إسرائيل”، وهو ما يوضح، حسب الرز، أن التحضيرات لمشروع “الشرق الأوسط المتجدد” بدأت بالفعل، رغم فشله سابقًا، متسائلًا: “هل سينجح المشروع هذه المرة؟”.