غزيون يتحدثون عن أوضاع القطاع خلال العيد: القصف مستمر دون توقف.. أوامر الإخلاء متزايدة.. والأطفال يعانون من المجاعة.

غزيون يتحدثون عن أوضاع القطاع خلال العيد: القصف مستمر دون توقف.. أوامر الإخلاء متزايدة.. والأطفال يعانون من المجاعة.

يواجه أهالى قطاع غزة وضعًا مأساويًا نتيجة للحصار المشدد الذى تفرضه قوات الاحتلال الإسرائيلى منذ أشهر طويلة، حيث يتم منع دخول المساعدات الإغاثية والغذائية، ما أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية، خاصة بعد اعتراض سفينة المساعدات «مادلين».وأسفر الحصار عن تفشى الجوع وانتشار أمراض سوء التغذية، فى ظل ارتفاع أسعار السلع بسبب جشع بعض التجار، وسرقة الموارد من قبل المسلحين المتعاونين مع الاحتلال. وقال صابر الزعانين، أحد سكان بيت حانون شمال غزة، إن الناس تكافح يوميًا للبقاء على قيد الحياة وسط الظروف القاسية، مشيرًا إلى أن الأهالى يحرمون للعام الثانى على التوالى من فرحة العيد بسبب العدوان المستمر.وأضاف «الزعانين» أن وضع غزة يفطر القلوب، فبينما يحتفل المسلمون حول العالم بعيد الأضحى ويؤدون مناسك الحج، يعيش سكان القطاع تحت وطأة الجوع والقصف، متسائلًا عمّا سيقوله المسلمون لله عز وجل حين يسألهم عن دعمهم لإخوانهم فى غزة، مؤكدًا أن الألم يعتصر القلوب لحال أهل القطاع.وبين أنه لم يتمكن السكان من الاحتفال بأى من المناسبات الدينية منذ عامين، سواء فى رمضان أو فى العيدين، فهم يعيشون تحت القصف الجوى والبرى والبحرى، ويكافحون للبقاء أحياء فى ظل نقص شديد فى المياه والطعام. وقال إنه على الرغم من الظروف الصعبة، يحاول أهالى غزة إظهار فرحة العيد من خلال الزيارات الاجتماعية، لكن هذه تبقى محفوفة بالمخاطر، كما يسعى الأهالى إلى إدخال الفرحة لقلوب الأطفال قدر المستطاع، إلا أن واقعهم قد تغير منذ المجازر التى وقعت فى أكتوبر ٢٠٢٣.واختتم حديثه مؤكدًا أن العيد الحقيقى لأهالى غزة سيكون يوم نجاتهم من هذه الإبادة الجماعية، ويوم تحقيق الحرية والعودة إلى ديارهم، حيث لا تقاس الفرحة بملابس العيد أو الحلوى، وإنما بالخلاص من القهر والمعاناة.فى السياق، يصف زكريا بكر، أحد سكان مخيم الشاطئ، الوضع الراهن بأنه فى غاية الصعوبة، ليس فقط بسبب القصف المستمر على مدار الساعة، بل على مدار الدقيقة. وقال إن سكان القطاع اعتادوا القصف، لكن التحدى الأكبر الآن هو المجاعة وانتشار أعمال السلب والنهب، حيث أصبحت المواد الغذائية نادرة جدًا، وإن وجدت فإن أسعارها مرتفعة بشكل خيالى.وأشار إلى أن أخبار المجازر لم تعد تحظى بالاهتمام المطلوب، وأصبحت تتداول فى وسائل الإعلام وكأنها أحداث عادية، قائلًا: «اليوم مثلًا قصفوا منزلًا بالقرب من مستشفى الشفاء، ما أدى إلى استشهاد جميع من بداخله، بالإضافة إلى وقوع عدد كبير من الإصابات فى البيوت المجاورة، ومع ذلك يتم التعامل مع الخبر وكأنه مجرد خبر اعتيادى، رغم أنه يمثل مجزرة حقيقية راح ضحيتها أسرة بأكملها».وأضاف أن العيد لم يأتِ إلى غزة هذا العام، حيث منعه القصف المستمر ومجازر الاحتلال، إلى جانب التحذيرات والمطالبات المتكررة بالإخلاء، كما حدث فى المناطق الشمالية مثل بيت حانون وبيت لاهيا وجباليا والكرامة، ما أدى إلى نزوح معظم السكان نحو مدينة غزة بحثًا عن الأمان، رغم أن الظروف فى مناطق النزوح لا تقل قسوة.فيما تصف الدكتورة افتتان كساب، النازحة فى خان يونس، الأوضاع الحالية فى غزة بأنها مأساوية إلى حد يفطر القلوب، مشيرة إلى أن الإبادة الجماعية طالت عائلات بأكملها، حيث يتم محوها من السجل المدنى، ولم يعد الحديث يدور حول شهيد أو اثنين، بل عن أسر تباد بالكامل فى المجازر المتكررة. وقالت إن موجات النزوح غير مسبوقة منذ بداية الحرب، إذ يفر الناس بحثًا عن النجاة أو الطعام، ما أدى إلى تكدس النازحين فى منطقة المواصى على البحر بنسبة ٨٠٪ من سكان مدن غزة، فيما يبقى البعض فى منازلهم مرغمين بسبب عجزهم المادى عن النزوح، ليجدوا أنفسهم تحت القصف مع أسرهم.وتابعت أن المعاناة تتجاوز القصف والمجازر، إذ يتعرض الشعب الفلسطينى للذل والإهانة خلال توزيع الغذاء، حيث تقوم قوات الاحتلال، بمساندة القوات الأمريكية التى دخلت غزة، بتوزيع المواد الإغاثية لفئات محددة، فى حين يطلق الرصاص والقنابل على الحشود التى تتوافد من كل أنحاء القطاع بحثًا عن الطعام. وأوضحت أن نقص المواد الغذائية وصل إلى مستويات كارثية، إذ لا يتوافر الدقيق، وإن وجد فإنه يباع بأسعار فلكية تجعل شراء كميات صغيرة منه أمرًا مستحيلًا بالنسبة للعائلات.ودعت المجتمع الدولى ومؤسسات حقوق الإنسان والمحاكم الدولية إلى التدخل العاجل لوقف المجازر، وحماية ما تبقى من الشعب الفلسطينى، الذى يدفع ثمنًا باهظًا نتيجة لتقاعس الأمة العربية عن الدفاع عن مقدساتها، التى لا تخص الفلسطينيين وحدهم، بل هى ملك لجميع العرب. كما وجهت نداءً إلى الولايات المتحدة، التى تعتبر نفسها القوة الكبرى عالميًا، مطالبة إياها بممارسة إنسانيتها. وإنهاء الحرب التى أودت بحياة ٢٠ ألف طفل، وتركت عشرات الآلاف مبتورى الأطراف، داعية إياها لتحمل مسئولياتها، والاضطلاع بدور جاد فى تحقيق السلام.واختتمت تصريحاتها بكلمات تحمل الرجاء والأمل، متمنية أن تغمر الرحمة الجميع فى هذه الأيام المباركة، وأن يعود أهالى غزة إلى حياتهم بسلام، متعافين من آثار الحرب، محتسبين صبرهم لله، على أمل أن يرفع عنهم هذا البلاء الجاثم على حياتهم.بدورها، تصف «أم روحى الشريف»، وهى أم لأربعة أطفال من مواصى خان يونس، الأوضاع الحالية بأنها فى غاية الصعوبة، حيث يعانى السكان من ارتفاع غير مسبوق فى الأسعار، وشح شديد فى المواد الغذائية. وأشارت إلى أن التكيات، وهى أماكن توزيع المساعدات المجانية، أغلقت تمامًا فى منطقتها، ما أجبرها وأطفالها على الاكتفاء بوجبة واحدة يوميًا، وهى العدس. من جانبها، عبّرت الدكتورة راوية حلس، أستاذة بجامعة غزة ومسئولة عن أحد مراكز الإيواء فى خان يونس، عن أسفها لما آل إليه الوضع، مشيرة إلى التحولات الجذرية التى طرأت على حياة الفلسطينيين فى غزة. وقالت إنها بعد أن كانت تمتلك منزلًا فخمًا وتعيش حياة مستقرة، تجد نفسها الآن تحت الشمس والمطر، فى خيام وسط القصف والموت، ولم يعد فى الذكريات سوى صور الشهداء والدماء.وأضافت أنها اضطرت منذ الصباح للبحث عن كيلو طحين لصنع الخبز، لكن دون جدوى، مشيرة إلى أن أسعار المواد الأساسية باتت خارجة عن السيطرة، إذ وصل سعر كيلو السكر إلى ٧٥ دولارًا، فيما يباع الطحين بـ٣٠ دولارًا إن وجد، فى ظل انعدام تام للحوم والبيض والحليب والدواجن.وأضافت أن نقص الغذاء يؤدى إلى حالات من الإغماء المتكرر، خاصة بين الأطفال، الذين يبكون من شدة الجوع، وهو مشهد لم يكن يخطر فى البال قبل سنوات، حينما كانت العائلات تشترى المواد الغذائية بالكميات الكبيرة دون الحاجة إلى القلق بشأن توافرها.واختتمت حديثها بالإشارة إلى أن حتى الفواكه أصبحت من الكماليات غير المتاحة، حيث وصل سعر البطيخة إلى ٥٠ دولارًا أو أكثر فى بعض الأحيان، ما يعكس عمق الأزمة الإنسانية التى يعيشها سكان غزة يوميًا، وسط غياب أى حلول تلوح فى الأفق.