مستقبل جديد للمنطقة!

فى نسخته الثانية والعشرين ركز «منتدى أوسلو للسلام» على الوساطة والدبلوماسية باعتبارهما أداتين رائدتين لتحقيق الاستقرار، وتسوية النزاعات الدولية، فى عالم يتسم بديناميكية سياسية تتغير باستمرار. ومع مشاركته، صباح أمس الأربعاء، فى الجلسة الافتتاحية للمنتدى، شارك الدكتور بدر عبدالعاطى، وزير الخارجية، مع عدد من نظرائه، فى جلسة حوارية عنوانها «مستقبل مختلف للشرق الأوسط»، تناولت سبل إنهاء الحرب الإسرائيلية الوحشية على قطاع غزة وتحقيق التهدئة ودعم الاستقرار فى المنطقة. المنتدى، الذى تنظمه وزارة الخارجية النرويجية بالتعاون مع مركز الحوار الإنسانى السويسرى، سنويًا، منذ سنة ٢٠٠٣، فقد أهميته، أو قدرًا كبيرًا منها، خلال السنوات الثلاث الماضية، بسبب ما شهده العالم من حروب وصراعات، وتحالفات جديدة، ومنافسات بين القوى العظمى. وربما تكون الفائدة الوحيدة للمشاركين فيه، هى تلك اللقاءات، التى يعقدونها مع نظرائهم، لتعزيز العلاقات الثنائية بين بلادهم، وتبادل وجهات النظر حيال القضايا محل الاهتمام المشترك. ولن نختلف، لو اتفقت مع إسبن بارث إيدى، وزير خارجية النرويج، فى أن «مساحات مثل منتدى أوسلو ليست مفيدة فحسب، بل هى ضرورية، فى عصر التوترات المتزايدة، والتحالفات المتصدعة، وضعف احترام القانون الدولى».المهم، هو أن وزير خارجيتنا، استعرض خلال مشاركته فى الجلسة الحوارية، وفى جلسات المنتدى إجمالًا، ثوابت السياسة الخارجية المصرية وأكد التزامنا بمبدأ الاتزان الاستراتيجى، فى التعامل مع التحديات الجيوسياسية، التى تواجهها فى محيطها الإقليمى، وبعد أن أوضح موقف مصر من التطورات فى قطاع غزة، وليبيا، والسودان، وسوريا، ولبنان، ومنطقة البحر الأحمر، وغيرها، أكد أن كل التحركات المصرية تهدف إلى تحقيق الأمن والاستقرار والسلام والرخاء والتنمية لجميع شعوب المنطقة والعالم.فى هذا السياق، استعرض وزير الخارجية جهود مصر لوقف إراقة الدماء فى قطاع غزة، والمساعى الجادة التى تقوم بها للتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، إضافة إلى إنفاذ المساعدات الإنسانية، بسرعة، ودون عوائق، مشددًا على أن عرقلة إسرائيل للمساعدات الإنسانية إلى غزة تعد انتهاكًا جسيمًا للقانون الدولى الإنسانى. كما تطرق إلى الأوضاع فى الضفة الغربية والقدس الشرقية، مشيرًا إلى ما يواجهه الفلسطينيون من بيئة معادية بسبب سياسات وممارسات إسرائيلية تقييدية وتمييزية، زادت منذ أكتوبر ٢٠٢٣، مثل التوغلات العسكرية وهدم المنازل والإخلاء والأنشطة الاستيطانية وعنف المستوطنين. أشار وزير الخارجية، كذلك، إلى الإجماع الدولى على ضرورة تطبيق حل الدولتين، ودعا المجتمع الدولى إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية لتعزيز السلام والعدالة والاستقرار فى المنطقة، وجدّد التزام مصر الراسخ بإنهاء الحرب والكارثة الإنسانية فى قطاع غزة، وتسهيل إنفاذ المساعدات الإنسانية دون عوائق. وأدان الدكتور عبدالعاطى ما يتعرض له القطاع من دمار واسع النطاق فى مسعى متعمد لتقييد خيارات سكانه وتهجيرهم، وتوسيع احتلال إسرائيل للأراضى الفلسطينية. ولدى تناوله خطة إعادة إعمار غزة، دون تهجير أهلها، التى اعتمدتها القمة العربية الاستثنائية، التى استضافتها القاهرة فى ٤ مارس الماضى، أشار إلى ما حظيت به هذه الخطة من دعم واسع على المستويات العربية والإسلامية والدولية، منوهًا باعتزام مصر عقد مؤتمر دولى للإنعاش المبكر وإعادة إعمار القطاع فور وقف الأعمال العدائية… وتبقى الإشارة إلى أن وزير خارجيتنا التقى على هامش مشاركته فى المنتدى، نظيريه الإيرانى والعمانى، معربًا عن دعم مصر المسار التفاوضى بين الولايات المتحدة وإيران فيما يتعلق بالبرنامج النووى الإيرانى. كما أشاد خلال لقائه نظيره السعودى بالعلاقات الوطيدة والروابط الأخوية والتاريخية، التى تربط البلدين الشقيقين، وثمّن التطورات السريعة التى تشهدها، معربًا عن تطلعه إلى دفع وتيرة التعاون الثنائى، تنفيذًا لتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى والملك سلمان بن عبدالعزيز وولى عهده، بتعميق العلاقات بين البلدين والاستمرار فى تطويرها، والتنسيق المستمر بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك. وخلال هذين اللقاءين، وغيرهما، تم تناول الخطوات المقبلة لدعم الشعب الفلسطينى الشقيق، وعلى رأسها التحضيرات الجارية لمؤتمر حل الدولتين، الذى سينعقد بمقر الأمم المتحدة فى نيويورك، خلال الشهر الجارى.