تنبيهات علمية: ارتفاع درجات حرارة المحيطات إلى مستويات قياسية وزيادة مستويات ثاني أكسيد الكربون

تنبيهات علمية: ارتفاع درجات حرارة المحيطات إلى مستويات قياسية وزيادة مستويات ثاني أكسيد الكربون

 بلغت درجات حرارة سطح المحيطات والبحار ثاني أعلى مستوى قياسي لها في مايو الماضي، لتختتم بذلك عامين متتالين “مثيرين للقلق” بشأن ارتفاع درجات الحرارة المتسارع، الأمر الذي أثار المخاوف حول قدرة البحار على امتصاص المستويات المتصاعدة من ثاني أكسيد الكربون.
ونقلت صحيفة “فاينانشيال تايمز” عن “مرصد كوبرنيكوس لخدمات مراقبة الأرض”، التابع للاتحاد الأوروبي، قوله إن المتوسط العالمي لحرارة سطح البحار سجل في مايو 20.79 درجة مئوية، بما يقل بنحو 0.14 درجة مئوية، عن الرقم القياسي المسجل في الشهر ذاته للعام الماضي 2024.
جاءت تلك النتائج في أعقاب تحذيرات من “الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي” في الولايات المتحدة التي صدرت في الأيام الأخيرة أن تركيزات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي تجاوزت ذروة مستوياتها الموسمية المسجلة منذ بدء عمليات القياس قبل عشرات السنين. 
كان مستوى ثاني أكسيد في الغلاف الجوي بلغ ذروته عالميًا ليصل إلى 426 جزءًا لكل مليون (بي بي إم) في مارس، بزيادة قدرها 423 جزءًا لكل مليون قبل عام، وتجاوز المستوى القياسي 340 بي بي إم، المسجل بواسطة مرصد “ماونا لاو” في هاواي. وقد ارتفعت تركيزات غاز الدفيئة من مستوى 300 بي بي إم على مدار السنوات الـ60 الماضية.
يقدر علماء أن المحيط امتص ما بين ربع وما يقرب من ثلث الانبعاثات من ثاني أكسيد الكربون المنطلقة إلى الغلاف الجوي، وما يقرب من 90 في المائة من الحرارة الزائدة، وهو ما أبقى مستويات الحرارة على اليابسة أكثر برودة. 
لكن العالم مايكل ميريديث، في “مركز المسح البريطاني للقطب الجنوبي”، حذر من تصاعد القلق من أن المحيط “ربما يفقد بعض قدرته على تكوين منطقة عازلة لحمايتنا من موجات أكثر تطرفًا للتغير المناخي.”، من خلال امتصاص معدلات أقل من درجات الحرارة أو الكربون مقارنة بالسابق.”

مستويات الاحترار في المحيطات

ولفت إلى “أننا نشهد زيادات أقوى وأقوى لمستويات الاحترار في المحيطات- موجات الحرارة البحرية- والتي تدفعنا إلى تخطي المعدلات القياسية بمستوى ينذر بالخطر.”
ويؤكد كبير العلماء في “مرصد كوبرنيكوس”، جولين نيكولاس، أنه بينما كانت الحرارة البحرية في 2023- 2024 “مدفوعة جزئيًا” بسبب “النينو”، ظاهرة الاحترار الطبيعية التي تحدث عبر منطقة الباسيفيك، فإن الواقع يعكس أن درجات حرارة البحار واصلت ارتفاعها عند مستويات عالية للغايةـ “ما يبرز اتجاه احترار طويل الأمد.”
وتابع نيكولاس قائلًا “أنه في ظل ارتفاع درجات حرارة سطح البحر، فإن قدرة المحيط على امتصاص الكربون تتناقص، بما يثير احتمالات تسارع تكوين غازات الدفيئة في الغلاف الجوي وتكثيف موجات الاحترار المناخي المستقبلية.” 
وفي الوقت الذي بلغ فيه متوسط حرارة سطح البحر أقل من ذروة عام 2023 في أواخر مايو وأوائل يونيو، فإن هناك مستويات قياسية لازالت تتحقق في بعض الأماكن في المحيط. 
ففي شمال المحيط الأطلنطي، على سواحل المملكة المتحدة وأيرلندا، تطورت موجات الحرارة البحرية في مايو لتتجاوز ذروتها السابقة. كما أن معظم مناطق البحر الأبيض المتوسط كانت أكثر دفئًا من المتوسط خلال شهر مارس، وفق مرصد كوبرنيكوس”.
وكشفت دراسة، نشرتها مجلة “نيتشر” العلمية في هذا الشهر، أن الحرارة الشديدة في شمال الأطلنطي، خلال صيف 2023، كانت مدفوعة بتبادل الحرارة ما بين المحيط والغلاف الجوي، بخلاف الحرارة المتنقلة بين المحيط. ويرجح الباحثون أن تزداد مثل تلك الموجات الحرارية سوءًا.
يقول أحد معدي الدراسة والبروفيسور في “مركز ساينشيا” بجامعة “نيو ساوث ويلز”، العالم ماثيو إنجلاند، إن درجة حرارة سطح البحر كانت فعليًا أزيد بحوالي 4 درجات مئوية في بعض المناطق حول المملكة المتحدة وأيرلندا. وهذا يظهر أن “الاحترار العالمي يواصل تطوره أمام أعيننا.”
وخلال “مؤتمر المحيط” برعاية للأمم المتحدة الذي عقد في فرنسا هذا الأسبوع، أقر 50 دولة مشاركة، من بينها كتلة الاتحاد الأوروبي، معاهدة البحار العليا- وتتطلب الاتفاقية موافقة 60 دولة لدخولها حيز التنفيذ. كان أكثر من 30 دولة قد وافق بالفعل على هدف عام 2022، لحماية 30 في المائة من محيطات العالم بحلول عام 2030.
وفي آخر تحديث لتقاريره الشهرية، قال “مرصد كوبرنيكوس” إن درجات حرار سطح البحار ظلت مرتفعة في الشهر الماضي، لتصل إلى ثاني أعلى درجة حرارة قياسية مسجلة. كما أن أغلب مناطق أمريكا الشمالية، والقرن الأفريقي، ووسط آسيا، وشمال ووسط أوروبا، علاوة على المناطق الجنوبية من روسيا، وأوكرانيا، وتركيا، كانت جميعها أكثر جفافًا من المعتاد خلال شهر مايو الماضي. وعلى النقيض، كان الوضع أكثر رطوبة في معظم المناطق الجنوبية لأوروبا، وشرقي الولايات المتحدة، وجنوبي غرب أفريقيا، شرقي وشمال غرب أستراليا.