ملوك المتحف | رمسيس الثاني: رمز مصر في القاعة الكبرى

رمسيس الثاني، الملك المصري الأشهر في الدولة الحديثة، الذي ملأ الدنيا وشغل الناس شرقا وغربا. أثار ــ ولا يزال ــ الجدل والنقاش والمئات من الأبحاث والدراسات العلمية والتاريخية.
عن الحفيدة التي لوحت لجدها رمسيس الثاني بعلم مصر
يتصدر الملك رمسيس الثاني بهو المتحف المصري الكبير ــ معجزة مصر المعمارية الأحدث ــ يقف بشموخ مستقبلا أحفاده المصريين وزائريه من أطرف الدنيا الأربع، ممن شدوا الرحال ويمموا وجوههم شطر كعبته التي صمم بناؤها عقب نقله من ميدان رمسيس، في موكب مهيب قال عنه الباحث الآثاري د. شريف شعبان في حديث سابق للدستور: “أما داخل المتحف فيقف الملك العظيم رمسيس الثاني ليستقبل زواره وهو واقف على قاعدة تتوسط بحيرة صناعية صغيرة، ذلك التمثال المهيب الذي تم نقله من ميدان باب الحديد عام 2006. وأتذكر أنني رافقت موكب نقل التمثال عندما كنت أثريًا صغيرًا مفعمًا بالحيوية، وسرت ضمن الموكب على قدماي من الساعة 10 ليلًا وحتى الثامنة صباحًا حتى مكان إقامة المتحف بميدان الرماية، وأتذكر صيحات الأهالي وهم يودعون رمسيس ويحيونه، خاصة تلك المرأة التي خرجت من شباكها تلوح له رافعة علم مصر.”
رمسيس الثاني.. أعظم محاربي مصر
امتد حكم رمسيس الثاني لمدة 67 عاما، خلف والده سيتي الأول في حكم مصر، وإن كان الدكتور سليم حسن يذهب فب موسوعته عن مصر القديمة إلي أن رمسيس الثاني قد شارك والده الحكم.ورغم أن رمسيس الثاني قد أنشأ الصروح العملاقة التي ما زالت شاهدة علي عظمة العمارة والبنيان في عصره (معبد أبي سمبل والمكرس لعبادته الجنائزية، فضلا عن تأسيسه لعاصمة دولته الجديدة في الدلتا باسم “بر رمسيس”، إلا أن شهرة رمسيس الثاني تنبع من كونه صاحب أول معركة حربية مسجلة في التاريخ البشري كله، ألا وهي “معركة قادش”، التي خاضها في السنة الخامسة لحكمه، وانتصر خلالها علي الحيثيين في مملكة أخيتا بآسيا، وتوج انتصاره بالمعاهدة الشهيرة كأول معاهدة سلام مكتوبة وموثقة في التاريخ، والتي سجلت علي ألواح فضية.وجاء في نص ملحمة قادش ــ بحسب موسوعة مصر القديمة ــ التي سجلت وقائع تفاصيل انتصار جدنا الكبير رمسيس الثاني، راصدة لجسارة وشجاعة “ابن الشمس محبوب آمون”: “عظيم الانتصارات على كل البلاد الأجنبية، ومن لا يعرف أحد كيف يأخذه لينازله، وإنه جدار قوي يحمي جنوده ودرعهم في يوم القتال، ولا مثيل له في الرماية، وقوته تفوق مئات الألوف مجتمعين، وهو الزاحف في المقدمة موغلًا في الجموع وقلبه مفعم بالشجاعة، قوي حين ينازل القرن كالنار عندما تلتهم؛ ثابت القلب كالثور المتأهب لساحة القتال لا يجهله أحد في الأرض قاطبة، ومن لا يقدر ألف رجل أن يثبت أمامه، ومن يتخاذل مئات الألوف عند رؤيته، وهو رب الخوف، وذو الزئير الهائل الذي يدوي في قلوب البلاد كلها، عظيم الرهبة التي يبعثها في قلوب الأجانب الخاسئين، وكالأسد الهصور في وادي البهم، ومن يغزو مظفرًا، ويعود منتصرًا أمام الناس من غير مفاخرة، تدابيره ممتازة، ونصيحته حسنة، سديد في جوابه، حامٍ مشاته يوم النزال.”
رمسيس الثاني رجل السلام القوي
عاش رمسيس الثاني ـ بحسب د. سليم حسن ـ بعد عقد هذه المعاهدة مع ملك «خيتا» ما يربى على ست وأربعين سنة، كان السلام في أثنائها بين البلدين تامًّا لم يعكر صفوه أي حادث أليم.هذا إلى أنه لم تجسر دولة أسيوية على منازلة «رمسيس الثاني» بعد إبرام معاهدته مع «خيتا» القوية السلطان، العزيزة الجانب، والواقع أن «رمسيس الثاني» كان يعد إبرام هذه المعاهدة من جانبه بمثابة نصر لمصر، ولذلك كان دائمًا يشير بعد إبرامها في نقوشه إلى أنه قاهر بلاد «خيتا»، كما نشاهد ذلك حتى في القصيدة التي نقشها على جدران معبده وعلى جدران معبد أبو سمبل.