استقرار إفريقيا في العاصمة النرويجية أوسلو

فعاليات النسخة الثانية والعشرين من «منتدى أوسلو»، انتهت أمس الخميس، بعد أن استعرض وزير خارجيتنا، كما أشرنا أمس، ثوابت السياسة الخارجية المصرية، وناقش مع صناع القرار والفاعلين من أجل السلام، على مدار يومين، عددًا من أكثر القضايا الدولية إلحاحًا فى الوقت الراهن، وأكد التزام مصر بمبدأ الاتزان الاستراتيجى فى التعامل مع التحديات الجيوسياسية التى تواجهها فى محيطها الإقليمى.مع الجلسة الحوارية، التى حملت عنوان «مستقبل مختلف للشرق الأوسط»، تناول المنتدى، مساء أمس الأول الأربعاء، فى جلسة لا تقل أهمية، سبل تحقيق الأمن والاستقرار فى قارة إفريقيا، وخلالها استعرض الدكتور بدر عبدالعاطى، وزير الخارجية، الدور المصرى المحورى فى هذا الملف، مشددًا على دعم مصر المستمر لتعزيز دور الاتحاد الإفريقى، كمظلة جامعة لقيادة جهود السلام والتنمية فى دول القارة. كما ناقش التحديات المتشابكة التى تواجه الدول الشقيقة، مؤكدًا أن التعامل مع هذه التحديات يجب أن يكون من خلال نهج شامل يدمج البُعد التنموى والاجتماعى والاقتصادى لتحقيق السلام المستدام.أشار وزير خارجيتنا، كذلك، إلى الإمكانات الكبيرة التى تزخر بها القارة السمراء، وفى مقدمتها الطاقات البشرية الشابة، والفرص الواعدة فى مجالات الاستثمار والبنية التحتية، داعيًا إلى استثمار هذه المقومات لبناء مستقبل أكثر ازدهارًا وتكاملًا بين دول القارة. وفى ختام كلمته، أكد الدكتور عبدالعاطى أن إفريقيا لا تحتاج فقط إلى حلول آنية، بل إلى رؤية بعيدة المدى، ترتكز على التنمية الشاملة والمستدامة، والملكية الإفريقية للحلول، وتعزيز الشراكات الدولية العادلة، التى تحترم أولويات القارة وخصوصياتها.المعنى نفسه تقريبًا أكده وزير الخارجية خلال لقائه أنيت فيبر، مبعوثة الاتحاد الأوروبى للقرن الإفريقى، التى أعربت عن تقديرها الكبير للدور المصرى الفاعل والمحورى فى دعم استقرار هذه المنطقة، والقارة الإفريقية إجمالًا، مشددة على تطلع الاتحاد الأوروبى إلى مواصلة التشاور والتنسيق مع مصر فى هذا الشأن. وفى هذا السياق، أشار الدكتور عبدالعاطى إلى ضرورة الحفاظ على استقرار الممرات الملاحية الدولية، وتعزيز التعاون الإقليمى بين الدول المشاطئة للبحر الأحمر، للحفاظ على أمنه، وتأمين حرية الملاحة فيه، خاصة فى ظل التحديات المتزايدة التى تواجهها المنطقة.هنا، قد تكون الإشارة مهمة إلى مصر التى أطلقت وقادت مبادرات عديدة لتحقيق الاستقرار فى القارة السمراء وأطلقت «خارطة طريق القاهرة لتعزيز أداء عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة»، التى أصبحت الموقف الإفريقى الموحد، منذ سنة ٢٠٢٠. ودعمت إصلاح وتطوير وتعزيز عمليات حفظ السلام، إلى جانب دورها المحورى فى دعم جهود إعادة الإعمار والتنمية فى مرحلة ما بعد النزاعات، ومعالجة الجذور العميقة للصراعات وتعزيز الاستقرار طويل الأمد، وبناء مؤسسات وطنية قوية قادرة على الصمود. كما قامت بتطوير مقاربة إفريقية استراتيجية شاملة ومتماسكة لمنع النزاعات وبناء واستدامة السلام، أقرها القادة الأفارقة، فى فبراير ٢٠٢٤، خلال القمة الإفريقية السابعة والثلاثين.المهم، هو أن وزير الخارجية اطّلع على تقييم المبعوثة الأوروبية لمستجدات الأزمة السودانية، وشدّد على ضرورة حقن دماء السودانيين وتخفيف معاناتهم والحفاظ على مقدرات الدولة الشقيقة ووحدتها ومؤسساتها الوطنية، مؤكدًا حرص مصر على المشاركة فى مسارات الوساطة، واستعرض جهودها المختلفة التى تهدف إلى تسوية الأزمة فى أسرع وقت. كما ناقش الجانبان تطورات الانتقال من بعثة «أتميس» إلى بعثة الاتحاد الإفريقى لدعم تحقيق الاستقرار فى الصومال، AUSSOM، وأهمية توفير التمويل اللازم والمستدام لها، ومشاركة مصر بقوات فى البعثة انطلاقًا من حرصها على تحقيق الاستقرار فى الدولة الشقيقة… أخيرًا، وفى ظل الاهتمام الذى توليه مملكة النرويج بالقارة الإفريقية وإصدارها استراتيجية خاصة بها فى أغسطس الماضى، أعرب وزير خارجيتنا خلال لقائه مع نظيره النرويجى إسبن بارث إيدى، عن تطلع مصر إلى التعاون الثلاثى فى القارة السمراء. ولعلك تتذكر أننا كنا أشرنا إلى أن البلدين الصديقين يتشاركان فى انتهاج سياسة خارجية متزنة، تسعى إلى تحقيق الاستقرار والأمن المستدامين.