عذرًا.. ليس لدينا عيبٌ في رأسنا

مصر دولة تاريخية وعريقة تتمسك بمبادئ وقيم لا تتراجع عنها أيًا كانت التحديات أو التضحيات.. وهذا ما يجعلها ترفض دائمًا ما لا يناسبها.. ولا يستقيم مع مبادئها ويخل بأمنها واستقرارها واستقلالها وأمان شعبها. لدى مصر مبدأ واضح منذ أن احتلت العصابات الصهيونية فلسطين وهو الدفاع عن أرض فلسطين وشعبها وحقهم الأبدى والتاريخى فى دولتهم وأراضيهم.والتاريخ هنا له ذاكرة حديدية، لم ينسَ ولن ينكر ما فعلته مصر وحكامها وجيشها وشعبها من أجل فلسطين وأهلها، نحن لم ندعم ونتضامن ونردد الشعارات فقط، كما فعل غيرنا، ولكننا حاربنا واختلطت دماء شهدائنا بالتراب الفلسطينى عام ١٩٤٨، لا مزايدة على موقف مصر الداعم الأول والرئيسى للشعب الفلسطينى، ولكن الدولة القوية تفعل ما تراه مناسبًا للحفاظ على هيبتها وسلامة أراضيها ومصلحة شعبها، وعندما تتوجه قافلة أو مسيرة أو مظاهرة أيًا كان المسمى الصحيح لها، يكون قوامها آلاف الأشخاص من جنسيات مختلفة، إلى حدود مشتعلة بالحرب ومحاطة بالخطر فى توقيت حساس، وأيًا كانت النوايا- فمن حق مصر وقيادتها أن تضع ضوابطها وتفعّل قوانينها.مصر لا يمكن ابتزازها ولا أحد يستطيع المزايدة على موقفها الداعم الأول والرئيسى للشعب الفلسطينى وأرضه المحتلة.. ولكن للسيادة والسياسة حسابات أخرى. لمصر الحرية الكاملة مثل أى دولة لها سيادة فى أن تضع قواعد وقوانين تلزم بها من يريد الدخول إليها.وما حدث أنه فى توقيت خطير تتوجه فيه قافلة ضخمة تضم كما هو متوقع من ستة إلى عشرة آلاف شخص تقريبًا إلى حدود مصر بما فى ذلك من تحديات أمنية كبيرة.حيث يجب تأمين تنقلهم وتحركاتهم داخل الدولة وحمايتهم طوال وجودهم على أرض مصر.. وفى نفس الوقت لم يلتزم هؤلاء بأخذ التصاريح والموافقات الأمنية اللازمة.. وهو ما عبر عنه بيان وزارة الخارجية المصرية الذى جاء بصيغة هادئة وقوية فى نفس الوقت، مؤكدًا مساندة مصر للقضية الفلسطينية وحرصها على إيصال المساعدات اللازمة للأشقاء، وأن مصر لم ولن تقصر فى شىء، بل وترحب بالمواقف الدولية والإقليمية، الشعبية والرسمية، الرافضة للحصار والتجويع.. ولكن من يدخل مصر عليه اتباع مسارات قانونية معروفة ومعلنة، وكذلك الضوابط التنظيمية والآلية.. وأكد البيان أهمية التزام مواطنى كل الدول بالقوانين والقواعد المنظمة للدخول للأراضى المصرية، بما فى ذلك الحصول على التأشيرات أو التصاريح المنظمة والمسبقة.وأشار البيان إلى أنه سبق وتم ترتيب العديد من الزيارات لوفود مختلفة، وذلك لدقة الأوضاع فى هذه المنطقة الحدودية منذ بداية الحرب فى غزة. تدفع مصر ثمنًا غاليًا بسبب صلابة موقفها الرافض لتهجير الشعب الفلسطينى خارج أراضيه.. تتحمل وتواجه بشجاعة وصبر تصرفات حمقاء من دول طامعة فى تورتة غزة، وفى أرض مصر، ودول أخرى طامعة فى رضا الأسياد.ومع ذلك لا يكف أعداؤها والطامعون فيها عن خلق الأزمات وافتعال المشكلات، سواء للتضييق عليها أو إحراجها وابتزازها، فتظهر أصوات ضالة وأحيانًا مضللة تطالب الدولة المصرية بإثبات موقفها وحسن نواياها، كما يحدث منذ إعلان توجه هذه المظاهرة أو القافلة لحدود مصر مع غزة، حتى يضعوا مصر فى موقف حرج، ولكننا ليس على رأسنا بطحة حتى نُبتز بهذا الشكل، ولسنا محتاجين أن نثبت شيئًا يشاهده ويعلمه العالم كله علم اليقين.. نحن لم نغلق المعابر بل إسرائيل، لم نمنع دخول المساعدات، بل لولا ما تفعله مصر مع أهلنا فى فلسطين لكان وضعهم أصبح أسوأ بكثير، لذلك مصر ليست مجبرة على قبول ما ترفضه لتثبت ما تفعله، نحن أكبر من ذلك، وفكرة الأمر الواقع لا تناسبنا، نساعد غزة وندعم القضية على طريقتنا لا يفرض علينا شىء.وفى العموم عندما تهلل جماعة الإخوان لأى تحرك أو حدث، فإن الأمر فى هذه اللحظة مشكوك فيه، والحدث يصبح مشبوهًا بشكل ما، لأنهم جماعة إرهابية لا تريد سوى الشرور لمصر وأهلها، وهو ما حدث بشأن القافلة.حتى وإن صدقت نواياهم، رغم عدم اقتناع كثيرين بفكرة فك الحصار المزعومة وشكوكهم فى الأمر، وهؤلاء يرون أن المسألة كلها مجرد فخ لتوريط مصر، ودخول الإخوان على خط المزايدة والترحيب بالقافلة أكد عند قطاع عريض من الشعب المصرى صدق هذه الشكوك.