ما هي توجيهات النبي لمعاذ بن جبل؟… إجابة علي جمعة

قال الدكتور على جمعة، مفتى الجمهورية السابق، إنه بعد أن عدّد النبي ﷺ أوجه الخير وفضائله، أراد أن يخبر معاذ بن جبل بشيء واحد إذا حافظ عليه يضمن له الإتيان بكل هذه الفضائل، فقال ﷺ:«ألا أخبرك بملاك ذلك كله ؟ قلت: بلى يا نبي الله، فأخذ بلسانه، قال: كف عليك هذا، فقلت: يا نبي الله، وإنا المؤاخذون بما نتكلم به ؟ فقال: ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم، أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم.وتابع جمعة، عبر صفحته الرسمية “من المفيد هنا نقل قول صاحب تحفة الأحوذي في شرح هذا الجزء من الحديث: «الملاك ما به إحكام الشيء وتقويته من ملك العجين إذا أحسن عجنه وبالغ فيه وأهل اللغة يكسرون الميم ويفتحونها؛ والرواية بالكسر وذلك إشارة إلى ما ذكر من أول الحديث إلى هنا من العبادات، وأكده بقوله كله لئلا يظن خلاف الشمول، أي بما تقوم به تلك العبادات جميعها.وأوضح جمعة: يقول في بيان قوله ﷺ «كف عليك هذا»: «(هذا) إشارة إلى اللسان أي لسانك المشافه له، وتقديم المجرور على المنصوب للاهتمام به وتعديته بعلى للتضمين، أو بمعنى عن، وإيراد اسم الإشارة لمزيد التعيين أو للتحقير وهو مفعول كف، وإنما أخذ عليه الصلاة والسلام بلسانه وأشار إليه من غير اكتفاء بالقول، تنبيها على أن أمر اللسان صعب. والمعنى لا تكلم بما لا يعنيك، فإن من كثر كلامه كثر سقطه، ومن كثر سقطه كثرت ذنوبه، ولكثرة الكلام مفاسد لا تحصى».أشار جمعة في بيان قوله ﷺ:«إلا حصائد ألسنتهم»:«أي محصوداتها، شبه ما يتكلم به الإنسان بالزرع المحصود بالمنجل، وهو من بلاغة النبوة، فكما أن المنجل يقطع ولا يميز بين الرطب واليابس والجيد والرديء، فكذلك لسان بعض الناس يتكلم بكل نوع من الكلام حسنا وقبيحا. والمعنى لا يكب الناس في النار إلا حصائد ألسنتهم من الكفر والقذف والشتم والغيبة والنميمة والبهتان ونحوها والاستثناء مفرغ، وهذا الحكم وارد على الأغلب أي على الأكثر لأنك إذا جربت لم تجد أحدا حفظ لسانه عن السوء ولا يصدر عنه شيء يوجب دخول النار إلا نادرا». [تحفة الأحوذي بشرح سنن الترمذي].