على حافة الهاوية: «الوكالة الذرية» تنتقد عدم التزام إيران بالاتفاق النووي… والولايات المتحدة تعزز ضغوطها.

على حافة الهاوية: «الوكالة الذرية» تنتقد عدم التزام إيران بالاتفاق النووي… والولايات المتحدة تعزز ضغوطها.

– واشنطن تخلى موظفى سفاراتها فى الشرق الأوسط وجلسة جديدة من المفاوضات الأحد المقبل- مبادرات عديدة أطلقتها مصر لتحقيق الاستقرار فى القارة السمراء- طهران تحذّر: القواعد الأمريكية أهداف مشروعة.. وتل أبيب تتحضر لعمل عسكرى  اشتعلت التوترات بين إيران والولايات المتحدة بشكل غير مسبوق خلال الساعات الماضية، وأخلت أمريكا عائلات موظفى سفاراتها فى الشرق الأوسط.وأكد الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، أنه لم تعد لديه ثقة فى إمكانية إبرام اتفاق نووى مع إيران، مشددًا على عدم السماح لطهران بتخصيب اليورانيوم.وعلى الجانب الآخر، أكدت إيران أن كل القواعد الأمريكية فى الشرق الأوسط والمصالح هى أهداف مشروعة.واعتمد مجلس محافظى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أمس، قرارًا يُدين «عدم امتثال إيران لالتزاماتها» للمرة الأولى منذ ٢٠ عامًا، ما قد يمهّد الطريق لإعادة فرض عقوبات من قبل الأمم المتحدة على طهران.وخلص مجلس محافظى الوكالة النووية التابعة للأمم المتحدة، رسميًا، إلى أن إيران لا تفى بالتزاماتها النووية، فى خطوة قد تؤدى إلى تصاعد التوترات وتمهّد لإطلاق مساعٍ لإعادة فرض العقوبات على طهران فى وقت لاحق من هذا العام.وصوّتت ١٩ دولة من أعضاء مجلس محافظىّ الوكالة، التى تمثل الدول الأعضاء، لصالح القرار، وفقًا لما نقله دبلوماسيون تحدّثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم، لوصف نتائج التصويت السرى.دعم القرار كل من فرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا والولايات المتحدة، وعارضته روسيا والصين وبوركينا فاسو، بينما امتنعت ١١ دولة عن التصويت، ولم تصوّت دولتان.وجدد مجلس المحافظين، فى مسودة القرار، دعوته لإيران بتقديم أجوبة دون تأخير، فى إطار التحقيق المستمر منذ سنوات بشأن آثار اليورانيوم التى وُجدت فى عدة مواقع لم تُعلن عنها طهران كمواقع نووية.وبالرغم من هذه التصعيدات، تعود الولايات المتحدة وإيران لطاولة المفاوضات غير المباشرة فى العاصمة العمانية مسقط، بعد غدٍ الأحد، حول البرنامج النووى الإيرانى.وحول هذه التطورات، قال الكاتب الصحفى محمد شمص، الخبير بالشأن الإيرانى، إن سحب بعض الدبلوماسيين الأمريكيين من سفارات الولايات المتحدة فى العراق ومنطقة الشرق الأوسط، والتهديدات الأمريكية والإسرائيلية المتزايدة تجاه إيران هدفها واضح؛ وهو الضغط على إيران من أجل تقديم تنازلات. وأوضح «شمص»، لـ«الدستور»، أن قرار الولايات المتحدة بسحب بعض دبلوماسييها يأتى فى سياق استخدام ورقة الضغط على إيران فى جولة المفاوضات النووية المنتظرة.وأضاف أن الولايات المتحدة تهدف إلى دفع طهران إلى تقديم تنازلات، خصوصًا فيما يتعلق بملف تخصيب اليورانيوم، وذلك من خلال التهديدات المستمرة من قبل واشنطن وتل أبيب.وأكد أن هذه التهديدات تأتى فى الوقت الذى تواصل فيه واشنطن محاولة إجبار إيران على قبول العرض الأمريكى الذى قدمه المبعوث الأمريكى، ستيف ويتكوف، والذى يتطلب «تصفير» تخصيب اليورانيوم داخل إيران. وذكر أن إيران رفضت هذا العرض بشكل قاطع، وصرّح المرشد الإيرانى، على خامنئى، بأن هذا الاقتراح يتعارض مع مبدأ استقلال إيران وسيادتها الوطنية. وأضاف أن تخصيب اليورانيوم يعد جزءًا أساسيًا من دورة الوقود النووى، وأن برنامجًا نوويًا إيرانيًا دون هذا الوقود لن يكون ذا جدوى، مشبهًا إياه بسيارة لا تحتوى على وقود. وأشار إلى أن إيران ترفض رفضًا قاطعًا أى محاولات لوقف التخصيب، وهو أمر تعتبره حقًا سياديًا.وفيما يتعلق بالرد الإيرانى على المقترح الأمريكى، لفت «شمص» إلى أنه لم يجر تقديم الجواب النهائى بعد، موضحًا أن إيران سترد رسميًا على هذا العرض فى الجلسات المقبلة.بالنسبة للتهديدات الإسرائيلية، أكد أن تلك التهديدات هى جزء من حرب نفسية تهدف إلى زيادة الضغط على إيران، وأضاف أن إسرائيل قد تكون بصدد تنفيذ ضربة عسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية، سواء جرى التوصل إلى اتفاق بين إيران وأمريكا أم لا. وذكر أن هناك اعتقادًا قويًا فى إسرائيل بأن الفرصة الحالية هى الأنسب لتنفيذ هذه الضربة، بالنظر إلى الأوضاع الداخلية والخارجية.وفى حال حدوث تصعيد عسكرى من جانب إسرائيل، أشار إلى أن الرد الإيرانى سيكون قويًا وسريعًا، متوقعًا أن تتلخص المواجهة فى ضربات صاروخية إيرانية قاسية ضد أهداف إسرائيلية فى حال كان هناك اتفاق بين أمريكا وإيران، أما إذا لم يجر التوصل إلى اتفاق، فإن التصعيد العسكرى قد يمتد ليشمل مواجهات أوسع بين إيران والولايات المتحدة، وقد تتورط الأخيرة بشكل مباشر فى العدوان الإسرائيلى ضد إيران.ولفت إلى أن أى عدوان إسرائيلى على إيران لن يكون إلا بتنسيق ودعم أمريكى لوجستى، رغم أن الولايات المتحدة ستسعى لإظهار نفسها على أنها غير معنية بالهجوم، مؤكدة تمسكها بالحوار والحلول الدبلوماسية.ونوه بأن التوترات فى المنطقة قد تزداد فى حال فشل الجهود الدبلوماسية بين الولايات المتحدة وإيران، إذ إن التصعيد العسكرى سيكون الخيار الأرجح.كما ذكرت الباحثة فى الشأن الإيرانى، سمية عسلة، أن تصاعد التوترات الحالية بين الولايات المتحدة الأمريكية وطهران كان أمرًا متوقعًا بالنظر إلى تعثر المفاوضات النووية التى جرت بوساطة عمانية على مدار عدة جولات، دون التوصل إلى نتائج ملموسة أو اختراقات حقيقية.وأضافت «عسلة» أن هذه المفاوضات، التى تضمنت قضايا أساسية وحاسمة، كشفت عن خلافات جوهرية بين الطرفين، منها القضايا المتعلقة بتصفير البرنامج النووى الإيرانى، ورفض إيران التخلى عن برنامجها الصاروخى. وأشارت إلى أن هذه المطالب تعتبرها إيران غير منطقية، خاصة أن طهران ترى أن هذه الشروط تعجيزية، وتهدف إلى تقليص استقلالها السيادى فى المجالين النووى والصاروخى.ولفتت إلى أن إيران حققت تقدمًا ملحوظًا فى مجال التكنولوجيا النووية؛ إذ أصبحت تمتلك تقنيات متقدمة مثل أجهزة الطرد المركزى من نوع «IR-6» و«IR-7». إضافة إلى ذلك، أحرزت طهران تقدمًا كبيرًا فى مجال الأبحاث النووية داخل الجامعات الإيرانية، التى تلعب دورًا محوريًا فى تطوير برامجها النووية. وأوضحت أن هذا التقدم العلمى والفنى يُظهر أن إيران قد أنشأت بنية قوية فى مجال الطاقة النووية، الأمر الذى يشكل تحديًا للضغوط الخارجية عليها من قبل القوى الكبرى.ونوهت بأنه لا يمكن تجاهل التحالف الاستراتيجى بين إيران والصين، والذى أصبح يشكل حجر زاوية فى السياسة الإيرانية.وقالت: «الصين لعبت دورًا محوريًا فى إنعاش الاقتصاد الإيرانى أثناء فترة العقوبات الأمريكية، من خلال شراء النفط الإيرانى المهرب بأسعار منخفضة، ما ساعد إيران على الصمود فى وجه العقوبات». مشيرة إلى أن هذا التعاون بين البلدين، خاصة فى مجالات مثل التسليح والطاقة، جعل إيران أقل عرضة للضغوط الأمريكية.وأضافت الباحثة فى الشأن الإيرانى أن الرئيس الأمريكى يعتبر أن إيران قد قطعت شوطًا طويلًا فى مجال تطوير قدراتها النووية والصاروخية. وتعد التحركات الأمريكية الأخيرة، مثل تخفيف التواجد العسكرى فى بعض المناطق مثل سوريا والعراق، محاولة لتقليل الاستفزازات المباشرة، رغم أن ذلك قد يفسح المجال لظهور تهديدات من بعض الجماعات الإرهابية. وأكدت أن هذه التحركات هى جزء من الاستراتيجية الأمريكية الأوسع للضغط على إيران من أجل تقديم تنازلات قبل التوصل إلى اتفاق نووى نهائى.وأشارت إلى أن إيران تواصل التأكيد على رفضها أى محاولات للحد من سيادتها الوطنية أو تقليص قدرتها على الحفاظ على أمنها القومى. وجاء التصريح الأخير لقائد الحرس الثورى الإيرانى، حسين سلامى، مؤكدًا أن البرنامج الصاروخى الإيرانى هو جزء أساسى من الأمن القومى للبلاد، وأن أى مسعى لتقليص هذا البرنامج مرفوض تمامًا.وفيما يتعلق بالتطورات الأخيرة فى العلاقات الإسرائيلية- الأمريكية، أوضحت «عسلة» أن هناك ضغطًا متزايدًا على إيران من قبل إسرائيل، التى تسعى بدورها إلى تحقيق مصالحها الأمنية. وذكرت أن الضغوط الإسرائيلية على إيران فى مجال الملف النووى والصاروخى تبدو كجزء من استراتيجية أكبر تهدف إلى تقليص قدرات إيران فى هذا المجال. ومع ذلك، فإن هذا التصعيد يتزامن مع تحولات داخلية فى إسرائيل، لا سيما فى ظل التوترات السياسية المتعلقة بالحكومة الإسرائيلية.وأضافت أن مستقبل المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة يتطلب توازنًا دقيقًا بين التنازلات السياسية والحفاظ على الأمن القومى الإيرانى. ومن المؤكد أن إيران، برغم الضغوط الدولية، ستواصل الدفاع عن سيادتها واستقلالها فى هذه المفاوضات، بينما تسعى إلى تجنب التصعيد العسكرى ما لم تُجبر على ذلك.طهران ترد على الإدانة وتعلن بناء منشأة جديدة لتخصيب اليورانيومأعلن رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، محمد إسلامى، أنه سيتم بناء منشأة جديدة للتخصيب فى موقع آمن، ردًا على القرار الصادر عن مجلس محافظى الوكالة الدولية للطاقة الذرية والذى يدين «عدم امتثال إيران لالتزاماتها».وأفادت وكالة «تسنيم» الإيرانية أن وزارة الخارجية الإيرانية ومنظمة الطاقة الذرية الإيرانية أصدرتا بيانًا مشتركًا أدانتا فيه تصرف أمريكا ودول الترويكا الأوروبية بالموافقة على القرار فى مجلس محافظى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، معتبرين هذا الإجراء استغلالًا متكررًا لهذا المجلس لأغراض سياسية دون أساس فنى أو قانونى. من جهة أخرى، وجه السفير والمندوب الدائم للجمهورية الإسلامية الإيرانية لدى الأمم المتحدة، أمير سعيد إيروانى، رسالة إلى مجلس الأمن رد فيها على المزاعم التى أطلقتها الترويكا الأوروبية بشأن انتهاك إيران قرار مجلس الأمن ٢٢٣١ والاتفاق النووى.وأوضح السفير الإيرانى فى رسالته، إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن، أن التهديد الحقيقى للسلم والأمن الدوليين لا يكمن فى الأنشطة النووية السلمية للجمهورية الإسلامية، بل فى اللجوء المستمر للإجراءات القسرية الأحادية وغير القانونية، فى انتهاك صارخ للقانون الدولى وميثاق الأمم المتحدة».وحذّر «إيروانى» بشدة من أن أى محاولة لإحياء بنود قرارات سابقة منتهية الصلاحية لمجلس الأمن تُعدّ خطوة غير شرعية، ومتهورة وخطيرة سياسيًا، قد تؤدى إلى تبعات مزعزعة للاستقرار على المستويين الإقليمى والدولى.وأكد المندوب الإيرانى أن أى محاولة لاستغلال آلية تسوية النزاعات أو غيرها من الآليات المنصوص عليها فى القرار ٢٢٣١، لن تضعف فقط مصداقية مجلس الأمن، بل ستقوّض أيضًا نظام عدم الانتشار النووى بشكل خطير، مشيرًا إلى أن إيران قد تضطر، فى حال اللجوء إلى هذه الآليات لإعادة العقوبات السابقة، إلى اتخاذ إجراءات مقابلة، من بينها الخروج من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية «NPT» بموجب المادة العاشرة من المعاهدة.