خناجر تختبئ تحت رداء الإنسانية

خناجر تختبئ تحت رداء الإنسانية

في زمن تتبدل فيه المواقف وتتقلب فيه المبادئ كما تتقلب الرياح، تظل مصر وحدها، ثابتة على عهد لا يتغير، واقفة بشموخها الذي لا ينحني، تحرس بوابة الأمة وتدافع عن القضية، لا انتظارًا لثناءٍ ولا طمعًا في تصفيق، بل وفاءً لما آمنت به منذ عقود، أن فلسطين ليست قضية شعب، بل قضية أمة، وأن الدفاع عنها ليس منّة، بل واجب تُورثه الأجيال جيلًا بعد جيل.ورغم أن السهام المسمومة تُوجّه إليها ليل نهار، ويُساق لها الاتهام زورًا وبهتانًا بأنها تخلت أو باعت، إلا أن التاريخ، وهو القاضي العادل، يُسجل لمصر سجلًا ناصعًا لا تمحوه الأكاذيب، فمنذ حرب 1948 إلى نكسة 1967، ومن حرب الاستنزاف إلى نصر أكتوبر المجيد، لم تبخل مصر يومًا بالدم أو السلاح أو الكلمة من أجل فلسطين.لكن المشهد اليوم تغير، واللاعبون الجدد يرتدون عباءة الإنسانية فيما يُخفون تحتها خناجر السياسة، قوافل تُدعى “الصمود”، تدخل المشهد تحت لافتة الدعم الإنساني، فيما هي محملة بأجندات أخرى، تُحاك بخيوط ناعمة لكنها قاتلة، تستهدف مصر أكثر مما تنوي أن تُغيث غزة.ليست هذه أول مرة تُستخدم فيها المعاناة الفلسطينية كورقة ضغط على القاهرة، وكل مرة تُكشف الخدعة، تبقى مصر شامخة، تدير الملف كما يليق بدولة بحجمها، تتوسط لوقف الحرب، وتفتح معبرها رغم التهديدات، وتُرسل الأدوية والغذاء والمستشفيات الميدانية، بينما الآخرون، ممن يسكنون القصور المكيفة ويتشدقون بالمقاومة، لا يملكون إلا بيانات الإنكار ومواقف التوبيخ عبر الشاشات.من الغريب والموجع، أن من يُهاجم مصر اليوم هم أنفسهم الذين عقدوا اتفاقات تطبيع علنية وسرية، وبنوا قواعد أمريكية في أحضان صحرائهم، ثم يتهمون مصر زورًا ببيع القضية!دعونا نُذكر من خانته الذاكرة، مصر استقبلت ملايين الفلسطينيين في قلبها، واحتضنتهم كأبناء، وفتحت لهم المدارس والمستشفيات والمنازل، دون أن تمن أو تزايد، وها هي الآن تُدير أعقد ملف إنساني وسياسي في العالم ملف غزة بمحاذير شديدة، وحكمة نادرة، دون أن تسقط في فخ التصعيد أو خيانة المبادئ.ومن هنا، فإننا نُجدد الثقة في الدولة المصرية وقيادتها، ونُعلن دعمنا الكامل لأي إجراء تتخذه لمنع دخول قوافل مشبوهة، أو أفراد مجهولين، يُراد بهم كسر السيادة أو اختراق الحدود تحت ستار المساعدات.إن مصر التي تقف اليوم شامخة، رغم التحديات والتجني، لا تحتاج شهادة أحد، هي التي دفعت وما زالت تدفع، دمًا ومالًا وسلامًا، لأجل فلسطين، في الوقت الذي يكتفي فيه “الرجال الجدد” بالكلام من خلف الشاشات وتحت مظلة الأعداء.
اللهم انصر أهل غزة، واشف جرحاهم، وفك أسرهم، وأعز الإسلام والمسلمين، واحفظ مصر  قلب العروبة النابض من كل خائن وحاقد، وأيدها بقوة من عندك لتظل كما عهدناها، درعًا للأمة وصوتًا للعقل وملاذًا للحق.