صداع عالمي: كيف تؤثر التطورات في الشرق الأوسط على حركة الطيران التجاري

شهدت منطقة الشرق الأوسط توترات متصاعدة أثرت بشكل كبير على حركة الملاحة الجوية العالمية في أعقاب الغارات الإسرائيلية ضد مواقع إيرانية، ما دفع إيران وإسرائيل والأردن والعراق وسوريا إلى إغلاق مجالاتها الجوية مؤقتًا، وفقًا لرويترز.
وأغلقت إسرائيل مطار بن جورين في تل أبيب، ووضعت وحدات دفاعها الجوي على أهبة الاستعداد تحسبًا لضربات انتقامية محتملة من قبل إيران.
وعلى الفور، علّقت إيران رحلاتها الدولية والمحلية وقد قامت شركات طيران إسرائيلية، مثل “العال” و”إسرائير” و”أركيا”، بإجلاء طائراتها في مواقع آمنة بالخارج.
وألغت “العال” رحلاتها من وإلى إسرائيل، كما علقت حجوزاتها الجديدة حتى نهاية يونيو الجاري، وفقًا لصحيفة نيوزيلاند هيرالد.
وقد علقت شركات طيران مثل “إير فرانس كيه إل إم” وشركات الطيران منخفضة التكلفة “رايان إير” و”ويز” رحلاتها من إسرائيل وإليها، وقررت شركة “دلتا إيرلاينز” تعليق رحلاتها إلى تل أبيب حتى نهاية أغسطس.
وأوقفت شركات طيران كبرى مثل “لوفتهانزا” الألمانية و”إير إنديا” الهندية و”الإمارات” و”الاتحاد” الإماراتيتان، و”الخطوط الجوية القطرية” رحلاتها إلى طهران وبغداد، أو أعادت توجيهها.
وأعلنت “لوفتهانزا” أنها علقت رحلاتها إلى طهران وأنها تعتزم تجنب المجال الجوي الإيراني والعراقي والإسرائيلي مؤقتًا. كما ألغت الخطوط الجوية القطرية رحلاتها المتجهة إلى إيران والعراق ودمشق حتى اليوم الأحد الموافق 14 يونيو، وفقًا لتقرير صحيفة “سيدني مورننج هيرالد”.
وأوقفت الإمارات الطيران رحلاتها إلى العراق والأردن ولبنان وإيران حتى الخامس عشر من يونيو، كما ذكر تقرير لصحيفة “ذا أستراليان”، وقررت “دلتا إيرلاينز” تأجيل رحلاتها إلى تل أبيب حتى سبتمبر، أما “يونايتد إيرلاينز” فقد اكتفت بتأجيل رحلاتها إلى تل أبيب حتى يوليو المقبل فقط، وفقًا لموقع يورونيوز، الذي أكد أن رحلات “يونايتد إيرلاينز” المتجهة إلى تل أبيب عادت أدراجها للولايات المتحدة فوق المحيط الأطلسي، حيث عادت للهبوط في نيويورك بعد الضربات الإسرائيلية، وفقًا لموقع “سي إن بي سي” الأمريكي.
وكشفت بيانات “فلايت رادار 24” أن المجال الجوي فوق إيران والعراق والأردن أصبح خاليًا من مرور الطائرات التجارية، مع توجيه الرحلات نحو السعودية ومصر بدلًا من ذلك.
وقد تأثر حوالي 1800 رحلة جوية من وإلى أوروبا، بما في ذلك حوالي 650 رحلة ملغاة، وفقًا لموقع “يوروكونترول”.
وأشارت شركة “فلاي دبي” إلى إلغاء 22 رحلة مقررة في الثالث عشر والرابع عشر من يونيو إلى دبي من 10 مطارات روسية، وفقًا لوكالة ريا نوفوستي الروسية نقلًا عن “روسافياتسيا”.
وتحولت مسارات 32 رحلة جوية إلى مطاري لارناكا وبافوس في قبرص، مما تسبب في تعطيل الممرات الجوية بين أوروبا والخليج العربي، وفقًا لصحيفة “قبرص ميل”.
ويمثل شرق العراق، بالقرب من حدوده مع إيران، أحد أكثر الممرات الجوية ازدحامًا في العالم، حيث تعبر عشرات الرحلات الجوية بين أوروبا والخليج، والكثير منها على مسارات من آسيا إلى أوروبا.
وأعلنت السلطات الأردنية إغلاق مجالها الجوي مؤقتًا لعدة ساعات بعد بدء الحملة الإسرائيلية.
ورفضت شركات دولية مثل “رايان إير” و”ويز إير” استئناف رحلاتها إلى إسرائيل، وفقًا لموقع صحيفة “إل موندو” الإسبانية.
وأوقفت “إير فرانس” رحلاتها إلى تل أبيب وبيروت حتى غدًا الاثنين الموافق الخامس عشر من يونيو، وفقًا لموقع صحيفة لوفيجارو الفرنسية.
وعدّلت شركة “إيبيريا” مسارات رحلاتها المتجهة إلى آسيا لتجنب الأجواء الإيرانية والعراقية، وفي الأثناء، أعادت “لوفتهانزا” تقييم مخاطر الطيران بعد ورود تقارير عن صواريخ بالقرب من الأجواء الأردنية، وفقًا لصحيفة “دي فيلت”.
وأعادت شركة “كوانتاس” الأسترالية توجيه رحلاتها من بيرث إلى لندن عبر سنغافورة لتجنب مناطق النزاع في الشرق الأوسط، مما أضاف ساعتين إلى مدة السفر، حسبما أفادت صحيفة “سيدني مورننج هيرالد”.
وألغت “إير نيوزيلاند” رحلاتها إلى تل أبيب حتى أغسطس 2025، وفقًا لصحيفة “نيوزيلاند هيرالد”.
وفي مايو 2025، استهدفت القوات اليمنية مطار بن جورين، مما أدى إلى توقف الرحلات مؤقتًا، وفقًا لموقع صحيفة لوفيجارو، وأوقفت العديد من شركات الطيران العالمية رحلاتها من وإلى تل أبيب بعد أن حط صاروخ أطلقه المتمردون الحوثيون اليمنيون بالقرب من المطار في الرابع من مايو.
ارتفاع التكاليف الاقتصادية والبيئية
شهدت التوترات الإقليمية ارتفاعًا في التكاليف الاقتصادية، حيث قفزت أسعار خام برنت بنسبة 8.39% لتصل إلى 75.20 دولارًا للبرميل في الثالث عشر من يونيو 2025، مما أدى إلى زيادة تكاليف الوقود.
وقد تسببت مناطق النزاع المتزايدة في العالم في عبء متزايد على عمليات شركات الطيران وربحيتها، كما أدت إلى زيادة المخاوف المتعلقة بالسلامة وتضيف التحويلات إلى تكاليف وقود شركات الطيران وتطيل أوقات الرحلات.
وفي اليوم نفسه، انخفضت أسهم “إنترجلوب أفييشن” الهندية بنسبة 5.62% و”سبيس جيت” بنسبة 5.64%، حسبما ذكر موقع “ذا أستراليان”.
وقد تراجعت أسهم شركات الطيران حول العالم، حيث انخفض سهم “آي إيه جيه” (مالكة الخطوط الجوية البريطانية) بنسبة 4.6%، و”دلتا إيرلاينز” بنسبة 4%، و”رايان إير” بنسبة 3.5%. كما أثار ارتفاع أسعار النفط بعد الهجوم مخاوف بشأن أسعار وقود الطائرات.
مسارات بديلة
ولجأت شركات الطيران إلى مسارات بديلة عبر السعودية أو آسيا الوسطى بعد تجنب مجالات إيران والعراق الجوية، وفقًا لموقع يورونيوز.
وزادت تكلفة مسار سنغافورة – لندن عبر آسيا الوسطى بنسبة 50% مقارنة بالمسار الأصلي عبر الشرق الأوسط، كما أفادت صحيفة “سيدني مورننج هيرالد”، وخفض اتحاد النقل الجوي الدولي توقعات أرباح القطاع العالمي لعام 2025 إلى 36 مليار دولار، وفقًا لموقع صحيفة “إل باييس” الإسبانية.
خسائر كبيرة
وتكبدت شركات الطيران الأوروبية خسائر يومية بلغت 10 ملايين يورو بسبب تحويل المسارات، حسبما ذكرت صحيفة “كورييري ديلا سيرا”، وقد أثرت تكاليف الوقود الإضافية على رحلات شركة “تاب إير بورتجال”، التي أعادت توجيه رحلاتها عبر تركيا، وفقًا لصحيفة “فولها دي ساو باولو”.
وزادت تكاليف التشغيل لدى “كوانتاس” الأسترالية، مما رفع أسعار التذاكر بنسبة 5 – 10%، وفقًا لصحيفة “ذا أستراليان”.
وواجهت “إير نيوزيلاند” خسائر مالية بسبب إلغاء رحلات إلى الشرق الأوسط، وفقًا لصحيفة “أوتاغو ديلي تايمز”، وأضافت المسارات البديلة حوالي 1.2 مليون دولار أسترالي يوميًا إلى تكاليف “كوانتاس”، حسبما أفادت “إيه بي سي نيوز أستراليا”.
تحديات بيئية تعقّد العمليات
فاقت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من الطيران التجاري التوقعات، مما دفع الحكومات وشركات الطيران إلى تجربة وقود الطيران المستدام (SAF)، وفقًا لموقع يورونيوز، وقد أنتج العالم مليون طن من وقود الطيران المستدام في عام 2024، مع توقعات بتجاوز 2.1 مليون طن في عام 2025، وفقًا لاتحاد النقل الجوي الدولي وقد قللت “طيران الإمارات” و”الاتحاد” الانبعاثات باستخدام وقود الطيران المستدام في رحلات إلى سنغافورة وأمستردام ولندن، كما ذكرت صحيفة “سيدني مورننج هيرالد”.
وتسببت التوترات الأمنية الاستثمار في تعطيل الحلول المستدامة، وفقًا لصحيفة “إل باييس” الإسبانية.
وزادت المسارات البديلة من استهلاك الوقود، مما رفع الانبعاثات بنسبة 15% في يونيو 2025، وفقًا لصحيفة “دي تسايت” الألمانية، وواجهت الشركات الأوروبية ضغوطًا لتقليل الانبعاثات على الرغم من التحديات الأمنية، حسبما أفادت صحيفة “إل باييس”.
وأضافت المسارات البديلة حوالي 200 ألف طن من انبعاثات الكربون للرحلات الأوروبية – الآسيوية، وفقًا لصحيفة “سيدني مورننج هيرالد”. كما أخرت التوترات خطط “إير نيوزيلاند” للتوسع في استخدام وقود الطيران المستدام، وفقًا لصحيفة “نيوزيلاند هيرالد”.
وزادت الانبعاثات بنسبة 12% للرحلات الأسترالية بسبب المسارات البديلة، حسبما ذكرت “إيه بي سي نيوز أستراليا”، وسجلت الخطوط الجوية الأوروبية زيادة في انبعاثات الكربون بنسبة 15%، وذلك نتيجة اضطرارها لسلوك مسارات بديلة بسبب الصراعات الدائرة في الشرق الأوسط وفقًا لصحيفة “إل باييس” الإسبانية.