2025: غزة تترك آثارها على المهرجان والسينما الفلسطينية تبرز قوة المقاومة

2025: غزة تترك آثارها على المهرجان والسينما الفلسطينية تبرز قوة المقاومة

في الدورة الثامنة والسبعين لمهرجان كان السينمائي (13-24 مايو 2025)، برزت السينما الفلسطينية بقوة من خلال الأفلام والمبادرات التي سلطت الضوء على الصمود الفلسطيني في ظل الحرب المستمرة في غزة. 

وفقًا لتقرير نشرته “فرانس 24″، لم يكن المخرجون الفلسطينيون في مزاج احتفالي على الرغم من العرض الأقوى لهم في المهرجان منذ سنوات، حيث ألقت الحرب الإسرائيلية على غزة بظلالها على الفعاليات. 

فيلم “كان يا ما كان في غزة” للأخوين طرزان وعرب ناصر، الذي عُرض في قسم “نظرة ما” (Un Certain Regard) في 19 مايو 2025، حظي بإشادة واسعة لتناوله الدرامي الممزوج بالفكاهة السوداء للحياة اليومية تحت الحصار.

وأكد عرب ناصر في تصريح لـ”رويترز”، كما نقلته “تايمز أوف إسرائيل”، على الحاجة إلى “منصة لصوت فلسطين وقصة غزة في مهرجان عالمي مثل كان”، مما يعكس أهمية السينما الفلسطينية كأداة لمقاومة التهميش.

على هامش المهرجان، برزت مبادرة مؤسسة الفيلم الفلسطيني (PFI) التي نظمت الجناح الفلسطيني، وهو الثاني في تاريخ المهرجان والأول منذ عام 2018، كما أفاد تقرير “تايمز أوف إنديا”. تحت شعار “هنا، هناك، وإلى الأبد” (HereThereAndForever)، قدم الجناح منصة لعرض أفلام وثائقية وروائية تعكس الواقع الفلسطيني، مع التركيز على الصمود الثقافي والإبداعي.

من بين الأعمال المميزة، مشروع “من المسافة صفر” (From Ground Zero)، وهو مجموعة من 22 فيلمًا قصيرًا ووثائقيًا أنتجها مخرجون شباب من غزة تحت إشراف المخرج رشيد مشهراوي. هذا المشروع، الذي عُرض في خيمة احتجاجية خارج المهرجان بعد رفضه رسميًا، وثّق الحياة وسط الدمار، مع التركيز على قصص الأطفال مثل فيلم “فرح” الذي يروي معاناة طفلة فقدت 75 من أفراد عائلتها. وقد أشار مهند يعقوبي، استشاري البرامج العامة في PFI، في تصريح لـ”هوليوود ريبورتر”، إلى أن “عودة الجناح الفلسطيني إلى كان تمثل قوة الإصرار الفني والأصوات الإبداعية التي ترفض الصمت”، مؤكدًا على دور المهرجانات العالمية في دعم الفنانين الفلسطينيين.

كما سلط تقرير “لو موند” الضوء على الفيلم الوثائقي “ضع روحك على كفك وسر” (Put Your Soul on Your Hand and Walk) للمخرجة الإيرانية سيبيده فارسي، الذي كرّم الصحفية الفلسطينية فاطمة حسونة، التي استشهدت مع عشرة من أقاربها، بما في ذلك أختها الحامل، في غارة إسرائيلية في 16 أبريل 2025، بعد يوم من إعلان اختيار الفيلم في قسم “ACID”. وثّقت حسونة، التي كانت تبلغ من العمر 25 عامًا، الحياة في غزة خلال الحرب، وكانت على وشك الزواج. الفيلم، الذي يعتمد على رسائلها وصورها مع المخرجة، أثار جدلًا واسعًا، حيث وقّع أكثر من 380 شخصية سينمائية، بما في ذلك ريتشارد غير، سوزان ساراندون، ورالف فاينس، رسالة مفتوحة نشرتها “ليبراسيون” و”فارايتي”، تدين الصمت حيال الأزمة في غزة وتطالب المهرجان باتخاذ موقف واضح. وقد أكدت فارسي في تصريح لـ”فرانس 24″ أن “ادعاء المهرجان بأنه غير سياسي لا معنى له”، داعية إلى بيان رسمي يدين القصف الإسرائيلي المستمر.

هذه الرسالة، التي نُشرت عشية المهرجان، أثارت نقاشات حادة، خاصة مع صمت لجنة التحكيم، بقيادة جولييت بينوش، حول الأزمة في غزة، على الرغم من تكريم بينوش لحسونة خلال حفل الافتتاح.

رغم محاولات إدارة المهرجان لتجنب “الجدل السياسي”، كما أشار تقرير “فارايتي”، فإن السينما الفلسطينية فرضت حضورها بقوة من خلال الأفلام والمناقشات التي نظمها الجناح الفلسطيني. فقد أطلقت مؤسسة الفيلم الفلسطيني صندوقًا لدعم السينما الفلسطينية بالتعاون مع شركاء دوليين مثل صندوق IDFA Bertha وصندوق العرب للفنون والثقافة، بهدف تمكين المخرجين الشباب وتعزيز رواياتهم. وأفاد تقرير “تايمز أوف إنديا” أن هذا الصندوق يهدف إلى دعم أربعة إلى ستة مشاريع في مراحلها الأولية، مما يوفر موارد أساسية للمبدعين الفلسطينيين. كما أحيا المغني الفلسطيني سانت ليفانت حفل الختام، معززًا رسالة الصمود والأمل التي حملتها الأفلام الفلسطينية. 

وفي سياق متصل، أبرز تقرير “هوليوود ريبورتر” معرض صور فاطمة حسونة في الجناح الفلسطيني، الذي عُرض في ثلاثة مواقع في كان، مما عزز من حضورها كرمز للمقاومة الثقافية. هذه الجهود تؤكد أن السينما الفلسطينية تظل منصة قوية لمقاومة التهميش والحفاظ على الهوية الثقافية في وجه الحرب والحصار.