تصاعد الضغوط على الدبيبة مع استمرار المظاهرات في مختلف أنحاء ليبيا

تصاعد الضغوط على الدبيبة مع استمرار المظاهرات في مختلف أنحاء ليبيا

تتزايد الضغوط بشكل ملحوظ على رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية، عبد الحميد الدبيبة، مع استمرار وتصاعد وتيرة الاحتجاجات في أنحاء متفرقة من البلاد، وذلك وفقًا لصحيفة “آراب ويكلي” التي تصدر في لندن.

وأشارت الصحيفة إلى أن الآلاف من الليبيين احتشدوا في مظاهرات كبيرة في العاصمة طرابلس، بالإضافة إلى مدن أخرى مثل مصراتة وصبراتة ومناطق أخرى في غرب ليبيا، مطالبين برحيل حكومة الوحدة الوطنية وجميع الهيئات السياسية الحالية، بالإضافة إلى تفكيك الميليشيات المسلحة.

في ساحة الشهداء بوسط طرابلس، رفعت حشود ضخمة صورًا للمسؤولين الحاليين وحملت لافتات تدعو إلى الإطاحة بحكومة الوحدة الوطنية في طرابلس، والحكومة الموازية في الشرق، ومجلس النواب، والمجلس الأعلى للدولة، والمجلس الرئاسي. وردد المتظاهرون هتافات مثل “ارحلوا!” و”مفاتيح الدولة في أيدي الشعب!” و”لا شرق ولا غرب، ليبيا وحدة وطنية”، كما طالبوا بإنهاء الفساد وهيمنة الميليشيات والجماعات المسلحة. 

وقد عبر المتظاهرون من خلال هتافاتهم ولافتاتهم عن رفضهم لشرعية الكيانات السياسية الحالية ورفضهم قبول النظام السياسي القائم، مطالبين بإنهاء المراحل الانتقالية وإجراء الانتخابات ليتمكن الشعب من تقرير مصيره واختيار سلطة شرعية.

ودعا رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، جميع الليبيين إلى مواصلة مظاهراتهم السلمية في مختلف المدن، بهدف بناء دولة حديثة تعكس آمال الجميع، على حد تعبيره. 

وأضاف المنفي في منشور على حسابه بموقع X أنه فخور بالمشهد الوطني المتحضر الذي قدمه المتظاهرون في طرابلس من خلال إعادة التأكيد على الحق في التعبير السلمي، مشيدًا أيضًا بدور المؤسسات الأمنية في حماية هذا الحق وتأمين المواطنين واحترام آرائهم بكل الوسائل لتحقيق التغيير الإيجابي.

وعلى عكس الاحتجاجات التي وقعت في 16 مايو، نجحت قوات الأمن هذه المرة في تأمين المظاهرات ومنعها من الانحراف نحو العنف من قبل المتظاهرين أو القمع من قبل قوات الأمن. 

ولم يستبعد المتظاهرون اللجوء إلى العصيان المدني إذا استمر التجاهل الرسمي لمطالبهم، ودعوا جميع المدن الليبية إلى الانضمام إلى الاحتجاجات، وحثوا على الوحدة الوطنية ورفض جميع أشكال التدخل الأجنبي في محاولة لإنقاذ ليبيا من الفوضى والتفكك.

وكانت مصادر ليبية قد ذكرت في وقت سابق أن الدبيبة قد نجح في اختراق الاحتجاجات ومنظميها من خلال تحويل هدفها من الإطاحة بحكومته إلى الإطاحة بجميع الهيئات السياسية، وهو ما يبدو حاليًا غير منطقي ولن يوافق عليه المجتمع الدولي، وسيعتبر دعوة لإدامة الفوضى ودفع البلاد إلى فراغ سياسي. إلا أن هذه المصادر، التي تحدثت شريطة عدم الكشف عن هويتها للصحيفة، أشارت إلى أن اختراق الدبيبة لا يزال محدودًا مقارنة بحجم الاحتجاجات وعدد المشاركين.

واعتبر الناشط السياسي والمرشح الرئاسي سليمان البيوضي أن المظاهرات الشعبية الحاشدة التي جرت في ساحة الشهداء بالعاصمة طرابلس تمثل تحولًا جذريًا في المشهد السياسي الليبي.

 وشدد على أن المجتمع الدولي يتعامل الآن مع مرحلة ما بعد حكومة الدبيبة وينظر بجدية في سبل تشكيل سلطة تنفيذية جديدة. 

وأضاف أن الحشود التي نزلت إلى الشوارع يوم الجمعة بلغ عددها ما يقرب من 100 ألف شخص، مؤكدًا أن وتيرة التعبئة الشعبية تتزايد وأن هناك دعمًا محليًا ودوليًا لحق الشعب في التظاهر والتعبير عن مطالبه، والتي تشمل إنهاء الجمود السياسي والانتقال نحو مرحلة جديدة.

ويرى مراقبون أن حكومة الدبيبة تواجه موجة عارمة من الغضب الشعبي وأن التوترات لا تقتصر على العاصمة طرابلس فحسب، بل تمتد إلى جميع مناطق البلاد، بما في ذلك مصراتة.

 ويشير هذا إلى أن الاحتجاجات من المرجح أن تتصاعد في الأيام المقبلة وأن العصيان المدني سيتم النظر فيه لإجبار المجتمع الدولي على إنهاء الجمود السياسي الحالي.

تأتي هذه الاحتجاجات في ظل حالة من الإحباط الشعبي المتزايد بسبب تعثر المسار الانتخابي المتكرر، والذي كان من المفترض أن ينهي المراحل الانتقالية الطويلة ويضع حدًا للانقسامات السياسية. فبعد تأجيل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية عدة مرات، يرى الكثيرون أن الطبقة السياسية الحالية، بما في ذلك حكومة الدبيبة، مسؤولة عن إطالة أمد الأزمة وعدم القدرة على إحراز تقدم نحو حل دائم. هذا الفشل في تحقيق الاستحقاقات الانتخابية يغذي الشعور بعدم الشرعية لدى الهيئات القائمة ويزيد من سخط الشارع.

ويضاف إلى ذلك، أن اندلاع أعمال العنف المتفرقة في بعض المناطق الليبية مؤخرًا، وخصوصًا الاشتباكات بين الميليشيات المسلحة، يزيد من تعقيد المشهد ويهدد بزعزعة الاستقرار الهش. 

هذه المواجهات، وإن كانت محلية في طبيعتها أحيانًا، إلا أنها تعكس غياب سلطة الدولة الفاعلة وانهيار الأمن في مناطق عديدة، مما يرفع من مستوى المخاوف لدى المواطنين ويدفعهم للمطالبة بتغيير شامل يضمن لهم الأمن والاستقرار والقدرة على بناء دولة مدنية حقيقية.