تطبيق ذكي في كواليس الصراع الخفي للقضاء على بشار الأسد

تطبيق ذكي في كواليس الصراع الخفي للقضاء على بشار الأسد

في صيف عام 2024، وبينما كانت فصائل المعارضة تستعد لهجوم عسكري واسع النطاق، بدأت حرب خفية أخرى، حرب سيبرانية صامتة، كان بطلها تطبيق هاتفي زائف انتشر بهدوء بين صفوف الجيش السوري. 

هذا التطبيق، الذي حمل اسم “منظمة التنمية السورية” وانتحل صفة المبادرة الإنسانية التي تديرها أسماء الأسد، كان “الطلقة الافتتاحية” التي مهدت لسقوط نظام الأسد المباغت في نوفمبر 2024، وفقًا لمجلة “نيو لاينز” الأمريكية. 

استغل التطبيق الأوضاع المعيشية المتردية للعسكريين، حيث وعد بمساعدات مالية شهرية مقابل تعبئة معلومات شخصية وعسكرية، ليتحول إلى أداة لجمع بيانات حساسة كانت حجر الزاوية في انهيار النظام.

لم يكن هذا التطبيق مجرد استبيان لجمع المعلومات، بل كان نموذجًا متقنًا لإنشاء “خرائط عسكرية حية”. من خلال جمع الرتب والمواقع العسكرية للضباط والجنود، تمكن المهاجمون من تحديد نقاط القوة والثغرات في خطوط دفاع الجيش السوري بدقة متناهية.

 ولم يقتصر الأمر على ذلك، فقد تضمن التطبيق فخًا آخر؛ رابط تواصل عبر “فيسبوك” كان يسحب بيانات تسجيل الدخول لحسابات التواصل الاجتماعي للمستخدمين، محولًا إياها إلى خوادم خارجية.

بعد تثبيت التطبيق وجمع المعلومات الأولية، كان يتم زرع برنامج تجسس متطور يعرف باسم “سباي ماكس”، الذي منح المخترقين سيطرة كاملة على هواتف الجنود، مما مكنهم من التجسس على المكالمات والرسائل والصور والملفات، بل وحتى تفعيل الكاميرا والميكروفون للتجسس الحي على المستخدمين دون علمهم.

وقد تم توزيع هذا التطبيق سرًا بين الضباط عبر قناة على “تلغرام”، واستُخدمت شهادات أمنية مزورة لتوقيعه، في عملية وُصفت بأنها “كمن يرتدي زي شرطة مزيف للتسلل عبر الأمن”.

 وقد جمع هذا الهجوم بين عنصرين قاتلين: “الخداع النفسي (التصيد الاحتيالي) والتجسس الإلكتروني المتقدم (SpyMax)”، مما أدى إلى تحويل الهواتف الذكية إلى “أدوات فتاكة ضد قوة عسكرية نظامية آنذاك”.

كانت تداعيات هذا الاختراق السيبراني كارثية على الجيش السوري. فبفضل البيانات المجمعة، تمكنت فصائل المعارضة من شن هجمات دقيقة على المواقع المكشوفة، وقطع الإمدادات عن الوحدات المعزولة، وحتى التشويش على أوامر القيادة بإرسال تعليمات متضاربة. 

يُرجح أن هذه البيانات قد استُخدمت أيضًا في استهداف غرفة العمليات العسكرية في حلب، مما عجل بانهيار خط الدفاع الأول للنظام. 

ورغم أن الأطراف المنفذة للهجوم ما زالت مجهولة، إلا أن هذا التطبيق أو بالأحرى”حصان طروادة السوري” كان عاملًا جوهريًا في فهم أسباب انهيار النظام من الداخل، وكشف عن دور التجسس السيبراني كبعد جديد وحاسم في الحروب الحديثة.