“ناسا” تجدد الاتهامات للصين بخصوص تأثيرها على تغير سرعة دوران الأرض

“ناسا” تجدد الاتهامات للصين بخصوص تأثيرها على تغير سرعة دوران الأرض

أكدت وكالة “ناسا” للفضاء أن مشروع سد الممرات الثلاثة الضخم في الصين يؤثر بشك عزنل طفيف على دوران الأرض، مما يثير مخاوف بيئية عالمية. يُعد هذا السد، الواقع على نهر اليانغتسي، أكبر سد لتوليد ا، لطاقة الكهرومائية في العالم، ويرمز إلى البراعة الهندسية الصينية، وفقًا لموقع “ساستينابيليتي-تايمز”.

ومع ذلك، تشير الدراسات إلى أن الكتلة الهائلة للمياه المخزنة في خزان السزد، والتي تبلغ حوالي 40 كيلومترًا مكعبًا (10.6 تريليونات جالون)، قد تؤدي إلى تغييرات دقيقة في دوران الأرض، مما يؤثر على التوازن الطبيعي للكوكب.

سد الممرات الثلاثة، الذي اكتمل بناؤه عام 2006، يمتد بطول 2.3 كيلومتر ويرتفع 183 مترًا فوق قاع نهر اليانغتسي، وهو ثالث أطول أنهار العالم. يهدف السد إلى توليد الكهرباء وإدارة الموارد المائية، لكنه أثار نقاشات حول تأثيره البيئي. فعندما يمتلئ الخزان بسعته القصوى، يمكن أن يتسبب في إطالة اليوم بمقدار 0.06 ميكروثانية، ويؤدي إلى تغيير طفيف في شكل الأرض، مما يجعلها أكثر استدارة عند خط الاستواء وأكثر تسطحًا عند القطبين. هذه التغييرات، وإن كانت طفيفة، تبرز الدقة الهائلة للأنظمة الكوكبية.

تشير “ناسا” إلى أن الأنشطة البشرية، مثل بناء منشآت ضخمة كسد الممرات الثلاثة، قد تؤدي إلى عواقب غير متوقعة تتجاوز نطاقها المحلي. يوضح الدكتور بنجامين فونغ تشاو من مركز جودارد لرحلات الفضاء أن حتى الأفعال البسيطة قد تؤثر على ديناميكيات الأرض. وبالتالي، فإن هذا السد، رغم أنه يلبي 3% فقط من احتياجات الصين من الطاقة، يبرز كمثال على كيفية تأثير التدخلات البشرية على التوازن الدقيق للكوكب. 

وتؤكد الدراسات أن هذا التأثير، وإن كان ضئيلًا، يمكن قياسه باستخدام أدوات حديثة، مما يعكس قدرة الإنسان على التأثير على العمليات الكوكبية.

التأثيرات البيئية والاجتماعية للسد

إلى جانب تأثيره على دوران الأرض، أثار سد الممرات الثلاثة جدلًا واسعًا بسبب آثاره البيئية والاجتماعية. فقد تسبب السد في إغراق مساحة تزيد عن 632 كيلومترًا مربعًا من الأراضي، مما أدى إلى تهجير أكثر من 1.3 مليون شخص من منازلهم. 

كما أثرت العملية على النظم البيئية المحلية، حيث هددت التنوع البيولوجي في المنطقة، بما في ذلك أنواع نادرة مثل سمك الحفش الصيني، الذي أُعلن انقراضه رسميًا في عام 2022. 

وتشير التقارير إلى أن الخزان الضخم قد غير المناخ المحلي وزاد من مخاطر الانهيارات الأرضية وتلوث المياه، مما يثير تساؤلات حول التوازن بين الفوائد الهندسية والتكاليف البيئية.

دور التغيرات الطبيعية والبشرية في ديناميكيات الأرض

لا يقتصر تأثير سد الممرات الثلاثة على دوران الأرض وحده، بل يندرج ضمن سياق أوسع من التغيرات التي تؤثر على الكوكب. 

فعلى سبيل المثال، أظهرت دراسات “ناسا” أن الزلازل الكبرى، مثل زلزال المحيط الهندي عام 2004، يمكن أن تؤثر على دوران الأرض بشكل أكبر، حيث قلص ذلك الزلزال طول اليوم بمقدار 2.68 ميكروثانية.

 كما أن التغيرات المناخية، مثل ذوبان الجليد القطبي وارتفاع مستوى البحار، تسهم في إعادة توزيع كتلة الأرض، مما يؤدي إلى تباطؤ طفيف في الدوران. هذه التغييرات، رغم صغرها، تبرز الحاجة إلى دراسات مستمرة لتقييم تأثير الأنشطة البشرية على استقرار الكوكب.

التحديات المستقبلية والمسؤولية البيئية

مع استمرار البشرية في بناء مشاريع ضخمة مثل سد الممرات الثلاثة، يصبح من الضروري تقييم الآثار بعيدة المدى لهذه المشاريع. تشير التقارير العلمية إلى أن التغييرات الناتجة عن السد، مثل تحريك محور الأرض بحوالي 2 سنتيمتر، قد تبدو ضئيلة، لكنها تتراكم مع تأثيرات أخرى مثل استخراج المياه الجوفية وتغير المناخ. 

وتدعو هذه النتائج إلى ضرورة تبني نهج أكثر مسؤولية في التخطيط الهندسي، مع الأخذ في الاعتبار التأثيرات الكوكبية المحتملة.

ويُعتبر سد الممرات الثلاثة نموذجًا للابتكار التكنولوجي، حيث يولد ما يقارب 22،500 ميغاواط من الطاقة الكهرومائية، مما يساهم في تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري في الصين. ومع ذلك، فإن هذا الإنجاز يأتي مع تحديات كبيرة. 

فقد أشارت دراسات إلى أن السد قد يؤدي إلى تغييرات في أنماط الطقس المحلية، مما يؤثر على الزراعة والمجتمعات المحيطة.

 وتؤكد “ناسا” أن هذه التغييرات، إلى جانب التأثير على دوران الأرض، تتطلب مراقبة دقيقة ومستمرة باستخدام تقنيات متطورة مثل القياسات الجيوديسية والأقمار الصناعية.

التخطيط المستدام للمستقبل

وقالت ناسا إن تأثير مشاريع مثل سد الممرات الثلاثة يدفع العلماء والمهندسين إلى التفكير في كيفية تصميم البنى التحتية المستقبلية بطريقة مستدامة. 

على سبيل المثال، يُمكن استخدام تقنيات محاكاة متقدمة لتقييم التأثيرات البيئية قبل البدء في المشاريع الكبرى. 

كما يُشدد على أهمية التعاون الدولي لتبادل المعرفة حول تأثيرات مثل هذه المشاريع على الكوكب. 

وفي هذا السياق، تُبرز تجربة السد أهمية إشراك المجتمعات المحلية في عمليات التخطيط لضمان تحقيق التوازن بين التنمية والحفاظ على البيئة.

أهمية البحث العلمي المستمر

تُظهر دراسات “ناسا” حول سد الممرات الثلاثة أهمية البحث العلمي في فهم التأثيرات طويلة المدى للأنشطة البشرية. 

من خلال أدوات مثل القياسات الزلزالية ومراقبة دوران الأرض، يمكن للعلماء تتبع التغييرات الدقيقة التي تحدث على مستوى الكوكب.

 وتدعو هذه الدراسات إلى زيادة الاستثمار في الأبحاث التي تركز على التربة، ودوران الأرض ووتيرة مرور الزمن دون تأثيرات بشرية.