زيادة حركة السفر في البحر الأحمر تُظهر قدرة مصر على مواجهة التحديات

زيادة حركة السفر في البحر الأحمر تُظهر قدرة مصر على مواجهة التحديات

شهدت منطقة البحر الأحمر في مصر انتعاشًا سياحيًا ملحوظًا في الآونة الأخيرة، وهو تطور إيجابي للغاية بالنظر إلى التحديات الجيوسياسية المعقدة التي تشهدها المنطقة. 

وذكرت مجلة “ترافل ناو” المتخصصة في شؤون السياحة والسفر، أن هذا الانتعاش يؤكد مكانة المنطقة كواحدة من أهم الوجهات السياحية العالمية، حيث استقبلت مدن مثل الغردقة ومرسى علم أعدادًا كبيرة من السياح، خاصة خلال إجازة عيد الأضحى المبارك، واللافت للنظر هو التنوع في جنسيات الزوار، مع تصدر ألمانيا، إيطاليا، وفرنسا قائمة الدول التي يفد منها السائحون، مما يشير إلى ثقة دولية واسعة تتمتع بها مصر من قبل القادمين من تلك الدول.

مصر: وجهة آمنة ومستقرة رغم التقلبات الإقليمية
ما يعزز هذا الانتعاش هو الثقة المتزايدة في مصر كوجهة سياحية آمنة ومستقرة، حتى في ظل التداعيات الإقليمية التي تلت أحداث 7 أكتوبر 2023. فبينما تأثرت بعض الوجهات السياحية في المنطقة بشكل مباشر، حافظت مدن البحر الأحمر على جاذبيتها. ووصلت نسب الإشغال الفندقي في بعض الفنادق إلى 100%، وهو ما يدل على أن السياح يختارون مصر على الرغم من أي مخاوف إقليمية. هذا يعكس وعي السياح بأن مصر ليست طرفًا مباشرًا في الصراع، وأن وجهاتها السياحية، خاصة على البحر الأحمر، تتمتع بدرجة عالية من الأمان والاستقرار.

تأتي هذه النتائج الإيجابية ثمرة لجهود مكثفة تبذلها وزارة السياحة، والتي تشمل المشاركة الفعالة في المعارض السياحية الدولية والترويج المستمر لمقومات مصر السياحية الفريدة. وهذا الترويج لا يركز فقط على الشواطئ الساحرة والمواقع التاريخية، بل يسلط الضوء أيضًا على الإجراءات الأمنية الصارمة التي تضمن سلامة الزوار، مما يعزز من جاذبية مصر كوجهة سياحية شاملة وموثوقة. وقد عملت الوزارة على تعزيز مفهوم “المرونة” في القطاع السياحي المصري، لتجاوز التحديات والصدمات الإقليمية، مما ساعد على التعافي السريع في معدلات الزوار بعد فترة صعبة شهدت فيها بعض الإلغاءات في الحجوزات، خاصة في الوجهات القريبة من مناطق التوتر.

البنية التحتية السياحية المتطورة: ركيزة أساسية للازدهار
لا يمكن فصل الانتعاش السياحي الذي تشهده منطقة البحر الأحمر عن الاستثمارات الكبيرة في البنية التحتية السياحية التي شهدتها المنطقة على مدى السنوات الماضية. لقد أدت هذه الاستثمارات إلى تطوير شامل للخدمات والمرافق التي تلبي احتياجات وتوقعات السياح من مختلف المستويات.

تشمل هذه البنية التحتية المتطورة:

المطارات الدولية الحديثة: مطارات الغردقة ومرسى علم، على سبيل المثال، تم تطويرها وتجهيزها لاستقبال أعداد متزايدة من الرحلات الجوية الدولية المباشرة، مما يسهل وصول السياح إلى المنطقة.

الفنادق والمنتجعات الفاخرة: المنطقة تزخر بمجموعة واسعة من الفنادق والمنتجعات التي تتنوع بين الفئات الاقتصادية والفاخرة، وتقدم خدمات عالية الجودة ومرافق ترفيهية متكاملة، مثل المنتجعات الشاملة التي تجذب العائلات ومحبي الرياضات المائية.

المراكز الترفيهية والتجارية: تم إنشاء العديد من المراكز الترفيهية والأسواق الحديثة التي توفر تجربة تسوق وترفيه متكاملة للسياح، مما يساهم في إطالة فترة إقامتهم وزيادة إنفاقهم.

البنية التحتية البحرية: تطوير الموانئ والمراسي البحرية لاستقبال اليخوت والسفن السياحية، بالإضافة إلى تسهيل أنشطة الغوص والرياضات المائية الأخرى التي تشتهر بها المنطقة بفضل شعابها المرجانية الغنية.

شبكات الطرق والمرافق اللوجستية: تحسين شبكة الطرق التي تربط المدن السياحية ببعضها وبالمدن الرئيسية الأخرى، وتطوير البنية التحتية اللوجستية لضمان سلاسة حركة الإمدادات والخدمات.

هذه التجهيزات المتكاملة تجعل تجربة السائح في البحر الأحمر مريحة وممتعة، وتساهم بشكل مباشر في تعزيز جاذبية المنطقة وقدرتها على استيعاب الأعداد المتزايدة من الزوار. إن الاهتمام بتطوير البنية التحتية، جنبًا إلى جنب مع الجهود الترويجية والتدابير الأمنية، يشكل دعامة أساسية للنمو المستدام للقطاع السياحي في مصر.

البحر الأحمر: مركز استراتيجي واقتصادي في المشهد الجيوسياسي
واختتمت المجلة تقريرها بالقول: “تتجاوز أهمية البحر الأحمر الجانب السياحي لتشمل أبعادًا جيوسياسية واقتصادية عميقة. فالمنطقة تُعد شريانًا بحريًا حيويًا للتجارة العالمية ومحورًا استراتيجيًا للعديد من القوى الكبرى. وقد كان هذا المحور هو موضوع مؤتمر دولي عُقد مؤخرًا في مايو 2025، بمشاركة باحثين من مركز بيجن-السادات للدراسات الاستراتيجية ومعهد الأبحاث الألماني (ISPK)، وركز المؤتمر على تحليل التحديات الاستراتيجية ودور اللاعبين الرئيسيين مثل الولايات المتحدة والهند، والصين في هذه المنطقة الحيوية، وتجدر الإشارة إلى أن هذا التركيز الدولي يؤكد على الأهمية المتزايدة للبحر الأحمر كبؤرة للتفاعلات الجيوسياسية العالمية.