تواصل تبعات أحداث لوس أنجلوس وتعزيز وجود الحرس الوطني في ظل تصاعد الانقسامات الاجتماعيّة

في اليوم الرابع من الاحتجاجات في لوس أنجلوس، شهدت المدينة مواجهات متقطعة بين المتظاهرين والشرطة، واستخدمت الشرطة أسلحة “أقل فتكًا” مثل قنابل الصوت والغاز المسيل للدموع وقذائف الفلفل لتفريق المتظاهرين بعد رشق قوات الشرطة بالبيض.
وفقًا لتقرير سي إن إن بتاريخ 10 يونيو 2025، اقتصرت الأضرار على جزء من وسط المدينة، بينما استمرت بقية المدينة في العمل بشكل طبيعي. ومع ذلك، أشار مراسلو سي إن إن إلى أن مستوى التخريب، بما في ذلك الكتابات على الجدران، كان أعلى من الاحتجاجات السابقة، مما يعكس تصاعد الغضب تجاه عمليات إنفاذ قوانين الهجرة.
ردود فعل دولية وتضامن عابر للحدود
امتدت ردود الفعل على الاضطرابات إلى خارج الولايات المتحدة، حيث نظم متظاهرون مؤيدون للمهاجرين في مكسيكو سيتي مظاهرة أمام السفارة الأمريكية يوم الإثنين، مطالبين بوقف مداهمات الهجرة عبر الحدود. وأفادت رويترز أن المتظاهرين لوحوا بالأعلام المكسيكية والأمريكية وأحرقوا دمية تشبه الرئيس ترامب. وأكد الناشط أليخاندرو مارينيرو من منظمة أزتلان المهاجرة أن سياسة الهجرة ليست قضية حزبية بل طبقية، تهدف إلى تقسيم المجتمعات واستغلالها. في أستراليا، أعرب رئيس الوزراء أنتوني ألبانيز عن استيائه من إصابة الصحفية الأسترالية لورين توماسي بقذيفة تحكم بالحشود أثناء بث مباشر في لوس أنجلوس، واصفًا اللقطات بـ”المروعة”، وفقًا لصحيفة نيويورك تايمز.
الأبعاد القانونية والدستورية
تستند دعوى كاليفورنيا ضد إدارة ترامب إلى قانونين تاريخيين: التعديل العاشر للدستور، الذي يحتفظ بالسلطات غير الممنوحة للحكومة الفيدرالية للولايات، وقانون بوسي كوميتاتوس لعام 1878، الذي يحظر استخدام الجيش في إنفاذ القوانين المحلية ما لم يصرح به الكونجرس أو الدستور. وفقًا لشبكة سي إن إن الإخبارية، تجادل الدعوى بأن نشر الحرس الوطني ومشاة البحرية ينتهك سيادة كاليفورنيا، حيث لم يتم “تفويض” الحرس الوطني بشكل صحيح. وأشار خبراء قانونيون، مثل كوري شاك من معهد أمريكان إنتربرايز، إلى أن الإدارة تختبر نظرية قانونية جديدة تهدف إلى التحايل على القيود المفروضة على استخدام الجيش محليًا، وهو ما وصفته بـ”المسعى الخطير”.
ديناميكيات الاحتجاج وانقسام المتظاهرين
كشفت تقارير سي إن إن عن وجود انقسام بين المتظاهرين في لوس أنجلوس، حيث ضمت الاحتجاجات مواطنين تقدميين يدافعون عن حقوق المهاجرين غير المسجلين، إلى جانب مجموعات أخرى وصفتها السلطات بـ”المحترفين في الشغب”، الذين يسعون لمواجهات مع الشرطة. وأشار محللون استخباراتيون إلى أن بعض هؤلاء ينتمون إلى جماعات مثل أنتيفا أو الأناركيين، الذين يستغلون الفوضى لأغراضهم. وأكد ستيف مور، مساهم في سي إن إن ووكيل سابق في مكتب التحقييقات الفيدرالي، أن السلطات الفيدرالية تستخدم تقنيات متقدمة لتحديد هوية المتورطين في أعمال العنف، حتى مع ارتدائهم أقنعة، من خلال مقاطع فيديو تظهرهم وهم يخلعونها.
تأثير الاحتجاجات على الصناعات المحلية
تأثرت شركة وايمو، التي تدير سيارات الأجرة ذاتية القيادة، بشكل مباشر بالاحتجاجات، حيث أضرم المتظاهرون النار في خمس من مركباتها في وسط لوس أنجلوس يوم الأحد، مما أدى إلى إطلاق أدخنة ربما تكون سامة، وفقًا لتحذيرات الشرطة. ونتيجة لذلك، علقت وايمو خدماتها في وسط لوس أنجلوس بالتنسيق مع شرطة المدينة، كما قلصت خدماتها في سان فرانسيسكو تحسبًا لاحتجاجات محتملة، وفقًا لـ نيويورك تايمز بتاريخ 9 يونيو 2025. واعتبرت الناشطة إليز جوشي في سان فرانسيسكو أن استهداف سيارات وايمو يرمز إلى مقاومة العلاقات بين صناعة التكنولوجيا وإدارة ترامب، مشيرة إلى أن هذه المركبات “خالية من الإنسانية”.
الخطاب السياسي واستفحال الاستقطاب
أثار خطاب ترامب، الذي وصف المتظاهرين بـ”المتمردين” واقترح اعتقال الحاكم نيوسوم، انتقادات حادة من الديمقراطيين، الذين رأوا فيه محاولة لتعزيز السلطة التنفيذية. وأشار النائب جون جارامندي في مقابلة مع سي إن إن إلى أن تصرفات ترامب تعكس رغبته في “التظاهر بأنه ملك الأمة”، محذرًا من تأثير المداهمات على العائلات العاملة. في المقابل، دافع ستيفن بانون، المستشار السابق لترامب، عن الاستجابة العسكرية، معتبرًا أنها “ذكية” وتتماشى مع التفويض الشعبي الذي حصل عليه ترامب في الانتخابات الأخيرة، وفقًا لـ نيويورك تايمز.
السياق التاريخي والمخاوف من السلطوية
يثير نشر القوات العسكرية في لوس أنجلوس مخاوف من تكرار سيناريوهات تاريخية استخدمت فيها القوة العسكرية لقمع الاحتجاجات، مثل احتجاجات فيتنام أو حركة الحقوق المدنية. ومع تصاعد التوترات، يحذر المحللون من أن استمرار التصعيد قد يؤدي إلى أزمة وطنية، خاصة إذا استغل ترامب الاضطرابات لتبرير فرض قوانين طوارئ مثل قانون التمرد لعام 1807. ويشير تقرير نيويورك تايمز إلى أن هذه الخطوة قد تكون جزءًا من استراتيجية أوسع لتعزيز السلطة التنفيذية، مما يثير تساؤلات حول حدود الديمقراطية في مواجهة الأزمات.
تعزيز استجابة إنفاذ القانون الإقليمي في لوس أنجلوس لمعالجة اضطرابات يونيو 2025
في 9 يونيو 2025، أعلن حاكم كاليفورنيا جافن نيوسوم عن تعزيز دعم إنفاذ القانون الإقليمي في لوس أنجلوس ردًا على الاضطرابات الناجمة عن الإجراءات الفيدرالية، التي سماها “فوضى ترامب”، بما في ذلك التفويض غير القانوني للحرس الوطني من قبل الرئيس ترامب، والذي أثار احتجاجات واسعة النطاق. يشمل الدعم نشر أكثر من 800 ضابط إضافي من شرطة الطرق في كاليفورنيا (CHP) ووكالات إنفاذ القانون المحلية، بالإضافة إلى تفعيل مركز العمليات الحكومية لضمان التنسيق المستمر.
تفاصيل الاستجابة: دور شرطة الطرق السريعة: يتم نشر خمس فرق استجابة خاصة من CHP، تضم حوالي 400 ضابط، لدعم شرطة لوس أنجلوس (LAPD). كما تم تفعيل تنبيه تكتيكي إقليمي يوفر أكثر من 250 ضابطًا إضافيًا لتأمين الطرق السريعة.
المساعدة المتبادلة: طلبت إدارة شريف مقاطعة لوس أنجلوس مساعدة من وكالات إنفاذ القانون المجاورة، بما في ذلك 20 نائبًا من مقاطعة سان برناردينو، 83 من مقاطعة أورانج، 32 من مقاطعة سانتا باربارا، 44 من مقاطعة فينتورا، و80 ضابطًا من وكالات الشرطة البلدية داخل مقاطعة لوس أنجلوس. كما قدمت إدارة الشريف أكثر من 200 نائب لدعم LAPD.
تصريحات المسؤولين: أكد نيوسوم أن “الفوضى هي ما أراده ترامب”، مشددًا على التعاون بين القادة المحليين والحكوميين لضمان السلامة. وأشادت رئيسة بلدية لوس أنجلوس كارين باس باتفاق المساعدة المتبادلة القوي في كاليفورنيا، بينما شدد مفوض CHP شون دوري على التزام الوكالة باستعادة الهدوء. وحذر مدعي عام مقاطعة لوس أنجلوس ناثان هوكمان من أن أولئك الذين يرتكبون أعمال تخريب أو عنف سيواجهون الملاحقة القانونية الكاملة.
الوضع الحالي للحرس الوطني: من أصل 2000 عضو من الحرس الوطني الذين تم تفويضهم فيدراليًا، يوجد حوالي 300 فقط على الأرض في لوس أنجلوس، بينما ينتظر الباقون الأوامر. وأشار رئيس شرطة لوس أنجلوس جيم ماكدونيل إلى أن الجهود المشتركة تهدف إلى الحفاظ على السلامة العامة، مع استمرار التحقيقات في أعمال التخريب والعنف، حيث تم تسجيل ما لا يقل عن 40 اعتقالًا حتى الآن.
دعوة للسلام: شدد المسؤولون على أهمية الاحتجاجات السلمية، مؤكدين أن حق التعبير محمي، لكن العنف والتخريب لن يتم التسامح معهما. وأشار نيوسوم إلى أن كاليفورنيا تعمل على “تنظيف فوضى ترامب” من خلال نهج تعاوني يركز على خفض التصعيد وحماية المجتمعات، وفقًا لموقع حاكم كاليفورنيا على الإنترنت.