في خضم معركة لوس أنجلوس… استراتيجيات لانتشار الاحتجاجات في مختلف أنحاء الولايات المتحدة

في خضم معركة لوس أنجلوس… استراتيجيات لانتشار الاحتجاجات في مختلف أنحاء الولايات المتحدة

يتوقع أن تشهد الولايات المتحدة أكثر من 1500 مظاهرة تحت شعار “يوم لا للملوك” في نهاية هذا الأسبوع، وذلك احتجاجًا على إدارة الرئيس دونالد ترامب، بالتزامن مع عرض عسكري يخطط له ترامب في واشنطن العاصمة للاحتفال بالذكرى الـ250 لتأسيس الجيش الأمريكي. 

تأتي هذه الاحتجاجات، التي تنظمها منظمة “إنديفيزيبل” التقدمية، كرد فعل على ما يعتبره المنظمون تصرفات غير ديمقراطية من قبل إدارة ترامب، بما في ذلك استخدام القوة العسكرية لقمع مظاهرات سلمية في لوس أنجلوس تتعلق بقضايا الهجرة. 

وقد أثار قرار ترامب بتفعيل الحرس الوطني في لوس أنجلوس، على الرغم من معارضة حاكم ولاية كاليفورنيا غافن نيوسوم، موجة واسعة من الانتقادات من قبل السياسيين الديمقراطيين والمنظمات الحقوقية، حيث اعتبروا هذه الخطوة استغلالًا غير مسبوق للسلطة الرئاسية. وقد تصاعد الوضع بإرسال المزيد من القوات العسكرية إلى المدينة، مما زاد من حدة التوترات، وفقًا لمجلة “تايم” الأمريكية.
 

تتواصل الاحتجاجات في جميع أنحاء الولايات المتحدة تحت شعار “لا عروش، لا تيجان، لا ملوك”، حيث تسعى لرفض ما يراه المنظمون توجهات استبدادية من قبل إدارة ترامب. 

وتأتي هذه المظاهرات بعد أيام من الاحتجاجات في لوس أنجلوس ضد مداهمات إدارة الهجرة والجمارك التي استهدفت المهاجرين غير الشرعيين. وقد أثارت هذه المداهمات غضبًا واسعًا، خاصة بعد قرار ترامب بإرسال قوات الحرس الوطني والمشاة البحرية للسيطرة على الوضع، في خطوة وصفتها منظمات حقوقية بأنها محاولة لترهيب المحتجين. 

ويؤكد منظمو “يوم لا للملوك” أن هذه الاحتجاجات تهدف إلى إظهار قوة الديمقراطية ورفض أي محاولات لفرض سلطة مطلقة، مشيرين إلى أن الشعب الأمريكي لن يقبل بما يرونه تراجعًا عن القيم الديمقراطية التي تأسست عليها الولايات المتحدة.

اختار المنظمون عدم تنظيم مظاهرات في واشنطن العاصمة، حيث يقام العرض العسكري، لتسليط الضوء على الاحتجاجات في المدن والمناطق الأخرى، مما يعكس استراتيجيتهم في جعل الاحتجاجات هي محور الأحداث بدلًا من العرض العسكري نفسه.

 ويأتي هذا القرار في ظل تصريحات ترامب التي حذر فيها المحتجين المحتملين في واشنطن من أنهم سيواجهون “قوة كبيرة جدًا”، وهي تصريحات أثارت المزيد من الجدل حول نهجه في التعامل مع حرية التعبير. 

ومع تصاعد التوترات، يبدو أن هذه الاحتجاجات لن تكون مجرد رد فعل على سياسات الهجرة، بل تعبيرًا أوسع عن رفض ما يراه الكثيرون محاولات لتقويض المبادئ الديمقراطية في البلاد. 

ومن المتوقع أن تكون هذه المظاهرات إحدى أكبر الفعاليات الاحتجاجية في السنوات الأخيرة، مع مشاركة واسعة من مختلف الشرائح الاجتماعية والسياسية التي تتشارك في الهدف ذاته: حماية الديمقراطية الأمريكية.

تتوقع المنظمات المناهضة لسياسات ترامب أن تشهد الاحتجاجات مشاركة غير مسبوقة من قبل النشطاء والمواطنين العاديين على حد سواء، حيث أعلنت منظمة “إنديفيزيبل” عن تنسيق جهودها مع أكثر من 200 منظمة محلية ووطنية لضمان تنظيم المظاهرات بشكل سلمي وفعال. 

وتشمل الخطط إقامة فعاليات ثقافية وفنية موازية، مثل العروض الموسيقية والمعارض الفنية التي تهدف إلى تعزيز رسالة الاحتجاج بطرق إبداعية، مع التركيز على إشراك الشباب والمجتمعات المهمشة. 

كما أطلقت حملات توعية عبر وسائل التواصل الاجتماعي تحت هاشتاج NoKingsDay  لتعبئة الدعم ونشر الوعي حول أهداف الاحتجاجات، مما يعكس استراتيجية متكاملة لتعزيز التأثير الشعبي لهذه الحركة.

في الوقت نفسه، أثارت الاحتجاجات مخاوف من تصعيد محتمل في المدن الكبرى، حيث أعلنت بعض الولايات عن تعزيز الإجراءات الأمنية تحسبًا لأي مواجهات. 

وقد أكدت منظمات حقوقية، مثل الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية، أنها ستراقب عن كثب أي محاولات لتقييد حرية التجمع أو استخدام القوة المفرطة ضد المحتجين. 

وفي رد على تصريحات ترامب المتعلقة بـ”القوة الكبيرة”، أصدرت هذه المنظمات بيانات تدعو إلى حماية الحقوق الدستورية، مشددة على أن أي محاولة لقمع الاحتجاجات ستكون بمثابة انتهاك صارخ للدستور الأمريكي. 

ويبدو أن هذه الاحتجاجات ستكون اختبارًا حاسمًا لمرونة النظام الديمقراطي في مواجهة التوترات السياسية المتزايدة.

على المستوى الدولي، لاقت الاحتجاجات اهتمامًا واسعًا، حيث أعربت منظمات حقوق الإنسان ووسائل إعلام عالمية عن قلقها إزاء تصاعد التوترات في الولايات المتحدة.

 واعتبرت بعض التقارير أن هذه المظاهرات قد تكون مؤشرًا على تحول أعمق في المشهد السياسي الأمريكي، حيث يسعى المواطنون إلى استعادة السيطرة على السرد السياسي في مواجهة ما يرونه استبدادًا متزايدًا.

 ومع اقتراب موعد “يوم لا للملوك”، يتوقع المحللون أن تكون هذه الاحتجاجات نقطة تحول في النقاش حول مستقبل الديمقراطية في أمريكا، مع تأثيرات محتملة على الانتخابات المقبلة والسياسات العامة.