استعدادات أمريكية في المنطقة تشير إلى “احتمال المواجهة”.. وإيران تعتبره غير مهدد.

ذكر مسؤول أمريكي أن وزير الدفاع بيت هيجسيث أصدر الإذن بالمغادرة الطوعية لأفراد أسر العسكريين الأمريكيين من مواقع في الشرق الأوسط، خاصة في البحرين حيث يقيم معظمهم. وفي المقابل، قال مسؤول أمني إيراني كبير لقناة “برس تي.في” الإيرانية، صباح اليوم الخميس إن مغادرة الموظفين الأمريكيين لا تشكل تهديدًا، رغم مخاوف من أن إجلاء الأفراد غير الأساسيين قد يمهد لتصعيد إقليمي. ونصحت السفارة الأمريكية في بغداد الخميس المواطنين الأمريكيين بعدم السفر إلى العراق.
ووفقًا لصحيفة الإندبندنت البريطانية، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أمس الأربعاء، أن إدارته تنقل موظفين من الشرق الأوسط بسبب التوترات مع إيران، مشددًا على أن طهران “لا يمكنها امتلاك سلاح نووي”. وخلال حضوره عرضًا لفيلم “البؤساء” في مركز كينيدي بواشنطن، قال ترامب للصحفيين إن النقل يجري “لأن المنطقة قد تكون خطرة”. وعند سؤاله عن سبب السماح لأسر العسكريين بالمغادرة، رد قائلًا: “سوف ترون”.
وصرح نائب الرئيس جي دي فانس، الأربعاء، بأنه لا يعرف إن كانت إيران ترغب في امتلاك سلاح نووي، وسط تعثر محادثات طهران وواشنطن حول البرنامج النووي. ونقل موقع “أكسيوس” عن مسؤول أمريكي أن المبعوث ستيف ويتكوف سيلتقي وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في مسقط الأحد؛ لمناقشة رد طهران على المقترح الأمريكي الأخير.
وأرجأ قائد القوات الأمريكية في الشرق الأوسط الجنرال مايكل “إريك” كوريلا شهادته أمام مجلس الشيوخ الخميس بسبب التوترات. وتعتزم الولايات المتحدة تقليص عدد موظفي سفارتها في بغداد لأسباب أمنية، بحسب مسؤولين لـ”وكالة الصحافة الفرنسية” الأربعاء، بعد تهديد إيران باستهداف القواعد الأمريكية إذا اندلع نزاع.
وهددت إيران الأربعاء باستهداف القواعد الأمريكية إذا وقع صراع، بينما يستعد البلدان لجولة جديدة من المحادثات النووية وسط خلافات حول تخصيب اليورانيوم. وقال مسؤول أمريكي لـ”وكالة الصحافة الفرنسية” إن ترامب ملتزم بحماية الأمريكيين، مضيفًا: “بناءً على تحليلاتنا، قررنا تقليص حجم بعثتنا في العراق”. وأكد مسؤول أمني عراقي سحب موظفين غير أساسيين من السفارة كإجراء احترازي، مشيرًا إلى التواصل مع فصائل موالية لإيران لمنع الاستهداف.
وقال مسؤول أمريكي إن إخلاء السفارة في بغداد سيتم عبر النقل التجاري، مع استعداد الجيش للمساعدة إذا لزم الأمر. ونقلت وكالة الأنباء العراقية عن مصدر حكومي أن بغداد لم ترصد أحداثًا أمنية تستدعي الإخلاء.
وأكدت السفارة الأمريكية في الكويت أنها لم تغير عدد موظفيها وتعمل بكامل طاقتها، بينما لم تتغير العمليات في قاعدة العديد الجوية في قطر، ولم تصدر أوامر إجلاء للأفراد أو عائلاتهم.
منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل و”حماس” في غزة أكتوبر 2023، تبنت فصائل عراقية موالية لإيران هجمات صاروخية وطائرات مسيرة على مواقع أمريكية في العراق وسوريا ضمن التحالف الدولي ضد “داعش”. ورغم ذلك، حافظ العراق على استقرار نسبي بعيدًا عن تداعيات الحرب الإقليمية.
وقالت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية الأربعاء إن التوترات في الشرق الأوسط قد تؤدي إلى تصعيد عسكري يؤثر على الملاحة في الممرات المائية الرئيسية، مثل الخليج العربي وخليج عمان ومضيق هرمز، التي تمر عبرها تجارة النفط والسلع الأساسية.
ونصحت الهيئة السفن بالحذر دون تحديد طبيعة التهديدات. وقالت شركة “أمبري” البريطانية للأمن البحري إن الشحن المرتبط بإسرائيل معرض لمخاطر متزايدة من عمل عسكري متبادل، مضيفة أن الدعم الأمريكي لهجوم إسرائيلي قد يزيد المخاطر على الشحن الأمريكي.
في العام الماضي، أطلقت إيران مئات الصواريخ والطائرات المسيرة على إسرائيل، التي ردت بغارات جوية على أهداف إيرانية. وقال ياكوب لارسن، مسؤول السلامة في مجلس الملاحة البحرية، إن أي هجوم قد يتصاعد ويؤثر على الملاحة، مشيرًا إلى أن صراعًا شاملًا بين إسرائيل والولايات المتحدة ضد إيران سيؤدي لإغلاق مضيق هرمز مؤقتًا، مما سيرفع أسعار النفط.
إيران بين التفاوض الثنائي والتنازلات المدروسة
ودفع اشتراط واشنطن تفكيك أنشطة تخصيب اليورانيوم في إيران المرشد الأعلى علي خامنئي للرفض، معتبرًا هذه الأنشطة تعبيرًا عن المصالح الوطنية والكرامة الإيرانية. رغم تصاعد الخطاب بين واشنطن وطهران حول تخصيب اليورانيوم، أعلن الطرفان موعد الجولة السادسة من المفاوضات غير المباشرة في مسقط الأحد المقبل، وسط ضغوط ثلاثية على إيران دون دفعها للخروج من المسار التفاوضي الذي تسعى من خلاله لتخفيف الضغط الاقتصادي.
وتتمثل الضغوط في اشتراط واشنطن تفكيك التخصيب، وتهديد الترويكا الأوروبية (فرنسا، ألمانيا، بريطانيا) بتفعيل “آلية الزناد” في مجلس الأمن لإعادة العقوبات، وتقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي وصفته طهران بالسلبي. هذا التقرير، الذي ناقشه مجلس حكام الوكالة من 9 إلى 13 يونيو، يتضمن مشروع قرار أمريكي-أوروبي يدين إيران، ويُستخدم كأداة تفاوض واختبار لقدرة روسيا والصين على منع إحالة الملف لمجلس الأمن.
وتواجه إيران تحدي التعامل مع هذه الضغوط دون رد فعل متسرع، سواء بالانسحاب من المفاوضات أو تعطيل تفتيش الوكالة الدولية أو رفع مستوى التخصيب، خاصة مع استنفار إسرائيل لاستهداف برنامجها النووي. رغم تمسك الطرفين بالمفاوضات بوساطة عمان، فإن حديث واشنطن عن “تصفير التخصيب” قلل ثقة إيران بإمكانية التوصل لتفاهم، مما قد يدفعها لإعادة تقييم نهجها التفاوضي.
وتعتقد إيران أن واشنطن والغرب يسعون لإضعافها عبر العقوبات والتهديد العسكري لإجبارها على التخلي عن التخصيب، تمهيدًا لتفكيك قدراتها الصاروخية ونفوذها الإقليمي.
ولم تعلن إيران موقفًا واضحًا من مبادرة ترامب لإشراك روسيا في المفاوضات، خشية العودة لتفاوض متعدد الأطراف يعيد الترويكا الأوروبية وإسرائيل للطاولة، أو استغلال روسيا لعلاقتها مع إيران في مفاوضات أوكرانيا.
وتفضل إيران الحفاظ على المسار التفاوضي مع واشنطن ثنائيًا، لضمان تنفيذ أي اتفاق وتجنب تنصل الأوروبيين أو ابتزاز روسيا. وأي تنازلات قد تقدمها ستكون مدروسة، مع التمسك بخطها الأحمر في التخصيب على أراضيها.