صدفة تكشف عميلًا: كيف تسللت الموساد إلى الساحة اللبنانية عبر صنعاء؟

صدفة تكشف عميلًا: كيف تسللت الموساد إلى الساحة اللبنانية عبر صنعاء؟

شهدت الساحة اللبنانية في الأسابيع الأخيرة تطورات أمنية متسارعة، تمثلت في الكشف عن شبكة عملاء للموساد الإسرائيلي داخل صفوف “حزب الله”.

وتجدر الإشارة إلى أن هذه الشبكة شملت شخصيات على صلة بقيادات ومراكز حساسة داخل الحزب. ويأتي هذا في ظل استمرار العمليات الإسرائيلية والقصف على الجنوب والضاحية، مما يثير مخاوف من تصاعد الصراع، ولا يكاد يمر أسبوع في لبنان بدون إلقاء القبض على عميل لإسرائيل في صفوف “حزب الله”.
ووفقًا لصحيفة الإندبندنت البريطانية، تتزامن هذه الاكتشافات الأمنية المهمة مع توقيف شخص يحمل الجنسية اليمنية، يشتبه بتجسسه لصالح إسرائيل. وفقًا للمعلومات التي حصلت عليها الصحيفة من مصادر لبنانية مطلعة، تمكن أحد الأجهزة الأمنية اللبنانية من اعتقال هذا اليمني الذي كان يتواصل مع جهات إسرائيلية. يُعتقد أنه كان وسيطًا بين “حزب الله” وجماعة الحوثي في اليمن، مما مكّنه من تزويد تل أبيب بمعلومات حساسة في الأشهر الماضية، تشمل تفاصيل عن الحوثيين وعن الحزب في اليمن ولبنان.

الكشف عن الجاسوس اليمني بالصدفة
وكشف مصدر قضائي أن الصدفة قادت إلى الكشف عن أمر الجاسوس اليمني. هذا الشخص، الذي ينحدر من صنعاء، وصل إلى العاصمة اللبنانية قبل نحو شهرين وأقام في أحد الفنادق. قبل أيام من توقيفه، حاول الدخول إلى مقر السفارة اليمنية في بيروت، بحجة التقدم لوظيفة في السفارة والرغبة في الإقامة بلبنان. بعد مشادة مع أمن وحراس السفارة، تم احتجازه ومصادرة هاتفه. أثناء فحص الهاتف، تبين وجود تواصل دائم مع أرقام إسرائيلية مشبوهة، ليتم بعدها توقيفه من قِبل النيابة العامة العسكرية.
في المقابل، كشفت مصادر صحافية مطلعة على الملف للإندبندنت أن حادثة السفارة اليمنية وقعت قبل عشرة أيام، وأن الشخص أصبح الآن في المحكمة العسكرية. وقد أظهرت التحقيقات الأولية أنه شارك معلومات عن الحوثيين، وليس عن “حزب الله”، مع الموساد الإسرائيلي.

وأفادت المعلومات المتداولة أن الشخص الموقوف، الذي لم تُكشف هويته بعد لأسباب أمنية، اعترف بالتعامل مع إسرائيل وتزويدهم بمعلومات حساسة. وقد ادعت النيابة العامة العسكرية عليه بجرم التعامل مع إسرائيل والتجسس لصالحها على الأراضي اللبنانية، وتزويدها بمعلومات تمس أمن الدولة. وقد أُحيل إلى قاضي التحقيق العسكري الذي استجوبه، وأصدر مذكرة توقيف وجاهية في حقه استنادًا إلى مواد الادعاء. مصادر من داخل “حزب الله” رفضت التعليق على هذه المعلومات، واكتفت بالقول لصحيفة الإندبندنت البريطانية: “لا معلومات مؤكدة حتى الساعة ولا تعليق”.

تاريخ طويل لاختراق الموساد “حزب الله”
ويؤكد متابعون أن الاغتيالات المتكررة لعناصر من “حزب الله” تُعزى إلى وجود عدد كبير من العملاء في صفوفه. يعود تاريخ لبنان مع العملاء الإسرائيليين إلى عقود طويلة، لكن الحرب الأخيرة كشفت عن وجودهم داخل بيئة “حزب الله” وحتى بين شخصيات قيادية. هذا الاختراق أسهم بشكل مباشر في استهداف إسرائيل لعدد من القيادات واغتيالهم في عمليات رصد وتتبع دقيقة.

وقبل أسابيع، جرى اعتقال منشد ديني ينتمي لـ”حزب الله” يُدعى محمد صالح بتهمة التعامل مع إسرائيل وكشفت التحقيقات أنه زود الموساد بمعلومات خطيرة للغاية أسفرت عن عمليات اغتيال طالت عشرات القادة والمسؤولين. 

واعتبر صالح أحد أخطر العملاء الذين جرى القبض عليهم منذ بدء الحرب الإسرائيلية على لبنان، نظرًا لقربه من عائلات هؤلاء القادة وتواجده اليومي معهم. ويُزعم أنه زود الإسرائيليين بمعلومات وإحداثيات عن تحركات قادة وكوادر الحزب مقابل مبلغ 23 ألف دولار أميركي. يُعتقد أن صالح أسهم في الوصول إلى المسؤول عن الملف الفلسطيني في الحزب، حسن بدير ونجله علي، اللذين اغتيلا في غارة نفذتها مسيرة إسرائيلية استهدفت منزلهما في حي الجاموس بالضاحية الجنوبية نهاية مارس الماضي.