ميليشيا أبو شباب: من تابعة لولاية سيناء إلى دعم نتنياهو

ميليشيا أبو شباب: من تابعة لولاية سيناء إلى دعم نتنياهو

تواجه إسرائيل اتهامات جديدة بتسليح ميليشيات يقودها شخص يُدعى ياسر أبو شباب، الذي كان وآخرون من أعضائه على صلة بتنظيم ولاية سيناء التابع لعصابة داعش الإرهابية. وقاتل الجيش المصري تكفيريي ولاية سيناء بين عامي 2014 و2021.

وفقًا لصحيفة الإندبندنت البريطانية، يصف المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، مركز أبحاث مقره في نيويورك، “القوات الشعبية” التي يقودها أبو شباب بأنها “جماعة مسلحة وعصابة إجرامية فلسطينية”. 

ويقدر أن لديها “عدة مئات من الأعضاء، معظمهم من عشيرة أبو شباب التي يُزعم أن لها صلات بتنظيم داعش الإرهابي. وبينما يواجه نتنياهو انتقادات بسبب تسليحه للميليشيات، يدافع البعض عن ذلك باعتباره “تكتيك” بالنظر إلى أولوية تل أبيب المعلنة وهي “هزيمة حماس”.

ويواجه رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، المعروف داخليًا بـ”بيبي”، طوفانًا من نوع آخر، إضافة إلى سلسلة من محاكمات الفساد. فقد ألقى السياسي اليميني المتطرف ووزير الخارجية الإسرائيلي السابق أفيجدور ليبرمان قنبلة قبل أيام، كاشفًا قيام “بيبي” بتسليح عصابات في غزة على صلة بتنظيم داعش الإرهابي.

وبدأ الأمر عندما قال ليبرمان في مقابلة مع قناة “كانال 12″ الإسرائيلية يوم الأربعاء الماضي إن نتنياهو نقل أسلحة إلى عشائر مرتبطة بتنظيم داعش داخل قطاع غزة لتقويض حماس من داخل أراضيها. وبينما نفت الجماعة التي تعرف بـ”القوات الشعبية” أية صلة، مدعية أنها تعمل بموجب تفويض من السلطة الوطنية الفلسطينية المتمركزة في الضفة الغربية.

وأثار الأمر على الفور فضيحة داخل إسرائيل في شأن كيفية إدارة حكومة نتنياهو للحرب في غزة. وبينما هاجم مكتب رئيس الوزراء تصريحات ليبرمان، لم ينفها.

وسعى مكتب نتنياهو في بيان الرد إلى تبرير تسليحه لتلك الجماعة قائلًا إن إسرائيل تعمل على هزيمة حماس بطرق مختلفة، بناءً على توصية جميع رؤساء الأجهزة الأمنية. لاحقًا، تطرق نتنياهو إلى الموضوع، مؤكدًا أن هذه الخطوة اتخذت بناءً على توصيات الجهات الأمنية، وقال: “ما الخطأ في ذلك؟ هذا أمر جيد. إنه ينقذ حياة جنود الجيش”، وانتقد نتنياهو إفصاح ليبرمان عن هذه المعلومات، معتبرًا أن ذلك “لم يخدم سوى ’حماس‘ ووصف الأمر بأنه “بالغ الخطورة”.

وحظي الأمر خلال الأيام القليلة الماضية بزخم أوسع بعدما سمحت الرقابة العسكرية بنشر بعض المعلومات حول هذه الجماعة التي تسمي “القوات الشعبية” وزعيمها ياسر أبو شباب، وهو من سكان رفح. وظهرت تفاصيل مقلقة عن أعضاء هذه الميليشيات وأنشطتهم السابقة والحالية، وروابطهم بجماعات إرهابية متطرفة.

من هو ياسر أبو شباب؟
فيما ذكرت صحيفة “يديعوت أحرنوت” أن أبو شباب في أوائل الثلاثينيات من عمره ينحدر من عائلة بدوية فقيرة شرق رفح وأسس ما يُعرف محليًا بـ”القوات الشعبية”. فيما ذكرت صحيفة “لوموند” الفرنسية أن أبو شباب ينحدر من قبيلة الترابين البدوية المنتشرة في كل من غزة وسيناء. 

وبحسب مصادر مطلعة تحدثت لموقع “واي نت” الإخباري الإسرائيلي، فإن هذه المجموعة لا تكتفي بمحاربة حماس فحسب، بل هي منظمة مسلحة بصورة كبيرة ولها سجل من الأنشطة الإرهابية ضد إسرائيل نفسها، إضافة إلى صلات بتنظيم داعش وتاريخ إجرامي.

فيما أفادت مصادر مقربة من قائد الميليشيات بأن أبو شباب تورط منذ الصغر في تجارة المخدرات، وبخاصة الحشيش والحبوب المخدرة، ثم عمل في “حراسة شاحنات المساعدات الإنسانية” التي تدخل غزة، وهو الدور الذي يُقال إنه استغله لسرقة البضائع والانخراط في نهب ممنهج للمساعدات. 

وبحسب ما أفادت به مصادر مجهولة للصحافة الإسرائيلية، فإنه قدم “خدمات أمنية” لقوافل مساعدات تابعة للصليب الأحمر ووكالة الأونروا والأمم المتحدة، لكنه عمليًا كان يبيع البضائع التي يحصل عليها من خلال هذا الدور. 

وذكر مصدر في الأمم المتحدة لموقع “واي نت” أن اسم أبو شباب ورد في مذكرة داخلية باعتباره مسؤولًا عن نهب واسع النطاق للمساعدات الإنسانية الداخلة إلى قطاع غزة.

ويقود أبو شباب حاليًا مجموعة مسلحة من نحو 500 شخص من سكان غزة، بعضهم من السجناء المفرج عنهم من سجون حماس، وفقًا لتقرير سابق نشرته شبكة “سي إن إن” الأمريكية وتزعم الصحيفة الإسرائيلية أن نحو 30 عائلة داخل شرق رفح تؤيده وتوفر له قاعدة دعم محلية، وأنه ومجموعته يتمتعون بحماية نسبية، إذ إن وجود جيش الاحتلال الإسرائيلي في المنطقة يقلل من احتمال تنفيذ غارات جوية، كما يوفر هذا الوجود غطاءً له ولميليشاه ضد انتقام محتمل من حماس.

“القوات الشعبية” ونشاطها
على الرغم من تعاون الميليشيات حاليًا مع جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد حماس، تشير تقارير إلى أن أعضاءها شاركوا في إطلاق صواريخ على إسرائيل سابقًا، ولديهم اتصالات مع فصائل تابعة لتنظيم داعش. وقال أحد المقربين من أبو شباب لموقع “واينت”: “نراهن على أن الجماهير ستنتفض ضد حماس. لدينا دعم واسع، وأبو شباب يُعد بطلًا لا يخشى أحدًا”.

حظيت “القوات الشعبية” بتغطية إعلامية للمرة الأولى خلال مايو 2024 عندما شن جيش الاحتلال هجومًا على مدينة رفح الجنوبية، وعملت في بعض الأحيان تحت اسم “جهاز مكافحة الإرهاب”. في مقابلة خلال ديسمبر 2024 مع صحيفة “نيويورك تايمز”، أقر أبو شباب بأن مجموعته تورطت في سرقة المساعدات الإنسانية من القوافل بعد اتهامها من قبل عدد من سائقي الشاحنات وعمال الإغاثة والسكان المحليين. وجادل آنذاك بأن هذه الأعمال تمت بدافع الضرورة للبقاء على قيد الحياة، في وقت كانت فيه حماس متهمة أيضًا بمداهمة الإمدادات وإعادة بيعها لجمع الأموال، وهو ما نفته حماس.